نظرات في المذاهب
القول الإجمالي في المذاهب التي حلت محلّ الإسلام
1. مجرد وجود مذهب يعني وجود لون من ألوان الشرك، فمتبع المذهب يتخذ من سدنة مذهبه أربابًا مشرعين، ولا يعترف بما يخالفهم من أقوال المذاهب الأخرى، فهو بذلك يقع تحت طائلة الآية:
{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} الشورى21
2. ومتبع المذهب هو أيضا يؤمن إيمانا لا يتزعزع بمقولات مذهبه مهما كانت مناقضة للقرءان ومهما ثبت بالدليل القاطع بطلانها.
3. لابد من تضمن أي مذهب لونًا من ألوان الكفر، فهو يكفر بكل ما خالف مذهبه مهما كان ثابتًا في القرءان الكريم، وعلى سبيل المثال فقد كفر سدنة اللاسنة بأكثر الآيات التي تدعو إلى مكارم الأخلاق وإلى الدعوة إلى سبيل الله بالطرق السلمية تحت زعم أنها منسوخة بما يسمون بآية السيف كما قال لهم سدنة مذهبهم، وهم يكفرون ببعض الأحكام القرءانية تحت زعم أنها منسوخة بما يسمونه بالحديث أو السنة، ومن ذلك نسخهم عقوبة الزنا المذكورة في القرءان بمروية الرجم، بل إنهم يحدثون عقوبات غير مذكورة في القرءان، ومن ذلك ما يسمونه بحد الردة.
4. كل مذهب يقدم عمليا وواقعيا مقولات سدنته على القرءان الكريم، ولا يرى القرءان إلا بمنظار هذه المقولات ويفرضها عليه.
5. دين الحق أعظم وأكبر وأرقى كثيرا من المذاهب التي حلت محله.
6. دين الحق غريب الآن ولا يعرفه إلا قليلون، وبعضهم يمارسه دون أن يعرف بنيانه النظري التام، هذا لأن من عقد العزم على أن يعمل بمقتضى كل الأوامر القرءانية هو متبع بالضرورة لدين الحق.
7. كل المذاهب التي حلَّت محلّ دين الحق لا تمثله إلا تمثيلا واهنا، وكلها نشأت لأسباب سياسية وتاريخية، واتباعها غير ملزم لأحد، فدين الحق واحد.
8. وكذلك غير المسلمين ليسوا ملزمين باتباع مثل هذه المذاهب لأنها لا تحقق شروط البلاغ المبين، بل هي تحقق ما يلزم لصدّ الناس عن سبيل الله تعالى، فوجودها رحمة لغير المسلمين لأنها تعطيهم العذر الكافي لرفض ما يظن الناس أنه الإسلام.
9. هذه المذاهب هي التي تجذَّرت مقولاتها وممارساتها في نفوس المحسوبين على الإسلام، وهي أنتجت وتنتج هذه الشعوب الفاشلة المحبطة ومن تسلط أو يتسلط عليهم من الطغاة والمستبدين والسفاحين واللصوص والمجرمين، وهي التي تنتج طابورا هائلا من المجرمين وسفاكي الدماء والمفسدين في الأرض بدءا بالأمويين وعملائهم مرورا بسفاح العباسيين وجعفرهم وبتيمورلنك وسليم السفاح العثماني ونادر شاه إلى القاعدة والسلفية الجهادية وداعش في العصر الحديث.
10. لذلك لا أمل لهذه الأمة في النجاة والتقدم إلا بالتخلي عن هذه المذاهب والعودة إلى دين الحق، والتخلي الجزئي عن بعض عناصر هذه المذاهب هو الذي مكَّن بعض الشعوب المحسوبة على الإسلام من تحقيق بعض التقدم في العصور الحديثة، وعلى سبيل المثال فالتقدم الذي حدث في مصر منذ عهد محمد على إلى عهد جمال عبد الناصر في مصر مثلا كان بسبب البعد عن المذهب السائد الذي يظنون أنه الدين، والكوارث التي ضربت مصر كانت بسبب محاولة البعض إلزام المصريين بالعودة إليه.
