top of page

خَاتَمَ النَّبِيِّينَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه وسَلَّمَ

الصلاة والتسليم على النبي

الصلاة والتسليمعلى النبي


الصلاة هي أصلا صلة بين طرفين، وتكون من الجانبِ الأعلى بمعني الالتزام الاختياري بالنصرِ والدعم والرحمة والتأييد والاصطفاء والنقلِ من حالة إلى حالةٍ أفضل منها، وتكون من الجانب الأدنى بمعني الولاءِ والالتزام بالأوامر والدعاء وطلب النصر والتأييد والمداومةِ على عمل كل ما يقوي ويدعم الصلة والاعتصام بذلك، وكل عمل بمقتضى ذلك هو صلاة.

والصلاة الصادرة عن ذاتٍ ما إنما تصدر عنها كما يليق بها، ولذا فصلاة اللهسبحانه على النبي إنما هي أمر مطلق من شؤونه الذاتية وأفعاله اللازمة، ويلاحظ أن سيدنا محمدصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ هو النبي المطلق المفرد العلم، فإذا ما ذكرت كلمة (النبي) وحدها فإنما يكون المراد بها هو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ، وبصلاة الله تعالى عليه تتحقق إمكانات وكمالات النبوة وتنتقل من بطون إلى ظهور وتفيض بركاتها على العالمين ويتحقق كونه رحمة للعالمين، أما صلاة الملائكة عليه فهي تفاصيل ومقتضيات الصلاة الإلهية من حيث أنهم آلات الإله المعتمدة والموكل إليهم تنفيذ أوامره.

ولقد نسب الله فعل الصلاة إلى نفسه، قال تعالى:

{هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيما} الأحزاب43.

والصلاة تُنسب إلى كائنٍ ما كما يليق به، فصلاة الله تعالى على كائنٍ ما ليست كصلاة ملائكته وليست كصلاتنا نحن التي نرفعها إلى الله تعالى، فصلاة الله على عباده هي من مقتضياته كونه الرحيم، وكل ما نسبه الله تعالى إلى هذا الاسم في القرءان هو من تفاصيل صلاته عليهم، قال تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء:29]، {رَّبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [الإسراء:66]

ولا يمكن إدراك كنه أي أمر منسوب إلى الله تعالى، ولذلك فصَّل الله تعالى الأمور المنسوبة إليه للناس بمقتضياتها وبما ينتج عنها، وصلاته على الناس بصفة عامة وعلى المؤمنين بصفة خاصة مفصلة بإخراجهم من الظلمات إلى النور، وهذا الإخراج من لوازم عنايته بهم والمتمثلة في الصلات التي يقيمها معهم، وكذلك عندما نسأل الله تعالى أن يصلي على أحد، فهو يفيض عليه من خزائن رحمته.

وصلاة الله تعالى على النبي هي صلاة مطلقة تتضمن رفع الدرجة إلى المدى الأقصى، وهي من أسباب كونه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ هاديًا إلى الله تعالى وداعيا إليه، ومن أسباب كونه رحمة للعالمين.

و(النبي) المطلق هو العبد المحض لله تعالى، وهو أول العابدين بكل ما يعنيه ذلك، فهو عبد الله من حيث ذاته ومن حيث أسماؤه وسماته، لذلك فهو المقصود بالأصالة بالمصطلح "عبد الله"، وهو المقصود بالأصالة بالمصطلح "عبده" أينما ذُكر مجردا في كتاب الله العزيز، فإذا ذكر الله تعالى كلمة "عبده" في القرءان فهو يقصده بالأصالة، ومن مقتضيات صلاة الله تعالى عليه إمداده بكل نتائج وآثار أعماله الصالحة وبكل ما يزيده رقيا وسموا إلى أبد الآبدين.

إن صلاة الله تعالى على عباده مثل سائر أفعاله لا يُدرك كنهها وإنما تُعرف بآثارها، ومنها إخراج الناس من الظلمات إلى النور، ويلاحظ أن الظلمات عديدة أما النور فواحد، ذلك لأن الله سبحانه واحد ودين الحق واحد وكتابه واحد، فالخروج إلى النور هو الخروج إلى صراط العزيز الحميد.

وتلك الصلاة هي أمر خاص بالمؤمنين وهي من تجليات اسمه الرحيم والظلمات كلها أصلها العدم والذي ترتب عليه النقص، لذلك فهي تشمل كل نقص وكل ما ترتب على هذا النقص من المعاني والأفعال؛ فهي تشمل الكفرَ والجهل والشرك والظلم والنفاق والباطل ومساوئَ الأخلاق.....الخ، أما النور فهو أصل كل الأمور الوجودية والمعاني الكمالية فهو الوجود والظهور والهدى والحق والإيمان والفعل والتأثير......الخ، فالصلاة من حيث هي، هي شأن إلهي وهي فعل يمارسه الحق سبحانه من حيث أنه الإله ويتضمن الإيجاد والإظهار والهداية وإحقاق الحق فلها مراتب مختلفة.

