top of page

القراءة الأوْلى

حقائق ثابتة عن علم القراءات التراثي

حقائق ثابتة عن علم القراءات التراثي

حقائق ثابتة عن علم القراءات التراثي

1. توجد الآن مصاحف عديدة ومعترف بها، عددها عشرون، كل مصحف يتضمن قراءة راوٍ عن القارئ الرئيس، هذا فضلًا عن مصاحف أخرى، غير مجمع عليها، أكثر كلماتها يحقق الشروط اللازمة لاعتبارها كلمات قرءانية، وعلماء القراءات والتفسير يضطرون إلى الرجوع إليها لحسم أمر بعض القراءات.

2. المصاحف المسماة بالعثمانية، وهي مصاحف المدينة ومكة والشام والكوفة والبصرة تختلف فيما بينها في بعض الأحرف، وأصولها غير موجودة.

3. توجد قراءات كثيرة وعديدة، وكلمة قراءة تشمل كل الأوجه المختلفة للنطق بكل لفظ قرءاني، أو مجموعة من الألفاظ القرءانية.

4. توجد آلاف الاختلافات بين القراءات، هذه حقيقة ثابتة يدركها كل من يطلع على كتب القراءات.

5. يوجد جدل على مدى القرون حول القراءات، وتوجيه القراءات، ونقد وتفنيد القراءات، والاختيار والترجيح، مما يبين أن الأمر ظل موضع نظر حتى القرن التاسع الهجري، على الأقل، ومازال الباحثون الجادون يكتشفون أوجهًا للقراءة في كتب القراءات، فلا يوجد أي مصداقية للمزاعم والدعاوى العريضة التي يلقيها الجهلة أو تجار الدين على مسامع العامة، أو يتشدقون بها، وعدد طرق وأوجه القراءات يصل إلى 980 طبقًا لكتاب النشر للإمام الجزري، وهو الكتاب الأهمّ والأجمع في علم القراءات، أما إذا أُخذ في الاعتبار القراءات التي استبعدها فسيتجاوز العدد 1500، وقد جمع الإمام الهذلي، في القرن الخامس الهجري، خمسين قراءة عن الأئمة وألفًا وأربعمائة وتسعة وخمسين رواية وطريقًا.

6. من الواضح أنه كانت تُجرى محاولات للتوفيق بين النصين المرسوم والمقروء.

7. وكذلك للتوفيق بين المصاحف المختلفة.

8. وهناك كلمات وردت لها كثير من القراءات هي من التباديل الممكنة للنطق برسمها، ومن البديهي أن الصحيح منها واحد أو اثنان على الأكثر.

9. وجود آلاف الاختلافات في القراءات لا يعني وجود هذه الاختلافات في القرءان، القرءان والقراءات حقيقتان متغايرتان.

ورغم كل ذلك، فمن البديهي أن القرءان المنزل واحد وغير متعدد، وأن الذكر محفوظ للناس، وأن القرءان حقيقة فريدة، وأنه لابد من مواجهة مشكلة تعدد المصاحف والقراءات وطرقها وأوجهها، طبقًا للمقولة: "واجه الرعب يكف عن إزعاجك"، وذلك بناءً على الأسس الراسخة التي يتضمنها القرءان نفسه.

فالقرءان ثابت بما هو أقوى من التواتر، فهو نقل قرون وأمم من الناس عن قرون وأمم من الناس.

أما سند كل قارئ الذي يصله بصحابيٍّ ما فهو سند تعلمه الرسمي هو، فلا معنى للحديث فيه عن تواتر، فعدد الصحابة الذين كانوا يعلِّمون الناس القرءان قليل، ولكن من الثابت أن كل قارئٍ منهم كان يقرأ لأهل مصره، ويعلمهم، ويصلي بهم أو خلف أئمتهم، وبعضهم كان إمامًا في القراءة وتعليم القرءان لأهل مصره أيضًا، وبعضهم كان يتعلم ممن ليسوا من أهل مصره، فكل قارئ كان يمثل أساسًا قراءة مصره التي انتقلت من قرن إلى قرن، وكان يُطعِّم قراءته بما هو أوْلى من قراءات قراء الأمصار الأخرى.