ولا يوجد مذهب له عقيدة صحيحة صحة تامة في رب العالمين.
*******
الإسلام الذي هو دين الحق هو الدين عند الله تعالى، وهو الأرقى والأسمى، ومن الظلم له أن يُقارن به أي دين آخر أو أي مذهب من المذاهب التي حلت محله.
وما هو موجود وشائع، وما تقوم برعايته والحفاظ عليه المؤسسات الدينية هو المذاهب المتخلفة الضالة التي حلت محل الإسلام، وبعض هذه المذاهب يتسم بالدموية واللاإنسانية والجهلوتية، أما الإسلام نفسه فبريء من كل ذلك.
*******
هؤلاء المجرمون الذين يكفرون كل المسلمين الآخرين بحجة أنهم ليسوا مثلهم ويستحلون بذلك دماءهم وأموالهم وأعراضهم ويخربون بلادهم وينفذون ذلك عمليا بل يعيشون ليحققوا ذلك ليسوا بالطبع مسلمين، فهم لا يؤمنون بدين الحق ولا بإله دين الحق وكتابه، هذه هي الحقيقة دون تمحك في شكليات لا قيمة لها، فالأمر ليس أمر مسألة (فقهية) ليشتغل بها مشايخ الجهل والهبل والتخلف، الموضوع أكبر من مستوى هؤلاء الذين يتواجدون على سبيل الخطأ في هذا القرن.
وهؤلاء المشايخ لا يستطيعون بالفعل تكفير الدواعش وغيرهم، ذلك لأنهم يعلمون جيدا أن الدواعش ينفذون عمليا ما يحلمون هم به نظريا، ودينهم هو واحد، وهو الدين الأعرابي الأموي الذي أخذ من الإسلام بعض الطقوس والشكليات ووضع من الآليات ما يفرغه من مضمونه ومن مقاصده العظمى وأركانه الكبرى.
وهذه ليست حالة ردة، بل هي حالة وجود طوائف تعتنق أديانا اختلطت بأمور بشرية، ليست هي دين الحق، وحرية الدين مقررة في دين الحق، ولكن المشكلة هي أن هذه الطوائف تحكم بالردة على المسلمين الآخرين، وترفض التعايش السلمي معهم وتجعل من أهدافها القضاء التام عليهم، فما يعتنقونه هو دين دموي إجرامي، ذلك لأن من يحكم بكفر آخر يكون عمليا وواقعيا كافرًا بما يؤمن به هذا الآخر، فلابد أن يبوء بهذا الكفر أحدهما، والمعتدي المجرم هو الذي يحكم على نفسه بأنه لا يؤمن باللَّه الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ، والذي هو الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلاَمُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّر.
أما مسألة الردة، فهي أمر آخر تماما، والردة عن دين الحق هي أمر باطني، لا يعلمه إلا الله تعالى، وهو الذي سيفصل فيه يوم القيامة، فلا توجد عقوبة دنيوية يجب نزالها بالمرتد، ولا عقوبة على الشرك أو الكفر، إلا إنه يجب على المجتمع اتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية لحماية المؤمنين من الكافرين وحفظ حقوقهم.
*******
قال تعالى:
{إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيم} [المائدة:33]
يؤمن بعض المشايخ بداعش إيمانا راسخا، فهي تحقق لهم أحلى أمانيهم، ويتبع آخرون أسلوب التقية، فيزعمون أنهم يؤيدون الدولة في حربها ضد داعش، ثم يقولون، إن الدواعش من أهل الشهادة وأهل القبلة، ولا يجوز تكفيرهم طبقا للمذهب الأشعري!! وإنما يمكن أن يُطبق عليهم حد عقوبة الحرابة المذكورة، فهل هذا يتسق مع كلامهم السابق؟ إذا كانوا يؤمنون بنفس الإله وبنفس الرسول كالمشايخ فهم بالطبع لن يحاربوهم، وإنما يحاربون في سبيلهم، وبالتالي يختل شرط من شروط تطبيق العقوبة.