ولقد أُمِر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَبالصلاة على المؤمنين وذلك أمر من لوازم حقيقته، وهو أمر يتعالى فوق الارتباط بالزمن، فهو يصلي على المؤمنين وسيظل يصلي عليهم إلى أبد الآبدين، ذلك لأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ حي وشهيد على المؤمنين، وبتلك الصلاة تطمئن قلوبهم ويسكن اضطراب وجيشان نفوسهم، ويحظى كل مؤمن بثمار تلك الصلاة بمقدار صلاته هو على النبي ومعرفته بقدره وإجلاله لشأنه وتأسيه به وتمسكه بهديه.

أما صلاة الله تعالى على النبي فهي أمر مطلق، وبسؤال المسلم لربه أن يصلي على النبي فإنه يحظى بشيءٍ من ثمار تلك الصلاة، وهذا الحظ يتناسب مع مقدار صلاته هو على النبي ومعرفته بقدره وإجلاله لشأنه وتأسيه به وتمسكه بهديه فهي أمر مطلق، فإذا كانت الرحمة هي التي اقتضت إخراج الناس من الظلمات إلى النور فإن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ هو عين الرحمة وهو الرحمة المرسلة وهو الآلة العظمى لذلك الإخراج من الضلال إلى الهدى ومن الباطل إلى الحق وكذلك كانت حقيقته هي الوسيلة لإظهار الحقائق لأنها كلها تفاصيل حقيقته الجامعة، وصلاة الله على نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ هي المدد الإلهي الذي يتم به كل ذلك على كافة المستويات، والملائكة هم وسائط هذا المدد ووسائله من حيث أنهم تفاصيل حقيقته الجامعة وآلاتها.

أما صلاة الناس على النبي فهي سعيهم لإقامة صلة وثيقة به باتخاذه إماما، وبالتأسِّي به والعمل بسنته التي هي العمل بمقتضى الأوامر الإلهية المذكورة في القرءان، والصلاة اللفظية على النبي مع حضور الذهن هي وسيلة لتذكير الكيان الإنساني الجوهري بذلك، وكذلك هي وسيلة لترسيخ الصلة به، ولا يجوز ان يرتاب مؤمن في أن النبي حيّ وشهيد على أمته وعلى سائر الأمم، فهو أولى الشهداء بأن يكون حيا عند ربه يُرزق، والحق هو أن كل الأنبياء والشهداء أحياء عند ربهم يُرزقون، والمقتولون في سبيل الله تعالى يُلحقون بالشهداء بدون اشتراط أن يكونوا قد وصلوا إلى تلك المرتبة بأعمالهم.

وأفضل الصلوات على الرسول تلاوة الآيات التي يثني عليه ربه فيها ويبين فيها مهامه.

*****

إن الصلاة هي الوسيلة لإقامة صلة وثيقة من كائن بكائن آخر، وهي تنسب إلى كل كائن كما يليق به، فصلاة الله على مخلوقاته هي فعله الذي يؤدي إلى جعلهم أقرب إليه وعلى صلة به، لذلك هي تؤدي إلى إخراجهم من ظلمات العدم ولوازمه إلى نور الوجود ومظاهره، ومن لوازم العدم النقص والضلال، ومن مظاهر الوجود التحقق والهدى.

*****

إن صلاة الله على البشر كافة هي جماع كل أفعاله التي تؤدي إلى إخراجهم من الظلمات إلى النور، ولا حصر لأنواع وتفاصيل الظلمات؛ فهي كل مقتضيات العدم من الباطل والنقص والشر والجهل، ومن مظاهر تلك الصلاة إخراج الإنسان من عدم إلى وجود وإرسال الرسل رحمة للعالمين.

وكلما ارتقى الكيان الجوهري للإنسان كلما تفضل عليه ربه بصلاة أرقي يكون من لوازمها التأييد بروح منه، وأعلاهم درجة من استحق أن يؤيد بروح القدس، أما صلاة الملائكة فهي كل عمل منهم بمقتضى الصلاة الإلهية، فهم آلات وأدوات الأفعال الإلهية، لاَ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون، فالصلاة الإلهية مفصلة بصلوات الملائكة، ومن مظاهر تلك الصلوات أدعية حملة العرش، قال تعالى:

{الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ{7} رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُم وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ{8} وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَن تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{9}} غافر.

ويلاحظ أن هذه الصلوات هي بالنص للذين آمنوا وتابوا واتبعوا سبيل الله ولمن صلح.

*****

قال سبحانه وتعالى:

{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا{56}} الأحزاب

إن صلاة الله على النبي تتضمن كل ما ذكر، هذا بالإضافة إلى أن له عليه صلاة مطلقة لم تقيد بمقصد لتحقق له ما لا يتناهى من المقاصد ويرتفع بها إلى أرفع الدرجات ويتحقق بمقام محمود لا يستطيع أن يتطلع إليه ملك مقرب ولا نبي مرسل، وفي الآية إشارة إلى صلة النبي الوثيقة بربه والتي حث هو الناس على الإفادة منها بالعمل على بدعم صلتهم بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ.

