top of page

حقيقة مصطلح السنة

حوار حول مفهوم السنة

حوار حول مفهوم السنة


قال خليل: لماذا تنكرون السنة؟ وماذا رأيتم من السنة حتى تكرهوها؟

قال أمجد: وما هي السنة؟!

- نعم؟!!

- ما هي السنة التي تتهمنا بإنكارها؟

- السنة هي كل ما أُثِر عن الرسول من قول أو فعل أو تقرير أو خلق أو خُلُق

- وما هو دليلك على أن السنة هي ما تقول؟

- نعم؟!

- ما هو دليلك على أن السنة هي ما تقول؟ ومن الذي صاغ هذا التعريف للسنة؟

- فففففي الحقيقة، لا أعلم!! ولكنه قول فلان بن علان وعلان بن فلان من السلف! وقد أجمعت عليه الأمة وتلقته بالقبول و....

- ولا يخالف عنه إلا خالع للربقة مفارق للملة متبع غير سبيل المؤمنين، فيجب قتله وتحليله إلى مكوناته الذرية .... الخ، لم تشهد البشرية مذهبًا أو بالأحرى دينًا يتصف بمثل هذا الإجرام الفجّ الصريح، تختلقون باطلًا، ثم تفرضونه على الناس بالقهر والإرهاب!!!

- هذا كلام مرسل!

- ما هي مكانة السنة في دينكم؟

- هي الأصل الثاني والمصدر الثاني للتشريع

- وهي الحاكمة والقاضية على القرءان، أليس كذلك؟

- ننننننننننعم

- إذا كان لما تسمونه بالسنة تلك المكانة الهائلة فلماذا لم يرد تعريفها هذا في نصّ قرءاني قطعي محكم؟ وما هي مهام كتاب الله العزيز عندكم إذا لم يحدد مصادر الدين الرئيسة؟

- ألم يرد في القرءان {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب} [الحشر:7]؟

- لماذا تقتطع جزءا من آية قرءانية ومن سياقها لتضرب به القرءان؟ النصّ يقول: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7) لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8)} الحشر، فالحديث هو عن الفيء وكيفية توزيعه وتأمرهم بطاعة الرسول لأنهم يتصرف بمقتضى الرسالة التي حملها إليهم.

- أليست العبرة بعموم اللفظ، وليس بخصوص السبب؟

- وهل هذه القاعدة قانون كوني مطلق كقانون بقاء الطاقة مثلًا يجب أن تعمله وأنت مغمض العينين؟ ومع ذلك فالأمر هو بأخذ "مَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ" والانتهاء عما نهى عنه، ومَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ، إذا أردت العموم، هو الرسالة يجب أن تأخذها، فالرسول هو الحامل لرسالة، كما يجب أن تنتهي عما نهاك الرسول بمقتضى هذه الرسالة، فكل أوامره ونواهيه هي في إطار ما حمله إليهم من رسالة، هي التي أوجبت لهم عليه حقَّ الطاعة.

- ألم يكن الرسول يتلقى وحيًا خاصًّا نسميه بالوحي الثاني أو السنة أيضًا، ويجب طاعته؟

- العلاقة بين الرسول وربه فوق ما تتخيل، ولكن هذا شأنٌ خاص، لا علاقة لكم أنتم به، وأنتم بقولكم بالوحي الثاني أشركتم وقسمتم الدين وأدخلتم فيه ما لا حصر له من الأرباب المشرعين، فقلتم "طاعة الله هي طاعة القرءان، وطاعة الرسول هي طاعة السنة"، أما السنة فهي في النهاية ليست إلا كتب المرويات بحالتها البائسة التي جنت على المسلمين وعلى البشرية جمعاء، فأنتم جعلتم من كتَب كُتُب المرويات، أو من نُسِبت إليه هذه الكتب، أربابًا مشرعين، كما جعلتم أيضًا من نسبوا هم إليه مروياتهم أربابًا مشرعين.

- ماذا؟!

- لقد جعلتم من الإله الثاني ما لا حصر له من الأرباب الذين يتزايدون قرنًا بعد قرن، وجعلتم من المصدر الثاني أساسًا لمصادر أخرى، فاختلقتم دينًا جديدا، فاتبعتم سنن من قبلكم الذين ألهوا المسيح فأصبح هو الإله الأثير عندهم والأحب إلى قلوبهم!

- أتشبهنا بالنصارى؟

- وكلامكم يثبت حقيقة الأمر، فأنتم جعلتم المصدر الثانوي (باعترافكم) حاكمًا وقاضيًا بل وناسخًا عند التعارض للمصدر الأول، فأثبتكم تناقض وتهافت دينكم، وفوق ذلك كفرتم بكل الآيات التي تبين مكانة القرءان الكريم، وتبين أنه العلي الحكيم والمهيمن على كل مصادر الدين.