ولا يمكن أن تُطبق هذه العقوبة على داعش وأخواتها إلا من حيث دين الحق، فهؤلاء الدواعش لا يؤمنون بالله وكتابه ورسوله وإنما يؤمنون بتصورات وأقوال السلف عنهم مثلهم مثل السلفية وغيرهم.
ومن حق الكيان الحديث (الدولة-الوطن-الشعب) أن يدافع عن نفسه ضد أي اعتداء وألا يقيم وزنا لكلام المشايخ، ومن يعمل أثناء حالة الحرب على التشكيك في عدالة قضية شعب يدافع عن كيانه ووجوده هو بكل بساطة خائن يجب تطبيق القانون عليه.
*******
إن كل المذاهب الموجودة الآن والتي اكتملت تقريبا في القرن الثالث الهجري قد تم وضعها بعد ما ألم بالأمة من فتن كقطع الليل المظلم أطارت رشدها وأفقدتها صوابها وفرقت دينها ومزقت شملها واستبعدت من الدين أموره الكبرى واستبعدت الدين أيضًا من أمور حياتها العظمي، لقد كان ظهور تلك المذاهب والصيغ تعبيرًا عن فشل الأمة في حمل رسالتها ومواجهة التحديات التي فرضت عليها.
ولقد كان طرد العرب والفرس من الجيش وتجنيد الأتراك بدلًا منهم من علامات انهيار الأمة وفشلها وإقرارًا بفشل الأمتين في الارتقاء إلى مستوى الإسلام، فتلك المذاهب والصيغ تأثرت بالواقع المرير الذي صيغت فيه وهي نتاج محاولة التعايش معه، وبالتالي فهي تحمل عيوبه القاتلة والتي مازالت تستعمر جسد الأمة وتكرس تخلفها وكان يمكن أن تؤدي إلى القضاء عليها لولا بعض جهود الإصلاح الجزئي التي دبرها الله سبحانه للإبقاء على الكتاب العزيز الذي تكفل بحفظه، فالجهود التي حدثت في العصرين الأيوبي والمملوكي أدت إلى إنقاذ قلب الأمة وإلى ظهور الكتاب الموسوعيين وكان ذلك تحقيقا للوعد الإلهي بحفظ الذكر.
أما الإمبراطوريات المحسوبة ظلما على الإسلام والمسلمين كالإمبراطوريات الأموية والعباسية والعثمانية فكانت بلاءً ابتلي به المسلمون قبل غيرهم وأكثر من غيرهم ولم تؤد إلا إلى تعطيل مسيرة الدعوة الإسلامية وإلى إحداث تحريفات ثابتة في الصياغات الدينية وجعلت صورة الإسلام لدي الناس قصور مكتظة بما لا يحصي عدده من النساء من شتي السلالات وجنود أجلاف غلاظ القلوب لا هم لهم إلا القتل واستحياء النساء واسترقاق الأطفال وتقطيع الأيدي وسمل الأعين.
ويجب الحذر عند تناول ما كتبه السلف في ظل تلك العصور المظلمة فلقد تبنت تلك الإمبراطوريات المفاهيم العدوانية للتعامل مع الآخرين وقال لهم كهنوتهم بنسخ كل آية تأمر بالحكمة في الدعوة وتظهر طبيعتها السلمية وتنهي عن العدوان وتقرر أنه لا إكراه في الدين، لذلك حُقَّ لقادتهم أن يعلنوا لهذه الشعوب أنهم جاؤوهم بقوم يحبون التسلط والبغي والعدوان والاستعلاء والغنائم كما يحبون هم الحياة، وهكذا استخدم هؤلاء الدين ليس لإخراج الناس من ضلالهم المبين وإنما للتسلط على الآخرين وسبي نسائهم وذراريهم ونهب أموالهم.