إن الظلمات كلها أصلها العدم والذي ترتب عليه النقص، لذلك فهي تشمل كل نقص وكل ما ترتب على هذا النقص من المعاني والأفعال فهي تشمل الكفر والجهل والشرك والظلم والباطل والنفاق والكذب وقول الزور .... الخ، أما النور فهو أصل كل الأمور الوجودية والمعاني الكمالية فهو الوجود والظهور والهدى والحق والإيمان والخير والفعل والصدق والأمانة والتأثير......الخ، فالصلاة من حيث هي شأن إلهي هي عمل يمارسه الله سبحانه من حيث إنه الإله ويتضمن الخلق والتقدير والجعل والإيجاد والإظهار والهداية وإحقاق الحق فلها مراتب مختلفة.

ولقد كان هو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ أول شافع وأول عابد لله تعالى، فهو أول شافع لأن حقيقته هي التي شفعت الحقائق الإمكانية فبرزت بسبب ذلك لتظهر خصائصها ولتمارس إمكاناتها، وهو أول عابد من كل حيثية فهو الأول من حيث التقدم والتفوق وعلو المرتبة، وهو الأول لأن حقيقته هي أعلى الحقائق وأحكمها وما سائر الحقائق إلا تفصيل لها، لذلك فهو أقرب الخلق إلى ربه وأعظمهم معرفة بحقه.

ولقد أُمر الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَبالصلاة على المؤمنين وذلك أمر من لوازم حقيقته، وهو أمر يتعالى فوق الارتباط بالزمان، فهو يصلي على المؤمنين وسيظل يصلي عليهم إلى أبد الآبدين، ذلك لأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ حيّ وشهيد على المؤمنين، وبتلك الصلاة تطمئن قلوبهم ويسكن اضطراب وجيشان نفوسهم، ويحظى كل مؤمن بثمار تلك الصلاة بمقدار صلاته هو على النبي ومعرفته بقدره وإجلاله لشأنه وتأسيه به وتمسكه بهديه.

*****

إن الظلمات كلها أصلها العدم والذي ترتب عليه النقص، لذلك فهي تشمل كل نقص وكل ما ترتب على هذا النقص من المعاني والأفعال فهي تشمل الكفر والجهل والشرك والظلم والباطل والكذب والافتراء.... الخ.

أما النور فهو أصل كل الأمور الوجودية والمعاني الكمالية فهو الوجود والظهور والهدى والحق والإيمان والصدق والفعل والتأثير......الخ، فالصلاة من حيث هي شأن إلهي هي عمل يمارسه الله سبحانه من حيث أنه الإله ويتضمن الإيجاد والإظهار والهداية وإحقاق الحق فلها مراتب مختلفة.

وصلاة الملائكة هي تفصيل لكل ما سبق بيانه وقيامهم بكل ما أوكل إليهم من أعمال، وهي من مقتضيات الإخراج من العدم إلى الوجود ومن الظلمات إلى النور فهم مظاهر المشيئة وآلاتها والعاملون على إنفاذ القوانين التي هي مقتضياتها، بل هم محلّ هذه القوانين من الوجود، أما صلاة الله تعالى على رسوله فهي أمر مطلق، فإذا كانت الرحمة هي التي اقتضت إخراج الناس من الظلمات إلى النور فإن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ هو عين الرحمة وهو الرحمة المرسلة وهو الآلة العظمى لذلك الإخراج من الضلال إلى الهدى ومن الباطل إلى الحق وكذلك كانت حقيقته هي الوسيلة لإظهار الحقائق لأنها كلها تفاصيل حقيقته، وصلاة الله على نبيه هي المدد الإلهي الذي يتم به كل ذلك على كافة المستويات، والملائكة هم وسائط هذا المدد ووسائله من حيث أنهم تفاصيل حقيقته الجامعة وآلاتها.

إن الصلاة على النبي هي أمر قرءاني كبير وهام، وهي تعني العمل على إقامة صلة وثيقة به، *****

والمداومة على الصلاة عليه بأية صيغة من الصيغ هي من وسائل زيادة الإحساس به وبحضوره، فهو حي لأنه شهيد على أمته وعلى شهداء الأمم.

ولا حرج من استعمال أية صيغة من صيغ الصلاة، والتوجه إلى الله تعالى بأن يصلي عليه هي خير استجابة للأمر الإلهي، وليست مخالفة له!

*****

والصلاة بالنسبة للإنسان هي الاسم الجامع لكل الصلات التي أمر الله تعالى بإقامتها بين الكيان الإنساني وبين كافة الكيانات الأخرى، وهي المتجسدة في كل منظومات وعناصر دين الحق وما يتضمنه من أوامر ووصايا.

إن المصلِّي بالأصالة هو من يتخذ كتاب الله تعالى إماما يتبعه دائما ولا يتقدم عليه، فهو مسبوق دائما بكتاب الله يصل ما أمر الله به أن يوصل، فهو يتوسل بالقيام بأوامر الله ليقيم صلة به ويعمل على تنميتها وترسيخها.

