أمور دين الحق
وحدة الدين
وحدة الدين
الدين عند الله واحد، ودين الحق واحد، هو الدين الذي بُعث به ودعا إليه كل الأنبياء، قال تعالى:
{شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ} الشورى 13، {.... هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِير} [الحج:78]
هذا الدين هو الذي اكتمل بالرسالة المحمدية التي لكتابها الهيمنة على كل مصادر العلوم والأوامر الدينية، قال تعالى:
{..... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيم} [المائدة:3]، {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ....} [المائدة:48]
ولكون القرءان مهيمنًا على كتب الله الأخرى فهو بالأولى مهيمن على كل الكتب البشرية التي تتناول أمورًا دينية، ومنها الكتب التي تتضمن أقوالا نسبوها إلى الرسول فضلا عمَّن هم من دونه، وكل محاولة لإنزال القرءان الكريم دون هذه المرتبة ليست إلا محاولة شيطانية مهما كان العنوان الذي يعطونه لها.
لذلك فقد كان كتاب الله دائما المصدر الأوحد والمرجع الأوحد لكل أمور الدين الكبرى، وما تفرق الدين إلا باتباع ما هو من دونه.
وما كان رسول الله شيعيا ولا سنيا ولا أشعريا ولا ماتريديا ولا سلفيا ولا وهابيا ولا متصوفا ولا معتزليا، ولكن كان حنيفا مسلما، وكذلك لم يكن السابقون الأولون يعلمون شيئا عن هذه المذاهب التي تفرَّق إليها الدين، ولقد تفرقت الأمة لأسباب عديدة أهمها وجود حزب قوي من المنافقين والمبدلين والمنقلبين على الأعقاب والأعراب الذين أسلموا ولما يؤمنوا ووجود أهل البغي وعبيد الدنيا، ولأن القول حقَّ على أكثرهم فلم يؤمنوا، ولأن أكثر الذين آمنوا أشركوا، وكذلك لوجود الموتورين من أهل الكتاب والمجوس الذين بالغ الأعراب في امتهانهم وقضوا على حضارتهم، والعصبية القبلية، هذا بالإضافة إلى عمل الشيطان الذي هو للإنسان عدو مضل مبين، وكانت نتيجة كل ذلك أن تفرق الدين، وظهرت المذاهب التي حلت محله، والتي دفعت الأمة الثمن من دمائها بسببها باهظا، والتي تسببت في فشلها في حمل رسالة الحق إلى غيرها وفي أداء المهام المنوطة بها وجعلت بأسها بينها.
ومن هؤلاء المنافقين الذين تسببوا في انحراف الأمة كان هناك بعض الأكابر ممن يقدسهم الناس الآن ويتعبدون بتسييدهم والترضي عليهم!
*******
خلاصة القول في المذاهب والأديان التي حلت محلّ الإسلام
الموجود على الساحة الآن هو مذاهب، أو بالأحرى أديان، حلَّت محلّ الإسلام الماثل في القرءان، فالاختلافات بينها وبينه جذرية، وليست شكلية.
وأتباع كل مذهب يظنون أن ما ألفوا عليه آباءهم هو الحق المطلق الذي يجب أن يحاكموا إليه الآخرين، فشغلوا بأحوال غيرهم عن عيوب أنفسهم، والتمذهب هو الداء الوبيل الذي ضرب هذه الأمة، وتفريق الدين هو إثم من كبائر الإثم، ذلك لأنه مضاد للركن الأول الملزم للمسلمين؛ وهو وحدة الدين، بل إنه ضرب من ضروب الشرك، قال تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ}الأنعام159، {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ{30} مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ{31} مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ{32}الروم، {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ}الشورى13.
وقد نهى الله تعالى عن التفرق وحذَّر من الاختلاف، قال تعالى:
{وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} آل عمران105، {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ{118} إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ{119} هود.
فما من مذهب محسوب على الإسلام إلا وهو قائم على مقولات وتشريعات بشرية لا أصل لها في القرءان ولم يأذن بها الله، وكل مذهب له ما يميزه من العقائد الباطلة الشركية، وأتباع المذاهب يزعمون لسدنتها مكانة إلهية، قال تعالى:
{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلاَ كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم} [الشورى:21]
ولذلك لا يخلو أكثر من آمنوا من الشرك، قال تعالى:
{وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُون} [يوسف:106]
ولا يخلو مذهب من المذاهب التي حلت محلّ الإسلام من شيءٍ من الكفر ببعض عناصر وأمور الدين، كفرًا صريحًا أو ضمنيا.
وعلى سبيل المثال هم يكفرون بالاسم الإلهي ربّ العالمين، فكل مذهب يزعم أنه ربهم الخاصّ بهم من دون الناس، وهم يحيون ويتصرفون بمقتضى ذلك، وهذه عقيدة تلمودية تسرَّبت إلى التراث وأصبحت من أركان الأديان التي حلت محلّ الإسلام.