- ألا تجد في القرءان مبهما يحتاج إلى تبيين، ومطلقًا يحتاج إلى تقييد، ومجملًا يحتاج إلى تفصيل وعام بحاجة إلى تخصيص و ...

- أنتم بذلك لا تريدون إلا (كبح جماح) القرءان وإلزامه بما قررته مروياتكم، وأنتم بذلك تثبتون من جديد أن المرويات هي مصدر دينكم الرئيس، وأنتم فوق ذلك تكفرون بمنظومة سمات القرءان الثابتة بالقرءان، ومن عناصرها أن القرءان مبين ومبيِّن وتبيان لكل شيء، وأنه الحق، والمهيمن، والعلي الحكيم، وأنه مفصَّل على علم، وأنه كلمة الله تامة ...

- وأين تفاصيل الصلوات؟ أين صلاة الظهر؟

- أنت بذلك تعرض عن كل ما قيل، وتكفر بالله وكتابه وكلامه بحجة أنه لم يذكر شيئا عن صلاة الظهر، لمن تؤدون صلاة الظهر إذًا؟ أنتم تقولون لربكم: "لا قيمة لكل ما ذكرته عن القرءان لأنه لم يتضمن تفاصيل الصلاة، ولم يذكر شيئا عن صلاة الظهر، لم نجد ما نريد إلا في كتب المرويات، لذلك فهي الأولى بالاتباع"

- لا تقولنا ما لم نقل!

- حسابكم عند ربكم الذي لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء، والذي يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُور.

- فكيف إذًا ثبتت الصلوات الخمس إذا كان لها مكان في دينكم؟

- إقامة الصلوات الخمس هي من أركان دين الحقّ، وأركانها في نفسها ثابتة بالقرءان، وأنتم لا تقيمون وزنًا للأركان القرءانية متذرعين بأي ذريعة، والمشكلة أنكم تكفرون بكتب الله السابقة مع أنكم مأمورون بالإيمان بها، إنه يجب عليكم أن تعلموا أن الرسالة المحمدية هي التي اكتمل بها الدين الواحد.

- ما علاقة هذا بذاك؟ كلام غير مفهوم!

- بالفعل لا جدوى من إهدار الوقت معك!

قال خليل السلفي:

عذرًا، ولكن القرءان قال إن الرسول مَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى

قال محسن:

السياق يوضح ويبين أن الحديث هو عن القرءان الكريم، ولكنكم تريدون أن تزعموا أن الرسول كان لا ينطق بشيء إلا إذا نزل به وحي، وهذا بالطبع ليس بصحيح، وأنتم أول المكذبين به كما هو ظاهر وثابت في كتبكم المقدسة الحقيقية.

فأنتم الذين كذبتم بما ذكره القرءان، ومروياتكم تؤكد أن الرسول كان ينطق عن الهوى، بل لديكم مروية عن السيدة عائشة تجعل الله تعالى يسارع في هوى الرسول.

صرخ خليل: كذبت

قال محسن:

بل إنك أنت الجاهل، الذي آمنت بكتبك المقدسة الحقيقية بدون أن تعلم ما فيها، فأنت، أو بالأحرى أربابك، لا تريدون إلا الكفر بالقرءان، ألم تقرأ هذه المروية في الصحاح؟

المروية من صحيح مسلم: (1464) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " كُنْتُ أَغَارُ عَلَى اللَّاتِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَقُولُ: وَتَهَبُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ} [الأحزاب: 51] " قَالَتْ: قُلْتُ: «وَاللهِ، مَا أَرَى رَبَّكَ إِلَّا يُسَارِعُ لَكَ فِي هَوَاكَ»، وفي البخاري: [ 4510 ] حدثنا زكريا بن يحيى حدثنا أبو أسامة قال هشام حدثنا عن أبيه عن عائشة رضى الله تعالى عنها قالت كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأقول أتهب المرأة نفسها فلما أنزل الله تعالى { ترجىء من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك } قلت ما أرى ربك إلا يسارع في هواك، وللأهمية العظمى للمروية عندكم فقد كرر البخاري ذكرها: [ 4823 ] حدثنا محمد بن سلام حدثنا بن فضيل حدثنا هشام عن أبيه قال كانت خولة بنت حكيم من اللائي وهبن أنفسهن للنبي صلى الله عليه وسلم فقالت عائشة أما تستحي المرأة أن تهب نفسها للرجل فلما نزلت {ترجي من تشاء منهن} قلت يا رسول الله ما أرى ربك إلا يسارع في هواك رواه أبو سعيد المؤدب ومحمد بن بشر وعبدة عن هشام عن أبيه عن عائشة يزيد بعضهم على بعض.

صرخ خليل بأعلى صوته:

لا يمكن أن يكون هذا صحيحًا!

قال محسن:

أنت بذلك قد كفرتَ كفرًا بواحا بأهم كتابين من كتبكم المقدسة، والحكم عليك معلوم!