*****

وإقامة الصلاة عند المذاهب تعني أداء الصلوات الخمس بالكيفيات المعروفة (مع مراعاة الاختلافات بين المذاهب) في الأوقات المعلومة، فمن أداها عندهم هكذا تسقط المطالبة بها كما يقولون!!! ولم يوضحوا عند من تسقط المطالبة بها!! ولقد تمّ توثين هذه الشكليات وتكاد تكون هي أكثر الدين عند جلّ الناس! وبسببها تطاولوا على القرءان الكريم وكادوا يستبعدونه من الدين، وهم عمليا وواقعيا يقدمون عليه الآثار والمرويات بحجة أنهم وجدوا فيها تفصيل هذه الشكليات!

أما في دين الحق: فيجب أيضًا إقامة الصلاة الخمس بالكيفيات المعروفة (مع تحري ما هو صحيح وثابت) في الأوقات المعلومة، ولكن يجب أيضا القيام بأركان الصلاة المذكورة صراحة في القرءان وهي ذكر الله تعالى (بالمعنى الراقي السامي وليس اللفظي فقط) وقراءة ما تيسر من القرءان والخشوع والإعراض عن اللغو (ظاهرًا وباطنا) والانتهاء عن الفحشاء والمنكر (ظاهرا وباطنا)، كل هذا مع النظر إلى المقصد الأعلى للصلاة وهو إقامة صلة وثيقة بالله تعالى.

وبالإضافة إلى ذلك يجب إقامة الصلاة بمعناها الكبير، وهو وصل ما أمر الله به أن يوصل، فإقامة الصلاة تعني إقامة كل الصلات بين كافة مكونات الكيان الإنساني على كافة المستويات: مكونات الإنسان المفرد، الأسرة، المجتمع ....، الأمة، ويسبق كل ذلك إقامة صلة وثيقة بالله تعالى كما سبق القول.

والمعنى الشامل الذي يتضمن كل ذلك هو تقديم الله تعالى واتباع كتابه بالعمل بمقتضى أوامره واجتناب محاولة التقدم بين يديه.

والصلاة هي أيضًا الدعاء، ومن صور صلاة الملائكة حملة العرش ما ورد في الآيات: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ{7} رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُم وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ{8} وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَن تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{9}}غافر7

*****

إنه من أركان الدين أن يؤمن الإنسان بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ من حيث أنه خاتم النبيين والمبعوث رحمة للعالمين، وهذا يقتضي أن يقر بعظمة قدر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،وألا ينكر أي فضل منسوب إليه طالما لم يناقض ذلك شيئا مما ورد في الكتاب العزيز، كما ينبغي عليه أن يوقره توقيرا يفوق توقير المسلمين في العصر الأول، ذلك لأن خلقه العظيم وحياءه وحرصه على نقاء العقيدة وظهور بشريته كل ذلك ربما جرَّأ عليه بعض الأعراب الذين لم يعرفوا قدره فحدثت منهم في حقه بعض التجاوزات أو ربما أساء بعضهم الأدب معه كما ورد في الكتاب أو على الأقل لم يوقروه التوقير اللازم.

أما الآن فلا عذر لمسلم ولا ينبغي أن يقصر في هذا الأمر، إن المسلم بذلك إنما يؤدى ما أمره الله تعالى به، ويجب على المسلم أن يعرف سيرته وأن يتأسى بهديه وأن يثني عليه بالفضائل الحقيقية والأخلاق العظيمة التي اتصف بها والبطولات الهائلة التي أظهرها والإنجازات الرائعة التي حققها، وعليه أن ينزهه عن أوهام القصاص ورواة الموالد، ومن لوازم هذا الركن الديني أن يداوم الصلاة والسلام عليه، فالصلاة والسلام عليه بأية صيغة يكون فيها تعظيم لقدره وبيان لفضله وعلو شأنه أمر واجب بل هي من أفضل الوسائل لتزكية النفوس، ولقد دأب بعض المجتهدين الجدد على الطعن في هذا الأمر والتشكيك فيه، دون أن يحيطوا علما بحقيقة الأمر!

والمسلم يجب أن يؤدي بحضور تام وباستشعار أن النبي معه فيصلي ويسلم عليه كأنه حاضر معه، ويترتب على ذلك أن يتشرف الإنسان بالمعية المحمدية فيحظى بشفاعته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويجد آثارها في حياته الأولي وفي الآخرة.

فالصلاة على النبي هي سعي من المؤمن لإقامة صلة وثيقة به، ومن وسائل ذلك الحرص على التأسي به في ذكره لربه ورجائه إياه وذكر الصيغ اللسانية المعلومة للصلاة عليه، وتوجه المسلم إلى ربه بالصلاة عليه هو إقرار بعجزه عن القيام بهذه الصلاة القيام الأوفى، فهو من باب تفويض الأمر إلى الله تعالى، وهذا ما لم يدركه بعض المجتهدين الجدد وشنعوا على سائر المسلمين بسببه، هذا مع أن تفويض الأمر إلى الله هو من الأوامر القرءانية ومن عناصر دين الحق ومن أركان منظومة الصفات الإسلامية.

