top of page

المثاني والحلقات الإلهية

الاسم الْحَيُّ الْقَيُّومُ

الاسم الحي القيوم


قال تعالى:

{اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ....} البقرة 255

{اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} آل عمران 2

{وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا} طه 111

الاسمية

درجة العمومية (المقابلة لدرجة التقييد في طبيعة الخطاب): 1

يحقق شرط البنية

يحقق أعلى درجة طلاقة (التحرر من الإضافة)

درجة الورود: يحقق الورود المؤكد؛ عَلَم، مُعرَّف دائمًا، خبر مؤكد بالتعريف لجملة اسمية.

أنساق الاسم: النسق الأول، النسق المطلق، النسق المؤكد بالتكرار، النسق التفصيلي

*******

وهذا المثنى يشير إلى سمة ذاتية واحدة تفصيلها الحياة الحقيقية والقيام بالذات، وهذه السمة من السمات العظمى التي انفرد بها؛ فلا شريك له فيها، أما كل ما هو من دونه فإنما حياته به وله وقيامه به وله.

فهو سبحانه الحي القائم بنفسه قياما ذاتيا والذي قام به كل شيء، فهو القائم على كل شيء وهو القائم على كل نفس بما كسبت، فلا وجود لشيء إلا به ولا قيام له إلا به، فهو الذي يمد كل كائن بأسباب وجوده وبقائه في كل وقت وحين، وهو الذي قرن كل ماهية أو حقيقة بالمواد اللازمة لإظهارها وتحققها لكي تمارس مهامها المنوطة بها وهو القائم بالتدبير، لذلك عنت له الوجوه إذ هي تعلم أنها قائمة به، فهي المفتقرة دائما إليه، ولذلك فهي بلسان حالها مسبحة بحمده عابدة له، وإنما سيظهر الأمر لكل الناس من عرفه ومن جهله يوم القيامة.

وهو أيضا الذي نزل علي عبده الكتاب وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدي للناس، ولذلك تتضمن كتبه ما يلزم لإحياء النفوس الحياة الحقيقية؛ إي إن في كتبه ما يلزم لحياة الكيان الجوهري للإنسان، ولذلك كان القرآن روحا من أمره.

ولأن له البساطة المطلقة إذ لا تركيب في ذاته ولا تعدد في كيانه فإن حياته هي أمر ذاتي مطلق فلا مضاد لها بالنسبة إليه من حيث هي كذلك، لذلك فإنه لا يمكن أن تأخذه سنة أو نوم، وبحياته الكاملة المطلقة تلك كان وجود وبقاء كل شيء، ولأنه الحي القيوم لم يذهب هذا الكون أو يطوه العدم، ولما كان هو الحي القيوم كان عليما بكل شيء محيطا بكل شيء.

وهذا الاسم من أقرب المثاني إلى الأسماء العظمي خاصة إذا ما اقترن بما يشير إلى التوحيد، فهذا الاسم هو من أسماء التوحيد.

والقول بأنه قيوم السماوات والأرض لا يعني أبدا أنه حالٌّ فيها أو أنه عين وجودها، بل يعني أنه لا استقلال لها بأنفسها؛ ولو افترض جدلا –وهذا الفرض هو المستحيل بعينه-أنه أخذته سنة لانهارت الأكوان ولأصبحت محض العدم، لذلك كان من لوازم وتفصيلات السمة المشار إليها بالحي القيوم أنه لا تأخذه سنة ولا نوم، فسريان القوانين والسنن في حاجة دائمة إليه، وثباتها يشير إليه، وهو الذي يمسك السماوات والأرض أن تزولا، وفعل الإمساك المنسوب إليه يظهر في كل عالم وفق مقتضيات وطبيعة هذا العالم، ومن مقتضياته تلك القوانين والسنن، ولما كان الأمر كذلك لم يكن من الممكن أيضا أن تتغير السنن التي ترتب مصير الإنسان على أفعاله الاختيارية، فالشفاعة مثلاً هي فعل يتم بمقتضى نسق خاص من السنن يعبر عن جماعه بالإذن المنسوب له، وكل السنن هي في النهاية من مقتضيات منظومة الأسماء الحسني، فلابد من سريان العدل والقسط فيها.

*******

الله هو الحيّ القيوم الذي حياته بذاته لذاته، وهو القائم بنفسه دون حاجة إلى مدد من غيره، فهو الحي القائم بنفسه إليه يستند كل حيّ ولا يقوم إلا به، وهو لا ينام لأن حياته ذاتية أصيلة متمثلة في كل كيانه الذي لا تركيب فيه، فهو الصمد المطلق والأحد المطلق واللطيف المطلق، فلا يمكن أن يمسه لغوب أو أن يتعب.

وإلى هذا الاسم تستند أمور يوم الدين، لذلك عنت الوجوه هنالك للحي القيوم.

*******

1

bottom of page