بل إن كتبكم المقدسة تقول أيضًا إن الرسول كان يخطئ، فيصحح له عمر بن الخطاب، بل وعامة من تسمونهم بالصحابة، أخطاءه، فهل لا تحتجون بتفسيركم السيئ والخاطئ والمغرض لآية إلا لإثبات ما تمليه عليكم أهواؤكم؟ دينكم مكون من تناقضات وشبهات متصلة بخيوط أوهى من خيوط العنكبوت.

- مهما قلتم فالسنة هي التي تبين القرءان، وهي من الذكر المحفوظ، أو على الأقل استلزم حفظ القرءان حفظها لتبينه!

-  أربابك يقولون بالفعل إنه لم يضع مما تسمونه بالسنة شيء وأن الأمة قد دونتها بكل أمانة ودقة، فأين هي أقوال الرسول على مدى طول فترة البعثة وخاصة في العصر المكي؟ وأين أحاديثه مع السيدة خديجة ومع الإمام علي قبل أن يسلم أي إنسان آخر؟ وأين أحاديثه مع المؤمنين به في دار الأرقم؟ وأين خطبه الجامعة في الجمع وغيرها، وأين خطبه في الأمور الجامعة؟

- ممممممممممممممم

- وكيف تكون الأمة قد دونتها بكل أمانة ودقة وكتبكم حافلة بالأخبار التي تدل على أنهم كانوا حريصين على إبادتها؟ وأن أحرص الناس على ذلك كان الخلفاء الراشدون؟ أفلا تعقلون؟! وأنتم تحاولون شقّ الشعرة وإغراق السمكة للدفاع عن تلك الأفعال وتبريرها، وكلامكم الناتج عن ذلك لا يصلح إلا لإضحاك الناس وتسليتهم، ولكنكم استمرأتم الكذب والتدليس والنفاق! هذا هو دأب سدنة دينكم، جعلوا من أنفسهم آلات لصدّ الناس عن سبيل ربهم!

- احترس، أنت لستَ مثلهم، أنت لست ندًّا لهم!

- وكيف تكون الأمة قد دونتها بكل أمانة ودقة وأنتم تصنفون المرويات تلك التصنيفات التي حيرتم بها الخلائق؟

- والحق هو أنه ليس لدى الناس الآن من نص ديني موثق إلا القرءان الكريم، أما ما دون ذلك فإنما هو آثار جمعها أتباع كل مذهب من بعد أن تفرق الدين وتمزقت الأمة وعصفت بها فتن مدلهمة، ولقد زعم أتباع كل مذهب أن ما لديهم هو الحق المطلق وزعموا أن أتباع كل مذهب آخر أضلّ من اليهود والنصارى!!!

- أتريد إلقاء كل التراث في القمامة؟

-  ليست هذه دعوة إلى التخلي التام عن التراث، ولكن لابد من إعادة فحصه على هدي من دين الحق المستخلص من القرءان وباستعمال الأساليب العلمية الحديثة، هذا مع العلم بأن دين الحق القرءاني ثابت وراسخ، وليس بحاجة إلى انتظار نتيجة هذا الفحص والتمحيص، ولكن ألم يكن يجدر بك أن تسأل عن السنة في المصطلح القرءاني؟

أعرض خليل، ولكن بعض الحضور قالوا حدثنا عنها، قال أمجد:

السنة هي نمط سريان الأمور وتحققها، فهي القانون بكافة أنواعه، وهي المنهج، وهي أيضًا الأعمال الجارية وفق قانون أو منهج.

فكلمة "السنة" هي الكلمة العربية الصحيحة والفصيحة التي تؤدي معنى القانون والمنهج ونمط سريان وتحقق الأمور في القرءان.

فـ"السنة" هي أيضًا مصطلح قرءاني، والقرءان هو المصدر الأوحد للمصطلحات القرءانية.

والسنة الحقيقية في القرءان، فهو المصدر الأوحد للسنن الكبرى، والمصدر الأعلى للسنن الثانوية، ولا يجوز بأي مقياس من المقاييس تسمية مرويات بالسنة، وللقرءان العلوّ المطلق والهيمنة التامة على المرويات، وهي لا تصح إلا إذا كانت تشير إلى سنة لها أصلٌ فيه.

أما المعاني التي أحدثها المتمذهبون لهذه الكلمة فهم المسؤولون عنها، وهي ليست ملزمة لأحد، بل يجب التبرؤ منها لمخالفتها للمعاني القرءانية.

ويجب أن تعلموا أن القرءان هو الحديث، وهو أحسن الحديث، وأنه بالفعل تِبْيَان لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ، فمن لم يجده كذلك يكون قد حكم على نفسه بأنه غير مسلم، والقرءان هو بالفعل شِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ، فمن لم يجده كذلك يكون قد حكم على نفسه بأنه غير مؤمن.

*******

1

bottom of page