top of page

نظرات في المذاهب

مختصر تاريخ الدين الأعرابي الأموي

مختصر تاريخ الدين الأعرابي الأموي

الدين الأعرابي الأموي هو الدين الذي أسسه أهل البغي وعبيد الدنيا والمنقلبون على الأعقاب، وذلك من بعد أن دانت لهم الأمور، استولوا على الأمة وعلى كل ما حققه المسلمون الأولون من إنجازات، قضوا على خير أمة أخرجت للناس وكادوا يبيدون ذرية الرسول مستخدمين أقسى أساليب الإرهاب الوحشي المجنون.

وقام بتأسيس الدين لحسابهم بعض المرتزقة من المنافقين وتجار الدين والموتورين من أهل الكتاب، قوامه هو المرويات المختلقة والمنسوبة إلى الرسول وأقوال من دخلوا في خدمتهم من رجال الدين المزعومين، ويتضمن الكثير من المنظومة الجاهلية ومن أساطير أهل الكتاب، استقرت أصوله وعناصره في العصر الأموي، ثم تمَّ التنظير له في العصر العباسي، فاستقر ورسخ وثبتت أصوله، ومن فعلوا ذلك في العصر العباسي كان منهم يهود بأسمائهم المعلومة، بينما كانوا يخفون أسماءهم في العصر الأموي.

حاول الخاصة إصلاح أموره من بعد أن صدمتهم حقيقته، وتبين قصوره أمام الأديان والمذاهب المستقرة في المنطقة، كان أبرزهم المعتزلة، الذين حاولوا إدخال قدرٍ من العقلانية فيه، ولكن سرعان ما انتفض جسده الأعرابي الأموي العباسي ضدهم، فتمخض ذلك عن اختفاء المعتزلة، وظهور المذاهب التلفيقية كالأشعرية والماتريدية، والتي حاولت التوفيق بين المذهب الأثري (الاسم المختصر للدين الأعرابي الأموي العباسي) وبين مذهب الاعتزال، ولكن بقي المذهب الأثري ممثلا في تيار حنبلي جهلوتي دموي ناصبي، ولكن أصبحت المذاهب التلفيقية هي السائدة، واستأثرت بلقب أهل السنة والجماعة، خاصة بعد استيلاء الفاطميين على قلب العالم الإسلامي وجناحه الغربي.

وكان ذلك بفعل السلاجقة الذين أقام نظام الملك، أشهر وزرائهم، المدارس المعروفة بالمدارس النظامية لتعليم المذهب ليواجه المدّ الفاطمي، الذي كان يتشر بفعل تعليم يقوم به دعاة متمرسون.

ولما اكتشف الناس، وخاصة مسلمو البلاد العريقة خلوّ الدين الأعرابي من الأمور الوجدانية التي تشكل جوهر أي دين حاولوا إدخالها فيه فنشأ تيار التصوف، وبالطبع تصدى لهم أتباع الدين الأثري بشراستهم المعهودة وإجرامهم العريق، وأصبح على المتصوفة أن يتبعوا التقية وأن يحاولوا التوافق مع هذا التيار الوحشي الدموي.

ولقد استطاع أحد أساتذة المدارس النظامية، وهو الإمام الغزالي عمل صيغة توافقية مكونة من المذهب الشافعي في الفقه والأشعري في العقيدة والتصوف في صورة معتدلة.

ثم نزلت كارثتان على العالم المحسوب على الإسلام، المغول والتتار من الشرق، والغزو الصليبي من الغرب، وأصبح هذا العالم مهددا في وجوده، فلاذ الناس بالتصوف واشتد عوده، وانتشرت بذلك وسادت صيغة الشيخ الغزالي، ونشأ عليها فرسان الدولة الزنكية ثم الأيوبية، ثم المماليك من بعد، وبذلك انتصرت هذه الصيغة في قلب العالم الإسلامي، وأصبحت هي الممثل لمذهب أهل السنة والجماعة، ولكن استفحل التصوف واشتد ساعده، ونشر خزعبلاته بين العامة، خاصة بعد ظهور الطرق التي أصبح لكل واحدة منها جيوشه من العامة.

أما المذهب الأثري فتوارى ليلعق جراحه، ولكن كان له مكمنه الدائم في الشام، حيث يكمن النواصب، فظهر ابن تيمية، وحاول التصدي للمذهب السني المحسن، وأبلى بلاء حسنا في التصدي للتصوف، ولكنه هُزِم في النهاية وتم سحقه.

