كتب أ.د. حسني المتعافي
مقدمة كتاب 171، أمور دين الحق 4
مقدمة
يقدم هذا الكتاب منظومة من منظومات دين الحق، هي منظومة الأمور القرءانية؛ أي منظومة أمور دين الحق، واستخلاص هذه المنظومة يستند إلى نظرية دينية هامة اهتدينا إليها بفضل الله تعالى هي "نظرية الأمور القرءانية".
و"الأمور" هي جمع "أمر"، فكلمة "أمر" المستعملة هنا هي مفردة "أمور" وليست مفردة "أوامر Commands"، والأمر هو مصطلح عام له معانيه العديدة، فمن معانيه المستعملة هنا: عنصر، شيء، مكوِّن، أمر Command, order الذي جمعه أوامر، ...
فالمقصود هو عنصر أو مكون من مكونات الدين ورد ذكره صراحة في القرءان الكريم، أو هو من فحوى أو المفهوم المباشر لما ورد فيه بطريقة صريحة، هذا العنصر قد يكون أمرًا ملزما، وقد يكون قيمة أو صفة يجب التحلي بها، .... الخ.
وعلى سبيل المثل فمن الأمور القرءانية المذكورة صراحة أن يؤمن الإنسان بالله وأن يدعوه بأسمائه الحسنى، لذلك فمن أمور الدين السابقة واللازمة والمتقدمة العلم بأسماء الله الحسنى، وكذلك من الأمور الدينية: الدعاء بها والاستجابة لله بالعيش وفق مقتضياتها، وكذلك من أمور الدين مثلا: ذكر الله، إقامة الصلاة، إيتاء الزكاة، التزكي، التقوى، الحكمة، العلم، التوكل على الله، الشكر لله، الاستغفار، الصبر، ......
ويتضمن الكتاب شرحًا لنظرية الأمور بحيث يمكن استعمالها لاستخلاص الأمور القرءانية الكبرى طبقا للميزان القرءاني.
ومنظومة الأمور القرءانية هي تفصيل لمنظومة الأركان، وهي تساعد على استكمال فقه المنهج القرءاني وما يتضمنه القرءان من أوامر وصايا وتعليمات، وكذلك تساعد على فقه المقاصد القرءانية، وهي لازمة لكل كيان مسلم ليعلم الأهم فالمهم من الأمور الدينية الملزمة له واللازمة ليتحقق بالكمال المنشود له وليحقق في نفسه ولنفسه مقاصد الدين العظمى.
وكان قد سبق نشر الكثير من مواد هذه السلسلة في سلسلة أخرى بدأ نشرها في فبراير 2016 باسم الأوامر القرءانية الكبرى، فيمكن اعتبار هذه السلسلة طبعة مزيدة ومنقحة للسلسلة الأولى، كما أنها تتضمن، أيضًا بعضًا من أجزاء كتاب مختصر أركان دين الحق، 2015.
وهذا الكتاب هو الجزء الرابع من مجموعة كتب تقدم منظومة من منظومات دين الحق، هي منظومة الأمور القرءانية، واستخلاص هذه المنظومة يستند إلى نظرية دينية هامة اهتدينا إليها بفضل الله تعالى هي "نظرية الأمور القرءانية"، وقد تمَّ تقديمها وبيانها في الجزء الأول من هذه السلسلة وفي كتب أخرى للمؤلف.
ومنظومة الأمور القرءانية هي تفصيل لمنظومة الأركان، وهي تساعد على استكمال فقه المنهج القرءاني وما يتضمنه القرءان من أوامر وصايا وتعليمات، وكذلك تساعد على فقه المقاصد القرءانية، وهي لازمة لكل كيان مسلم ليعلم الأهم فالمهم من الأمور الدينية الملزمة له واللازمة ليتحقق بالكمال المنشود له وليحقق في نفسه ولنفسه مقاصد الدين العظمى.
والأمر القرءاني هو عنصر قرءاني ديني يقتضي عملا من الإنسان، بينما يتكون الركن من أمرٍ قرءاني فأكثر، والأمور القرءانية التي يتضمنها ركنٌ واحد تكون مرتبطة ببعضها البعض بطريقةٍ ما.
والأمر القرءاني لا يجيء بالضرورة في صورة أمر لغوي، ولكنه قد يأتي في صورة مقتضى من مقتضيات شأن إلهي مذكور، أو في صورة جملة خبرية توجب أمرًا أو تنهى عن أمر، وقد يكون الأمر معبرا عنه بالنهي عما يضاده، فالنهي عن الإفساد في الأرض مثلا يعني بمصطلحات العصر الحديث الحفاظ على البيئة.
ويتضمن الكتاب مجموعة من الأمور القرءانية الهامة، بالإضافة إلى مزيد من الشرح لبعض الأركان الدينية الكبرى.
والأمر القرءاني الكبير هو الأمر الذي ورد بطريقة مؤكدة، ومن طرق التأكيد أن ترد الإشارة إليه أكثر من مرة في آيات القرءان بأية طريقة من الطرق طبقا للمنهج والأسلوب القرءاني.
وللأمر القرءاني أنواع أصلية رئيسة تتفرع إلى فروع عديدة، والأنواع الأصلية الرئيسة هي:
1. قد ينسب الله الأمر إلى نفسه بطريقة صريحة في الآية المنفردة.
2. قد يرد الأمر في صورة جملة أمرية صريحة.
3. قد يرد مضمون الأمر معبرًا عنه كعمل طائفة من الذين أنعم الله عليهم أو أثني عليهم أو بشرهم بالجنة أو أعلن رضاه عنهم أو أعلن حبه لهم أو ذكرهم بسمات حسنة مثل الإيمان أو الإسلام أو الفلاح أو التقوى أو الصلاح أو الإحسان أو الإخبات أو البرّ.
4. قد يرد مضمون الأمر بالانتهاء والاجتناب كصفة أو كعمل لطائفة أعلن الله تعالى أنه لا يحبها وتوعَّدها أو لعنها أو بشَّرها بجهنم أو أعلن غضبه عليها.
ويجب العلم بأن هناك أوامر قرءانية ملزمة للإنسان في كل أحواله وأوقاته مثل "ذكر الله"، و"العمل على إقامة صلة وثيقة بالله" و"التفكر" وهناك أوامر موقوتة مثل "إقامة الصلاة" و"صيام رمضان"، وهناك أوامر يتم تنفيذها في حالة توفر ما يلزم لها مثل:
1. الحج، فلابد من الاستطاعة المناسبة.
2. إيتاء الزكاة، لابد لها من توفر ما يلزم من مال ووجود أمة حقيقية تتخذ من الإسلام منهج حياة، والإنسان ليس مطالبا بأن يعمل على أن يتوفر هذا المال.
3. الإحسان إلى اليتامى، هذا إذا ما كان بعضهم، والإنسان ليس مطالبا بالطبع بإيجاد يتامى ليحسن إليهم، وهذه قاعدة عامة.
4. القتال في سبيل الله، ولكي يكون القتال في سبيل الله يجب أن تتوفر الشروط الشرعية، ومنها أن يكون هناك عدو مبين اعتدى على المسلمين أو حاول فتنتهم في دينهم أو إخراجهم من ديارهم، وبالطبع ليس مطلوبا من الإنسان أن يخلق عدوا ليقاتله.
*******
ملحوظة: بصفة عامة، لا علاقة لترتيب ورود الأمر في هذه السلسلة من الكتب بالوزن الحقيقي للأمر.
*******
1