ولقد تسبب هؤلاء في أن ينمو العقل والشعور الجمعي في الغرب في ظل الإحساس بالخطر المحسوب ظلما على الإسلام، ولذلك ما إن امتلكوا أسباب الحضارة والقوة إلا وانقضوا على العالم الإسلامي.
وللإنصاف فإن هذه الإمبراطوريات المحسوبة على الإسلام لم تشكل خطرًا على من جاورهم من الشعوب فحسب وإنما شكلت خطرا على شعوبهم أيضا الذين عاملوهم كما يعامل الغزاة المنتصرون الرعايا المقهورين، إن أعدادًا هائلة من المسلمين قد أبيدت بسبب المتسلطين على أمورهم من المفسدين في الأرض وما أشعلوه من حروب لا تنتهي وحرصهم على سيادة الجهل والتخلف واستفزازهم لعداء الآخرين، ولقد كانت أكثر خسائر المسلمين على أيدي المحسوبين على الإسلام.
وفي حين أن كافة الشعوب الإسلامية هبت لتقاوم الغزو الأوروبي فإنهم تقبلوا دائمًا ظلم وطغيان الجهلة والمفسدين في الأرض الذين تسلطوا عليهم لمجرد أنهم محسوبون على الإسلام، كما تقبلوا عدوانهم عليهم، وكان ذلك بالطبع بسبب الصيغ الدينية السائدة التي وُضعت في ظل هؤلاء لتضفي الشرعية على تسلطهم.
وكذلك أحجم هؤلاء المتسلطون عن اتباع أي نهج لإنعاش اقتصاد بلادهم أو جهلوا ذلك جهلًا مطلقا، لقد تعمقت وتأصلت النزعة الأعرابية في نفوس المسلمين والتي تدفعهم للعدوان على الآخرين والاستمتاع بثمار أعمالهم بدلا من الاشتغال بعمل منتج مثمر، أما الأموال الطائلة التي تدفقت على الحجاز بعد نجاح التوسع العربي العسكري فلم تجد من يحسن استعمالها واكتفى القائمون على الأمور بتوزيعها على الناس فبددوها في شراء الجواري والغلمان وبناء القصور والتمتع بمباهج الحياة الدنيا، أما الصالحون منهم فأنفقوها على الفقراء الذين لم يفعلوا بها إلا كما فعل المترفون.
*****
إن الشيع التي تفرقت إليها الأمة والدين قد اتسمت بكل النزعات القبلية الجاهلية، فكلها متنافية متمانعة لا تقبل بالتعايش السلمي إلا مرغمة وفي ظل قوة قاهرة.
إن من المشاكل الأساسية أن كل من اجتهد في مجالٍ ما قد ظن أن هذا المجال هو كل الدين، فلما تم توثين هؤلاء بالتقادم اكتسبت آراؤهم المحدودة والمقيدة نفس الدرجة من التوثين والقداسة، وهكذا ظن الناس أن ما تناوله مالك والشافعي وابن حنبل هو كل الدين فاختزلوه بذلك وعزلوه عن جواهره ولبه ومقاصده وأركانه العظمي ومنظومات قيمه وخصائصه واندثرت بذلك أساليب تزكية النفس وكذلك الجوانب الوجدانية التي لا يمكن أن يخلو منها دين حقيقي، وعندما زعم ابن حنبل أن الفرقة الناجية هم أهل ما سماه بالحديث سلَّم الكثيرون بقوله، خاصة بعد أن تبنى المتوكل العباسي مذهبه وفتك بكل الاتجاهات الأخرى.
