المثاني والحلقات الإلهية
الاسم الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ
قالَ تعالى:
{فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} الأنعام96 * {إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ }النمل78 * {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} يس38 * {تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ }غافر2 * {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} فصلت12 * {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} الزخرف9.
فالمثنى "الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ" هو من أسماء النسق الأول من الأسماء الحسنى، وهو من الأسماء التي وردت صراحة كعَلَم على الذات الإلهية.
ذلك الاسم يشير إلى السمة التي تفصيلها العزة المقترنة بالعلم، فالعلم الذي يشير إليه هذا الاسم عزيز الجناب صعب المنال ويستلزم جهدا هائلاً للوصول إليه، وإلي هذا العلم يستند تقدير الأمور الكونية الكبرى، فالتقدير أو الخلق يعني أمورا عديدة منها التصميم (To Design) الذي يقوم به على المستوى البشري المهندسون المصممون المقتدرون، وهو يتطلب العزة المقترنة بالعلم لأن خلق الأمور المذكورة يتطلب من العلم المحيط الشامل ما يعزُّ علي كل ما هو من دونه، وهذا التقدير يستلزم الإدراك التام والحساب الدقيق لمسارات الأجرام السماوية التي هي لبنات بناء السماء الدنيا، وهو يستلزم أن يوحي في كل سماء أمرها الخاص بها، أي القوانين والسنن المتعلقة بكل ما فيها، وبكيفية نزول الأمر منها وعروجه إليها وفيها وبكيفية تلقي ملائكة كل سماء لأوامر العليّ الكبير.
فالاسم "الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ" يقتضي تقدير وصياغة القوانين والسنن لكافة العوالم اللطيفة والكثيفة والآيات الكونية الكبرى وترتيب الأمور في هذه العوالم، وكما يتولى هذا الاسم صياغة آيات الكتاب المنظور فإنه يتولى ذلك الأمر في الكتاب المقروء، فهو من أسماء تنزيل الكتاب، وبه تنزل الآيات من مقام العزة الذي يعلو مقام الإحكام إلى مقام العلم فتصبح بذلك أكثر تفصيلا، وبذلك تكون ملائمة لإدراك الإنسان يدرك منها كل إنسان بقدر وسعه، ومن حيث هذا الاسم يقضي الله تعالى في الأمور الكبرى كالنزاعات بين الطوائف والنحل المتعلقة بالأمور الدينية.
والاسم "الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ" من منظومة أسماء العلم، وهو يشير إلى أن من لديه العلم الحقيقي يكون بالضرورة عزيزا، وهذا الأمر متحقق بالضرورة على المستوى الجوهري، فثمة ارتباط قوي موجب بين العلم وبين العزة، وكلما ازدادت البشرية رقيا ازدادت أهمية العلم وأصبح من لديه العلم الحقيقي أقدر وأعز وأقوى.
إن كل سمة يخطر على بال إنسانٍ ما أنها من لوازم الكائن الذي يمكن أن يكون قد خلق السماوات والأرض هي من تفاصيل ولوازم السمة التي يشير إليها المثنى "الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ"، ولذلك ذكرت الآية بكل بثقة تامة ويقين مطلق:
{وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} الزخرف9،
فحتى لو زعم أحدهم أن الطبيعة أو الصدفة هي التي خَلَقَت السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فسيضطر لكي يصف ما ظن أنه الخالق بصفات هي من تفاصيل ولوازم هذا المثنى!
ومن مهام هذا الاسم القضاء والحكم بين الناس، والقضاء النهائي الحاسم بين الناس يستلزم العزة المقترنة بالعلم المحيط الشامل، وبذلك يكون الحكم دامغا للباطل محقَّـاً للحق ولا يستطيع أحدهم أن ينكره أو أن يجد فيه أي أثارة من باطل.
وهذا الاسم هو الذي اقتضى أن يكون الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانا، فقد كانت حركات الشمس والقمر وتغير أطوارهما المرئية الظاهرة للإنسان من وسائل تعليمه الحساب والتقويم.