إن الأمر بالصلاة على النبي يعني الأمر بالعمل على إقامة صلة به، وهذا يتضمن دعمه وتأييده ومناصرته هو والرسالة التي حملها من ربه إلى الناس كافة، والتوجه إلى الله تعالى ليصلي عليه هو من لوازم هذا الركن الديني الملزم.

أما الأمر بالتسليم على النبي فهو يعني القبول به وبالرسالة التي أتي بها بامتنان وعرفان وإقرار بالفضل وعدم منازعته في أي شيء يتعلق بها، وذلك أيضا من لوازم القيام بهذا الركن، والطلب من الله أن يسلِّم عليه هو لنفع العبد المسلِّم، والله تعالى يسلم بالفعل على الصفوة من عباده المرسلين.

وصلاة المؤمنين على النبي تتضمن كل سعي منهم لإقامة صلة به ويترتب عليها استمدادهم منه، ولقد كان السماح بها فضلاً إلهيًّا على هذه الأمة، وهي تقوم بهذا الواجب بالنيابة عن البشرية جمعاء

ويجب العلم بأنه لا حرج في ترديد الأذكار بصيغة الماضي، فلا مشكلة في القول: "صلى الله على النبي وسلَّم" بمثل ما أنه لا مشكلة في أن تقول لأحد الناس: "غفر الله لك"، فهذه صيغ دعاء، واستعمال صيغة الماضي تتضمن الثقة بأن الدعاء مقبول، وهذا من آداب الدعاء، ومن يفقه اللسان العربي يعلم أن:

"صلى الله على النبي وسلَّم" = "صلى الله على النبي وسلَّم عليه".

*******

إن الله تعالى هو السلام، وهو بذلك مصدر السلام، وهو الذي يحقق في الأكوان التي خلقها الاتساق والانسجام، وهو مصدر الشعور بالأمن والطمأنينة عند بني الإنسان، فكل إنسان يدرك في أعماق نفسه أن هناك من يمكنه الركون إليه والاعتماد عليه عند الشدائد والمحن.

والله تعالى يلقي أيضا السلام على من شاء من عباده، فيمنحهم بذلك الأمن والطمأنينة الداخلية، فلا يرتابون أبدًا في أنه سينجيهم وينصرهم.

ومن السلام المنسوب إلى الله تعالى ما أنعم به على كل المرسلين، قال تعالى:

{وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ} الصافات181، {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} النمل59، {وَالسَّلاَمُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا} [مريم:33]

وهو الذي أمرنا كما تبين الآية بالتسليم عليهم، فالقول: "سَلِّمَ" عليهم يعني اتباع سنة إلهية؛ أي هو محاكاة للفعل الإلهي وتذكره، فهو الذي يسلم على عباده الذين اصطفى، وهو عمل بأمر إلهي ودعوة مستجابة في حق الرسل، أما المنتفع بالتسليم على المرسلين فهو المسلِّم نفسه، وهو لذلك ملزم أيضًا بإعطائهم السلام من نفسه، فيجب أن يتجنب الشقاق والمنازعة معهم وأن يكف عنهم شر نفسه الذي لن يضر غيره.

والتسليم يؤدي إلى السلام كما يؤدي التطهر إلى الطهر والتذكر إلى الذكر.

والفعل "سَلَّمَ" في القول "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ"، له معانٍ عديدة، فهو أولا إقرار بما هو حق للنبي من حيث أنه رسول، وهو توطين للنفس على الإيمان بأنه رسول، وهو اتباع لسنة إلهية؛ أي هو محاكاة للفعل الإلهي وتذكره، وهو عمل بمقتضى الأمر القرءاني الوارد في الآية: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} الأحزاب56، وهو أيضًا إعطاء المسلم للرسول السلام من نفسه، فهو يسلم له بمرتبته ويتجنب بذلك الشقاق والمنازعة معه، ويكف عنه أذاه وشر نفسه الأمارة بالسوء، وكل ذلك لمصلحة المسلِّم؛ فهو المنتفع الأساسي بالتسليم على الرسول.

فطوبى لمن تولوا الرسول وعملوا على توثيق صلتهم به وصلوا وسلموا عليه طبقا للأمر الإلهي، والصلاة عليه تتضمن اتخاذه إمامًا واتِّباعه، والسلام عليه يتضمن أن يكف المرء أذاه عنه وأن يكون سلمًا له، فهم ملته الحقيقية وحزبه.