ومنهم من يسلك سلوكًا إجراميا مشينا بمقتضى هذا الاعتقاد، ومنهم من يتقولون على من لا يكون ضالا مثلهم أو يقذفونه بأبشع ما لديهم من اتهامات، وكلهم يجمع بينهم أنهم لن يرقبوا في مسلمٍ اختلف عنهم إلًّا ولا ذمة.
وهم يكفرون بالكثير من أوامر وأمور وقيم الدين الماثلة في القرءان الكريم، كما يكفرون بالأوزان القرءانية للأمور الدينية.
أما عقائدهم الكفرية والشركية فهي خطيرة ومهلكة.
وباختصار: لا يمكن أن تفلح أمة تأخذ بالعقائد المميزة للأديان السنية أو الشيعية التي حلت محلّ الإسلام على محمل الجدّ.
مثال:
من العقائد والسمات والسلوكيات الكفرية والشركية المهلكة التي يتميز بها الدين السني:
1. اتخاذهم ما يسمونه بالسنة، وهي باختصار محتوى كتب المرويات، قاضية على كتاب الله وحاكمة عليه، وناسخة له عن التعارض.
2. اتخاذهم (السنة) المصدر الكبر الحقيقي للدين، فبها 75% على الأقل من مادة دينهم، بل منها يأخذون هيكل دينهم ومصطلحاته وأوزان أموره.
3. كل عقائدهم وسلوكياتهم تستبطن اتخاذ القرءان مهجورا والكفر به، مهما تباروا في استظهاره وجودوا في تلاوته.
4. اختلاقهم طبقات من الأرباب المشرعين في الدين، على رأسهم من يسمونهم بالصحابة.
5. تقديس ما يسمونه بـ(الصحابة)، واتخاذهم لهم، خاصة أهل البغي وعبيد الدنيا منهم، أربابًا ومعيارًا للحكم على الناس والحكم بكفرهم وسفك دمائهم.
6. محاولاتهم لي عنق آيات القرءان لاستنطاقها بما يتفق وتحريفاتهم.
7. عدم وجود مكان حقيقي في دينهم للأمور الوجدانية والجوهرية
8. عدم وجود منظومة قيم حقيقية مؤثرة.
9. ازدراؤهم لحقوق الإنسان وجعل انتهاكها تشريعات ملزمة.
10. استهانتهم بحرمة الدماء البشرية، وتشريع قتل الإنسان على أهون الأسباب.
11. تبنيهم لتشريعات دموية إجرامية للتعامل مع الآخرين.
12. تقديسهم للقائمين على الأمور وإعطاء كل الحقوق لهم مع التفريط التام في حقوق الناس عليهم.
13. تقديسهم لكل طاغية أو سفاح أباد لهم خصومهم في المذهب.
14. العداء المطلق لكافة الملكات الإنسانية العليا.
15. تقديسهم لعادات وتقاليد وأعراف ونزعات الأعراب.
16. عداؤهم لكل أسباب التقدم والحضارة.
17. إيمانهم بخرافات تقوض أسس الدين، ومن ذلك خرافة عودة المسيح.
18. إيمانهم بوجوب خضوع الناس لما يسمونه بالخليفة القرشي، وازدراؤهم لمفهوم المواطنة.
19. اختلاقهم لطبقة طفيلية تتاجر بالدين تعطي لنفسها كافة حقوق الكهنوت، ويؤمن أتباع هذا الدين بأنها تملك الحقائق المطلقة ومفاتيح الجنة.
20. إيمانهم بأنهم الفرقة الناجية وأن الانتماء إليهم هو السبيل الوحيد للفوز والنجاة
*****
إنه مما لا شك فيه أن تفريقَ الدين هو إثم من كبائر الإثم، ولقد نهى الله تعالى عنه، قال تعالى:
{شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ}الشورى13، ولقد أعلن الله تعالى في القرءان براءة الرسول من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ}الأنعام159، بل لقد أعلن الله تعالى أن الذين فرقوا دينهم الفرحين بما هم عليه من المشركين، قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ{30} مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ{31} مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ{32} الروم.
لذلك من اتبع مذهبا جازما أنه المذهب الصحيح لمجرد أنه ألفى عليه آباءَه هو ضال مشرك، وبالطبع يزعم أتباع كل مذهب أن لديهم الإسلام الصحيح، بل يزعم عتاة المجرمين من أتباع الدين السلفي أن من خالفهم من المسلمين هو أكفر من اليهود والنصارى!! ويبيحون لأنفسهم دمه، وهذا يكشف أنهم اتخذوا من سدنة مذاهبهم ومقولاتهم أربابا من دون الله تعالى، فهم لا يعنيهم في شيء أن يكون أتباع المذهب الذي كفَّروه يؤمنون بالله وكتابه ورسوله واليوم الآخر! فالمهم عندهم هو موقفهم ممن اتخذوهم أربابا حقيقيين ومشرعين، فهؤلاء الأرباب المزعومون هم بذلك أعز عندهم من الله وكتابه ورسوله ودينه!