ولقد أوتي الرسول الأعظم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ المثنى الأمري "العزيز العليم" الذي هو مقتضى المثنى الإلهي "الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ"، وهو من الأسماء التي اقتضت بالنسبة إليه أن ينزل عليه الكتاب وأن يحث الناس على احترام القوانين والآيات والسنن وتدبرها والتفكر فيها وأن يحيط علما بأمور السماوات العلى وكيفية نزول الأمر وعروجه فيها، ولذا كان له عروج إليها كلما تطلب الأمر ذلك، ولذلك أيضا كانت حقائق حملة العرش من تفاصيل حقيقته المحكمة، والعروج لا يستلزم بالضرورة انتقالاً جسديا، واقتضى ذلك المثنى أيضا أن يلي أمر قومه، وأن يتضمن دينه تشريعا، وأن يقضي فيما بينهم بأمر ربه.
ولما كانت مقتضيات هذا الاسم هي الأمور الكلية الكبرى فقد ظهر ذلك في احتفاله بالأمور والمقاصد العظمى، وكذلك في اعتماده الشورى كوسيلة للوصول إلى الحلول المثلى للأمور التفصيلية المتعلقة بالأحداث الجارية والوقائع اليومية والأمور المعاشية.
وقد اقتضى هذا المثنى أيضا أن يوكل إليه أمر الحكم بين الناس في عصره، وألزم الناس بأن يحكِّموه فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ وأن يقبلوا بحكمه، قال تعالى:
{فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } النساء65، {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً } النساء105، {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }المائدة48، {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ }المائدة49،
والحكم هو خاص بمن ارتضى الإسلام دينا، أما الآخرون فقد كان مخيرا في أمرهم،
{.....فَإِن جَاؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}المائدة42،
وذلك هو الأمر الطبيعي، وذلك من مقتضيات عالمية الدين وصلاحيته لكل زمان ومكان.
ومن مهامه بمقتضى هذا الاسم أنه أوكل إليه مهام تعليم الأميين والمؤمنين الكتاب والحكمة وما لم يكونوا يعلمون، قال تعالى:
{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِين} [الجمعة:2]، {لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِين} [آل عمران:164]، {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُون} [البقرة:151]
وكل مسلم مطالب بالتحقق بالصفات التي يشير إليها الاسم "الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ"، فيجب أن يطلب العلم وأن يعتز به، والعلم الحقيقي هو العلم الذي تتحقق به للإنسان وللأمة العزة ويصون الكرامة، وليس الذي يجلب عليها الخزي والعار والهزيمة والذلة كأكثر ما يُسمَّى بعلوم السلف، كما يجب القضاء على الجهل وتبيين أنه مرادف للخزي، والجهل هو ما يزعم عبيد نعال السلف أنه العلم، فيجب كشف وفضح هؤلاء على رؤوس الأشهاد حتى يزدريهم كل مسلم مهما امتلكوا من حطام الدنيا وتفاخروا بها أمام الناس واستخفُّوا بها الدواب الذين يتبعونهم بغير علم.
والمثنى "الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ" من أسماء:
منظومة أسماء التنزيل والتفصيل
منظومة أسماء السنن الكونية العامة
منظومة أسماء العلم
منظومة أسماء العزة
وهو من أسماء حلقات النوع الثاني الآتية:
الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ-العزيز-الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ-العليم-العليم الحليم-الحليم-الحليم الغفور-الغفور-الغفور الشكور-الشكور -الشكور الحليم-الحليم
الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ-العزيز-العزيز العليم-العليم-العليم الحكيم-الحكيم-الحكيم العليم-العليم
وهو من أسماء حلقات من النوع الثالث، ومنها:
الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ-العزيز-العزيز العليم-العليم-العليم الخبير-الخبير-الخبير البصير-البصير
الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ-العزيز-العزيز العليم-العليم-العليم الحكيم-الحكيم-الحكيم الحميد-الحميد
الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ-العزيز-العزيز العليم-العليم-العليم الحكيم-الحكيم-الحكيم الخبير-الخبير-الخبير البصير-البصير
الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ-العزيز-العزيز العليم-العليم-العليم القدير-القدير
الاسمية
الاتساق مع تعريف الاسم: 1
درجة البساطة: 1
درجة الطلاقة: 1
درجة الاسمية: 1
درجة الورود: 1
يحقق الورود المؤكد؛ خبر مؤكد لجملة اسمية مؤكدة.
درجة الورود: يحقق الورود المؤكد؛ يرد دائمًا كعَلَم، مُعرَّف دائمًا، مذكور في آية بمفرده.
*******
1