إن الأمر بالصلاة على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يعني الأمر بالعمل على إقامة صلة به، وهذا يتضمن دعمه وتأييده ومناصرته هو والرسالة التي حملها من ربه إلى الناس كافة، والتوجه إلى الله تعالى ليصلي عليه هو أمر قرءاني ملزم، وهو يتضمن إقرارا من المسلم بعجزه عن القيام بما للنبي الخاتم من حقوق عليه، أما الأمر بالتسليم للنبي فهو يعني القبول به وبالرسالة التي أتي بها بامتنان وعرفان وإقرار بالفضل وعدم منازعته في أي شيء يتعلق بها، وذلك أيضا من لوازم ركن ديني ملزم يتضمن كل ما يجب على المسلم القيام به تجاه أعظم الرسل وخاتم النبيين، وترديد الصيغ المعلومة للصلاة على النبي هي كالدعاء والاستغفار وكل الأذكار اللسانية، فهي تمارين ورياضات روحانية وجدانية للرقي بالإنسان على المستوى الجوهري.

وتسليمك عليه يعني بالإضافة إلى إلقاء السلام أن تكفيه شر نفسك الذي لن ينالَ منه أصلا وألا تحاول منازعته أو التهوين من قدره وألَّا تحاول تعمد إيذائه كما يفعل أكثر المغضوب عليهم من أتباع المذاهب السلفية وأكثر المجتهدين الجدد.

ولقد نص القرءان على أن الله تعالى ألقى السلام على المرسلين وعلى أصحاب الجنة وعلى عباده المصطفين والمؤمنين، وإلقاء السلام من رب العالمين على طائفة من الناس هو أمر فوق تصورات ومفاهيم البشر، فهو مثله مثلُ صلاته عليهم من الأمور المتشابهات لا يُعرف كنهها وإنما تُعرف آثارها ومقتضياتها، ومن آثارها الثقة بالله تعالى واطمئنان القلب إليه والسلام الداخلي والحياة الطيبة.

ومن معاني القول: "سلَّم عليه": ألقى السلام عليه، وهذا دعاء للمخاطب أيضا بالسلام، ومن الأوامر القرءانية أن يسلِّم المؤمن على عباد الله الذين اصطفى، وأن يسلِّم على خاتم النبيين، والتسليم على النبي يتضمن أن تلقي السلام إليه، وأن تكف أصوات نفسك وشيطانك عنه، وألا تنازعه فيما هو له وفي المكانة التي ارتضاها ربه له، وأن تسلِّم بصدق ما جاءك به.

*****

قال تعالى:

{قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آَللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (59)} النمل

وقال: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182)} الصافات

فالله تعالى يُسلِّم هاهنا عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى، بمعنى أنه يُلقى عليهم سلامًا منه، وهو يأمر عباده أيضًا بالتسليم عليهم.

فالمسلم مأمور بأن يسلِّم على عباد الله الذين اصطفاهم، وهو بذلك يتبع سنة إلهية، فعليه أن يقوم بهذا الأمر بقدر وسعه، وعليه أيضًا أن يفوض الأمر إلى ربه وأن يوكله في القيام عنه بهذا العمل، فهو مأمور بأن يتخذ ربه وكيلا.

ومثلما أذن الله لعباده المؤمنين أن يقولوا نيابة عنه: "سمع الله لمن حمده"، فلهم أن يفوضوا الأمر إليه وأن يتخذوه وكيلا في القيام ببعض ما أمرهم به مثل الصلاة على النبي والتسليم عليه وعلى عباده الذين اصطفى.

*****

دأب بعض المشايخ وتابعهم المجتهدون الجدد في السخرية من الأذكار اللسانية التي يلتزم بها المسلمون في حياتهم، اعتبرها بعضهم تمتمات لا جدوى منها، وقال بعضهم: "إذا كان ذكر الله يعني ترديد أسمائه فإن ذكر نعمته يعني أن يذكر الإنسان أسماءها فيقول مثلا: لحم، خبز، تفاح... الخ" وقالوا: إذاً فيجب أن تكون الاستجابة للآية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} آل عمران200 القول: "صبرنا وصابرنا وربطنا واتقينا الله، ونكررها مرات كثيرة ونجعلها وردا يُذكر صباحاً ومساء"! وقالوا: إذًا يجب أيضًا أن تكون الاستجابة للآية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ} الأنفال20 القول: "أطعنا الله ورسوله"، وتكرارها غناء وإنشادا، وجعلها وردا يُذكر في الصباح والمساء!

وكذلك استهجنوا أن تكون الاستجابة للآية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} الأحزاب56 القول لفظاً: "اللهم صلِّ على النبي وسلِّم تسليما"

لذلك يجب العلم بما يلي:

1. أوامر القرءان موجهه إلى قوم يسمعون ويفقهون ويعقلون.

2. لكل أمر مجاله الخاص الذي تبينه آيات القرءان، ولكل مصطلح معناه الذي تبينه أيضا آيات القرءان، ولا يجوز الخط بين الأمور.

3. لا يجوز لأحد إهمال فحوى آيات القرءان ولا مقتضياتها.

4. لا يجوز الانحياز إلى معنى ممكن للأمر القرءاني على حساب معنى آخر، فكل المعاني الممكنة للأمر متسقة متماسكة، فالذكر اللساني لأسماء الله لا يتعارض مع ذكر القلب له بل هو من الوسائل إليه، ويجب تذكر دائماً أن الوسيلة لا تغني عن الغاية.