فمن الثابت أن كل قارئ كان يسعى إلى تحسين القراءة التي تلقاها من معلميه بالاطلاع على القراءات الأخرى، أو تعلمها، وأنه كان يجتهد ويتخير ما هو الأفضل من القراءات المختلفة للكلمات.

*******

قال الإمام علي رضي الله عنه: نزل القرءان بلسان قريش وليسوا بأصحاب نبر (همز)، ولولا أن جبريل نزل بالنبر على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما همزنا، وهو لغة قريش وأهل الحجاز". المفصل لابن يعيش 9/ 108

فالهمز كان لغة قبائل عربية أخرى، كان القرشيون يسهلون الهمزة، ولا يكتبونها، ولكنهم كانوا يدركون وجودها، ويميزون بين كلمة بها همزة وغيرها.

هذا القول كاشف ومبين، ومما يبينه ما يلي:

1. الأمور الخاصة بما يسمونه بالأصول والكلمات الفرشية لم تكن متروكة سدى، أو متروكة للناس.

2. القرءان أُنزل بلسان عربي مبين، ولذلك كان الوحي ينزل لافتًا النظر إلى ما يجب الأخذ به وما يجب إضافته إلى اللسان القرشي ليتطابق مع اللسان العربي المبين.

3. الهمزة من حروف اللسان العربي المبين.

4. الألف حرف مدِّي بحت، وكذلك الياء المدِّية والواو المدية.

5. القراءة الأوْلى تظهر وتحقق الهمزة.

*******

التدبر أمرٌ لازم لاستخلاص القراءة الأوْلى

قال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءان ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [سورة النساء:82]، فالذي هو من عند الله لا يوجد فيه اختلاف كثير، والتحفظ هنا هو لأن الناس سيجدون في القرءان كلمات من العائلة اللغوية لكلمة "اختلاف"، أو سيجدون كلمات قد تختلف فيما بينها، ولكنها متسقة متكاملة مُثرية، والسبيل إلى اكتشاف ذلك ومعرفته هو القراءة بالمعنى الحقيقي للقرءان، والتي تتضمن التدبر.

ولقد أكَّد الله تعالى على أهمية قراءة ما تيسر من القرءان عند قيام الليل، ثم في كل الأوقات، هذه القراءة هي أمرٌ قرءاني كبير ملزم لكل مسلم، وهذا الأمر أكبر من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والإنفاق في سبيل الله، وقراءة ما تيسر من القرءان متعلقة بمقدار ما يستطيع المسلم أن يقرأه طبقًا للوقت المتاح ولإمكاناته.

والقراءة تكون بالتدبر والتفكر والفقه والتلاوة والترتيل.

والقرءان المنزل واحد، والاختلافات الناتجة من السماح للأعراب بقراءة القرءان بلغاتهم لا تلزم أحدا بشيء، والسماح لهم بذلك يعني أنه لا حرج على الناس من قراءة القرءان بلغاتهم، أي بلهجاتهم ولكناتهم، طالما التزموا بأن تكون مخارج الحروف صحيحة.

*******

القراءة الأوْلى هي التي تحافظ على عدد الحروف، فإن كان هناك حرف محذوف من الأصل، تتم الاستعاضة عنه بتشديد الحرف التالي له:

تذكّرون، أصلها تتذكّرون، الأوْلى: تذّكّرون

لا يوجد أي تعارض أو تناقض بسبب هذه الاختلافات، وقد يضيف الاختلاف في بعض الكلمات معاني إضافية متكاملة ومتسقة مع المعاني الأخرى

أكثر الاختلافات هي فيما يسمونه بالأصول، هذه الأصول، التي كان من الأولى أن تُسمَّى بالثانويات متعلقة بلكنات ولهجات القبائل العربية، وعلى سبيل المثال لن يغير من المعنى إمالة الكلمة، أو إدغام بعض الحروف في بعضها الآخر.

1

bottom of page