ولقد كانت محاولات الأصوليين والمتكلمين أقرب إلى تفهم لب الدين ومقاصده، بيد أنهم فتنوا بالوسائل وبالغوا في أهمية المنطق الصوري وتاهوا وضلوا عن المقاصد الحقيقية، أما أقرب الناس إلى مقاصد الدين وجواهره وجوانبه الوجدانية فكانوا المتصوفة، ولكن التصوف نتيجة لاندثار الآثار المتعلقة بالتزكية النبوية، ونتيجة لإلزام الناس عمليا بالإعراض عن القرءان، ونتيجة لاختزال الدين قد اضطر إلى الاغتراف العشوائي مما لدي أهل الملل الأخرى، ولقد عمل الشيطان وعملاؤه على توسيع الفجوة بين التصوف وبين الإسلام وإلى تفريغ التصوف من جواهره ومقاصده.
ومن المعلوم أن اشتغال أحد الناس بأحد الفروع كعلم الحديث أو (الفقه) أو التفسير لابد أن يطبع هذا المرء بطابع خاص لا انفكاك له عنه إذ لابد أن ينمي بعض ملكاته على حساب الأخرى، ومن كان كذلك لا يصلح أن يُقتدي به ولا أن يفتي الناس في أمر من أمورهم ذلك لأنه لم يحط علما بكليات الدين ولا بمقاصده العظمى ولا بثقافة عصره ولا بمنظومة القيم السائدة، هذا بالإضافة إلى أن إجادة أحد العلوم الفرعية (الدينية) ليست أمرا كافيا لإكساب الإنسان أية درجة من التقوى ولابد من السعي الجاد لتزكية النفس، فإحاطة الإنسان بعلم فرعي (ديني) لا تعطيه الحق في الإفتاء خارج نطاق تخصصه ولا تعطيه درجة من الولاية على الناس ولا تفوقا دينيا جوهريا عليهم خاصة وقد حذف السلف جوانب التزكي والأمور الوجدانية من المذاهب الرسمية!!!!
وعلى المرء أن يتعظ بكل ما مر بتلك الأمة من المحن والأهوال والتي تسبب فيها بالأصالة المحسوبون على الإسلام لتمسكهم بصيغ بالية لا تصلح لمواكبة العصر ولا لإحداث أدني تقدم، ويكفي هؤلاء جهلا أنهم يتصورون أن أمجاد الأمة لن تعود إلا بعودة المرأة إلى البيت وبأن تلزمه أو تحبس فيه وبارتدائها ما يسمونه بالنقاب وبالتمسك بعادات وتقاليد الأعراب وبالأساليب والمعارف السلفية وبإطفاء مصابيح الحضارة الحديثة وباتخاذ منجزاتها وراءهم ظهريا….إل.
ولقد كانت الشعوب الإسلامية كلها كذلك في نهاية القرن الثامن عشر فما أغنى عنها كل ذلك شيئا بل تكالبت عليها الأمم وفعلت بهم الأفاعيل، وعلى هؤلاء أن يأخذوا العبرة مما آل إليه حال أفغانستان، لقد صدقوا هناك الجهاد ضد الشيوعيين وتلقوا مساعدات من كافة المسلمين وكذلك من بعض المغرضين فانتصروا واصبحوا سادة في بلادهم، ولكن لم يكن لديهم صيغة إسلامية تسمح لهم بمواجهة تحديات العصر، بل كان لديهم بعض المذاهب الأعربية الأموية، فاشتبكت طوائفهم في صراع مرير لا تسامح فيه ولا جنوح إلى سلم كما هي عادة المحسوبون على الإسلام في حروبهم فيما بينهم والتي تكون عادة أشد شراسة ووحشية وقسوة ودموية من حروبهم مع الطوائف والنحل الأخرى، ثم كانت الغلبة لأشد طوائفهم ظلامية وسلفية وجهلا فاعتقلوا بلادهم وحاولوا إرجاعها إلى القرون الوسطى، فكان من أمرهم ما كان وصاروا هم سلفا ومثلا للآخرين، ورغم ذلك فإن هؤلاء كانوا مخلصين ولقد طلبوا الحق فأخطئوه، أما من طلبوا الباطل وأصابوه كنظام البعث العراقي فالناس يشهدون الآن ما سببه لبلد عريق وعظيم الثراء من خراب وما ولده فيه من فتن.
*****
1