5. ذكر الله هو الإحساس القلبي الصادق بحضوره بذاته وأسمائه، وتسمية ترديد الصيغ اللسانية التي ترد فيها أسماؤه بالذكر هي من باب تسمية الشيء بمآله، فمن يوطن نفسه على الذكر المنتظم لبعض الأسماء مع محاولة التركيز والتفكر فيما يردده بلسانه من وسائل التحقق بهذا الذكر.

6. الأذكار اللسانية هي من مقتضى الوصول بالإنسان إلى كماله من حيث أنه كائن ناطق، فمن يكرر صيغ حقانية يرقى بذلك لكونها تشير إلى حقائق إلهية وكونية، فالنطق من قوى وإمكانات الإنسان التي هو ملزم بأن يزكيها بذكر الله وذكر نعمه وسننه لا أن يدسيها باللغو أو بالفاحش أو بالباطل من القول، والإنسان الذي يتحرى الصدق والحق في قوله ونطقه يكون لكلماته آثارها الكونية.

7. إقامة صلة وثيقة بالله تعالى هي من أركان الدين الجوهرية، وهي تستلزم أقوالا وأعمالا عديدة، ومن هذه الأعمال التوجه إليه بالدعاء في كل حال، ولقد علَّم الله تعالى الناس بما ذكره في القرءان كيف يدعونه، وذلك بذكره صيغ الدعاء التي توجه بها إليه عباده الأخيار.

8. أصل معنى الصلاة واحد وهو عمل اختياري من كائن لإيجاد صلات له بكائن آخر لتحقيق مقاصد معينة، ثم بعد ذلك يعتمد المعنى على حقيقة الطرفين، فصلاة الله على الناس يترتب عليها إخراجهم من الظلمات بكل معانيها الممكنة إلى النور بكل معانيه الممكنة، ومن مظاهر هذه الصلاة إرسال الرسل، فهم رحمة لمن أرسلوا إليهم، أما خاتمهم فهو رحمة للعالمين بما فيهم الناس كافة.

9. أما صلاة الله على النبي فلها بالإضافة إلى معانيها العامة معانٍ خاصة، ومنها مد يد العون إليه والالتزام بنصره وتأييده، ومن وسائل ذلك مثلا التأليف بين قلوب المؤمنين رغم ما كانوا عليه من تعصب قبلي مقيت.

10. وصلاة الملائكة على النبي هي إقامتهم لصلات به يترتب عليها أن تعمل القوانين والسنن الكونية لصالحه ولصالح دعوته فيتحتم انتصاره، وهذا ما تحقق رغم أنه بدأ فردا في مواجهة أشرس مجموعة من البشر، وفي مواجهة قوى عظمى متسلطة لم يكن يوجد من يتصور إمكان الخلاص منها في ذلك العصر!

11. أما الصلاة التي يجب على المؤمنين أن يقيموها فتشمل ما سبق الإشارة إليه من وجوب أن يعملوا على إقامة صلة وثيقة بالله وأن يعملوا على دعمها وترسيخها، والصلاة بصورتها المعلومة هي من الرموز المكثفة لما يلزم لذلك، وكل أوامر القرءان هي من لوازم ذلك، ومنها إقامة صلات مع المؤمنين ومع البشرية جمعاء.

12. وصلاة النبي على المؤمنين هي بالإضافة إلى ما يجب على المؤمن بصفة عامة تجاه المؤمنين الآخرين هي أيضا من لوازم كونه نبيا مرسلا، فهو يقيم صلات بهم من حيث ذلك يمدهم من خلالها بما يطمئن قلوبهم ويهدئ من جيشان نفوسهم.

13. "المصلون" المذكورون في سورة الماعون الذين تتوعدهم السورة بالويل هم المصلون المراؤون، أي المصلون ظاهريا فقط، أما على المستوى الجوهري فهم يكذبون بالدين، بكل ما يعنيه ذلك، ومن المعاني الجزاء الأخروي، فهم لا يؤمنون فعليا باليوم الآخر، ويحيون بمقتضى ذلك، فهم ساهون عن حقيقة الصلاة وعن ضرورة إقامة صلة وثيقة بالله، وعن ضرورة إقامة صلات طيبة مع مخلوقاته، وتصدر عنهم أفعال مصدقة لذلك، فأعمالهم الخارجية تكشف تكذيبهم بالدين وتعمدهم مخالفة أوامره، فمن يرائي بشكليات الصلاة هو بالفعل يجعل للناس مكانة في قلبه أعلى من مكانة ربه، وربما لم يكن له في قلبه أية مكانة! وكثير من الناس أساؤوا فقه هذه السورة وقدموا مثالا تقليديا لخطورة انتزاع القول من سياقه ونظمه وتفسيره بمعزل عنه وعن القرءان بصفة عامة.