والتشريع في الدين هو بالأصالة لله تعالى، فالشريعة تكون بالأمر الإلهي وبالجعل الإلهي، قال تعالى:
{ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ }الجاثية18، {....لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}المائدة48، {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ }الشورى13، {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }الشورى21.
والشريعة في بعض الأمور الجزئية يمكن أن تكون للرسل بإذن ربهم، ولكل ذلك فكل من ادعى لبشر سلطة التشريع الديني يكون قد أشرك بالله تعالى لكونه قد زعم شأنا وحقا إلهيا لمخلوق من مخلوقات الله تعالى.
*****
وخلاصة القول في المذاهب التي حلت محلّ الإسلام كما يلي:
1. دين الحق أعظم وأكبر وأرقى كثيرا من المذاهب، أو بالأحرى الأديان، التي حلت محله.
2. الاختلافات بين هذه المذاهب وبين دين الحق جذرية، وليست شكلية ولا هامشية.
3. دين الحق غريب ولا يعرفه الآن إلا قليلون، وبعض المسلمين يمارسونه دون أن يعرفوا بنيانه النظري التام، هذا لأن من عقد العزم على أن يعمل بمقتضى كل الأوامر القرءانية هو متبع بالضرورة لدين الحق.
4. كل المذاهب التي حلَّت محلّ دين الحق لا تمثله تمثيلا صادقا، وكلها نشأت لأسباب سياسية وتاريخية، واتِّباعها غير ملزم لأحد، فدين الحق واحد.
5. لا يخلو مذهب من هذه المذاهب من حقٍّ وباطل ممتزجين بنسب متفاوتة، لذلك لا يجوز ضرب مذهب بما فيه من باطل مع التغاضي عما فيه من الحق.
6. لا يخلو مذهب من هذه المذاهب من كفريات وشركيات خطيرة، ومن الكفريات كفرهم بالكثير من آيات القرءان وبمنهجه، ومن الشركيات اتخاذهم شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ.
7. لا يخلوا مذهب من هذه المذاهب من عقائد أحدثوها وجعلوها محور دينهم.
8. الأخذ بأي مذهب ككل واحد قد ثبت على مدى القرون أثره المدمر على من أخذوا به، ومع اختلاف المذاهب فقد فشلت كلها فشلا ذريعا في تحقيق مقاصد دين الحق.
9. لم ينج من الناس إلا قلة بسبب اعتصامهم بجوهر الدين وعدم تعمقهم في المذاهب أو خوضهم فيها.
10. هذه المذاهب هي التي تجذَّرت مقولاتها وممارساتها في نفوس أكثر المحسوبين على الإسلام، وهي التي أنتجت وتنتج هذه الشعوب الفاشلة المحبطة ومن تسلط أو يتسلط عليهم من الطغاة والمستبدين والسفاحين واللصوص والمجرمين، وهي التي تنتج طابورا هائلا من المجرمين وسفاكي الدماء والمفسدين في الأرض بدءا بالأمويين وعملائهم والعباسيين من بعدهم ومرورا بتيمورلنك وسليم السفاح العثماني ونادر شاه إلى السلفية الوهابية والقاعدة والسلفية الجهادية وداعش في العصر الحديث.
11. النهضات الجزئية التي كانت تحدث من حين لآخر في الدول المحسوبة على الإسلام كانت تتم رغم أنف المذاهب ومتبعيها، لذلك سرعان ما كان يتم إحباطها.
12. شعار العودة إلى الدين الذي يرفعه المحسوبون ظلمًا على الإسلام هو الذي تمَّ به القضاء على كل نهضة وليدة في العالم المحسوب على الإسلام، ذلك لأن هذه العودة لا تعني إلا العودة إلى المذاهب التي حلَّت محلّ الإسلام، والتي لها آثارها التخريبية والتدميرية المعلومة.
13. لذلك لا أمل لهذه الأمة في النجاة والتقدم إلا بالتخلي عن هذه المذاهب والعودة إلى دين الحق، والتخلي الجزئي عن بعض عناصر هذه المذاهب هو الذي مكَّن بعض الشعوب المحسوبة على الإسلام من تحقيق بعض التقدم في العصور الحديثة.
14. غير المسلمين ليسوا ملزمين باتباع مثل هذه المذاهب لأنها لا تحقق شروط البلاغ المبين، بل هي تحقق ما يلزم لصدّ الناس عن سبيل الله تعالى، فوجودها رحمة لغير المسلمين لأنها تعطيهم العذر الكافي لرفض ما يظن الناس أنه الإسلام.
*******
1