ورغم ذلك فقد أحدث اتجاها كامنا ضد التصوف، وترك تراثا ضخما فنَّد فيه المذهب السني التقليدي، واستولى لنفسه على اسمه.

وقد كانت مشكلة المذهب السني التقليدي أن التحسينات التي أُدخلت عليه أتت من الخارج، ولم تنبع من مصادره، وإنما حاولوا ليّ عنق بعض نصوص Textsهذه الأصول لاستنطاقها بما يريدون منها، فغلوا في التأويل، ولما كان الأمر كذلك فقد كانت قوته مفتعلة، ولم تؤد إلى أي رقي حقيقي، وكان من الطبيعي أن تُستنفد قوته الدافعة وآثارها.

وقد تفاقم الأمر بظهور العثمانيين واستيلائهم على قلب العالم الإسلامي، وفي خلال عصرهم المظلم الطويل بلغ التدهور ذروته، وانتهى سحر الصيغة القديمة، وهكذا عندما جاءت الإمبريالية الغربية فوجئت بمقاومة مضحكة هزلية واستولت على بلاد أعدائها القدامى بكل سهولة ويسر.

وفي أواخر العصر العثماني ظهرت الحركة الوهابية مسلحة بصورة أعرابية متطرفة من المذهب الأثري، قوامها كتب ابن تيمية، وتلميذه ابن قيم الجوزية، وحظيت برعاية الشيطان الغربي البريطاني الذي كان حريصًا على تأمين طرق مواصلاته إلى الهند أهم مستعمراته، وحملت هذه الحركة على عاتقها عبء إبادة المسلمين الآخرين، وبدأت بالطبع بالأقرب فالأقرب، واستولت على الحرمين وعاثت في الأرض فسادا.

ولم تستطع الدولة العثمانية أن تحمي المسلمين من شرها، رغم أنها ظلت تستنزف موارد بلاد الشرق الأوسط لمئات السنين بحجة أنها المدافع عنهم، فاستنجدت بحاكم مصر التابع لها صوريا، فتدخل ليتم سحق الحركة الوهابية في النهاية بعد حروب ضروس وتكاليف باهظة تكبدتها مصر وحدها، وكل ما فعلته الدولة العثمانية هو الإقرار بتبعية الحجاز ونجد لمصر، مع إضمار نية الغدر بكل ذلك في أقرب فرصة.

أما الشيطان البريطاني فظل يتربص بمصر الدوائر، ومن بعد الحروب المصرية-العثمانية التي سحق فيها الجيش المصري الدولة العثمانية كونت تحالفًا دوليا أرغم الجيش المصري على الجلاء عن آسيا كلها ممهدة الطريق لإحياء الحركة الوهابية.

وبعد تطورات عديدة ومتلاحقة استقر الأمر للوهابية في الجزيرة العربية، واستأنفوا مخططهم القديم للقضاء على كل المذاهب الإسلامية الأخرى، واستولوا لأنفسهم على لقب أهل السنة والجماعة، وبذلك أصبح لا حقّ لمن يدعي حمل هذا اللقب في الوجود.

وقد انتفعوا بالدرس القاسي، وأدركوا، أو أدرك الشيطان الذي يركبهم ويقودهم، أن المواجهات المباشرة ستؤدي إلى إحباط كيدهم، ولذلك عندما أعادوا بناء دولتهم أصبحت خطتهم القضاء على أعدائهم بأيدي أعدائهم.

وقد استغلوا لذلك سيطرتهم على الأراضي المقدسة، فقد أصبحوا بذلك الممثل الشرعي للإسلام عند القطعان من بهيمة الأنعام، وبدئوا عملية التسلل بواسطة أكابر الأبالسة وعبيد الدنيا إلى المراكز السنية التقليدية لنسفها من الداخل، وقاموا بالسطو رسميا على لقب "أهل السنة والجماعة" وتفسيق وتكفير ومطاردة أو تصفية كل مخالفٍ لهم.

وكان من الطبيعي أن يحدث تحالف بين جنود الشيطان في هذه المنطقة الاستراتيجية من العالم، فأهدافهم متطابقة، وهكذا نشأ التحالف الصهيو-وهابي، وعندما بدا أنهم أحكموا التمكن من البلدان الكثيفة السكان في المنطقة بدئوا عملية تخريبها والقضاء على سكانها بأيدي أهلها وتشريدهم في الآفاق.

فمن المضحك المبكي أن تنتظر خيرا من عدوك المصمم على قتلك!

*******

1

bottom of page