14. الصلاة المعلومة هي حشد مكثف من الأقوال والأفعال التي ترمز إلى حقيقة الصلات بين العبد وربه.

15. وبذلك فإن معنى الصلاة كمصدر أو فعل إنما يتحدد ويتعين بالسياق القرءاني مع الالتزام بالمعنى المشار إليه وهو جماع الصلات الممكنة بين كائنين أو أكثر.

16. الصلاة على النبي هي سعي من المؤمن لإقامة صلات مع النبي من حيث أنه نبي، وهذه الصفة تعني ذاته وكيانه كبشر على صلة بالعالم القدسي الغيبي، فهذه الصلة هي أمر آخر غير طاعة الأوامر الواردة في الرسالة.

17. الصلاة اللفظية أو اللسانية على النبي هي لتوطيد الصلة بالنبي على المستوى الجوهري، فالمؤمن لا ييأس من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ كما يئس الكفار والمجتهدون الجدد والسلفية من أصحاب القبور.

18. الاستجابة للأمر بالصلاة على النبي بالطلب من الله تعالى أن يصلي على النبي ليست من باب العبث وإنما هي من باب الأدب والإقرار بالعجز عن كيفية القيام والعمل بمقتضى هذا الأمر، والاستجابة من الله لها هي بتحقيق المطلوب بقدر إخلاص المصلي وهمته، ولمن يقولون إن هذا الدعاء هو بمثابة تحصيل الحاصل لأن الله يصلي بالفعل على النبي فجوابنا هو أن كل الأذكار التي يرددها الإنسان هي من باب تحصيل الحاصل، فمن يقول "لا إله إلا الله" فهو إنما يردد حقيقة ثابتة، ولكن هذا الترديد قد جعله الله وفقا لسننه من وسائل نجاة الإنسان وتزكيته والرقي به.

19. ولا شيء في أن يطلب المؤمن من ربه أن يسلِّم على النبي، فالله تعالى يسلِّم بالفعل على النبي وعلى عباده الذين اصطفى، فكأن المؤمن يدعو ربه أن يبلغ النبي سلامًا منه، فهذا من وسائل التقرب إلى الله تعالى وتوطيد الصلة برسوله، والمنتفع هو المؤمن، ومعنى الفعل بالعربية مرتبط بحرف الجر التالي له، والعربي بالسليقة يعرف الفرق بين "سلَّم على فلان" وبين "سلَّم لفلان" أو "سلَّم إلى فلان.

20. أفضل الصلاة على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ هي الإكثار من تلاوة الآيات القرءانية التي يثني الله تعالى عليه فيها.

21. المسلم مأمور بأن يسلِّم على عباد الله الذين اصطفاهم، وهو بذلك يتبع سنة إلهية، فعليه أن يقوم بهذا الأمر بقدر وسعه، وعليه أيضًا أن يفوض الأمر إلى ربه وأن يوكله في القيام عنه بهذا العمل، فهو مأمور بأن يتخذ ربه وكيلا، ومثلما أذن الله لعباده المؤمنين أن يقولوا نيابة عنه: "سمع الله لمن حمده"، فلهم أن يفوضوا الأمر إليه وأن يتخذوه وكيلا في القيام ببعض ما أمرهم به مثل الصلاة على النبي والتسليم عليه وعلى عباده الذين اصطفى.

*******

الصيغ القرءانية للصلاة على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا.

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا.

وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين.

رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.

وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا، لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.

إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ، وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقرءان الْعَظِيمَ.

إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ.

وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ.

وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقرءان مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ.

إِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.

إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ.

إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ.

إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ.

إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ، فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ.

يس، وَالْقرءان الْحَكِيمِ، إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ، عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ.

وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ، وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ، عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ، بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ.

وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ، الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ، وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.

إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ.

مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ، وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ، وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا.

وَإِنَّ لَكَ لأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُون، وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم.

لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا.

قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا؛ رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ.

يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا، فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا.

قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ، يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.

الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ، اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ.

وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ.

إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ.

كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ.

آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا، فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا.

وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا.

إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ.

قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ.

إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ.

وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآَيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ.

وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى.

لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ، فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ.

قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ.

وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ.

سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا.

طه، مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقرءان لِتَشْقَى، إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى، تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا، الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى.

أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ، وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.

تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا، الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا.

وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا.

النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ.

وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ، وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا.

قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ، قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ، قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ، قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ، قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ.

قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ، وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ، قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ، قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي.

قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ، قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ، وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ.

أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ، وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ.

إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ.

وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ.

إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا، لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا، وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا.

وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى، وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى، عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى، ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى، وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى، ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى، فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى، مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى، أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى، وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى، عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى، إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى، مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى، لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى.

هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ.

هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ.

وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ.

هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ، وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ.

اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ.

لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ، رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً، فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ.

وَالضُّحَى، وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى، مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى، وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى، وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى.

أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ، وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ، الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ، وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ.

إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ.

*******

1

bottom of page