أركان دين الحق
من أمور الدين الكبرى الواجبة على الفرد
هذه بعض أمور الدين الكبرى الواجبة على الفرد:
1- الإيمان بالله الذي لا إله إلا هو وله الأسماء الحسنى المذكورة في القرءان، وهذا يستلزم أن يعرفها الإنسان بقدر وسعه هي والآيات التي وردت فيها، ومن لوازم ذلك الإيمان بما نسبه الله تعالى إلى نفسه في الكتاب العزيز من الصفات والشؤون والأفعال والسنن، والحد الأدنى اللازم للوفاء بمقتضيات هذا الركن أن يشهد أنه لا اله إلا الله على أن يعلم المفهوم القرءاني لما ورد فيها.
2- إخلاص العبادة لله تعالى وهذا يعني العمل بمقتضيات الركن السابق أي القيام بحقوق الأسماء الحسنى أي أن يتحقق بمقتضياتها، وأن يقابل بالآداب اللازمة تجلياتها، كما تم بيانه في كتب سابقة، وهذا يقتضي أن يتطهر من الشرك، وألا يشبه الله بخلقه، وألا يزعم لهم ما هو له وألا يلحد في أسمائه وألا يسيء الظن به وألا يتقول عليه، فلا يتخذ من دونه شفعاء أو أولياء ويستعين به ويطلب الهداية وكل شيء منه ولا ينظر إلى من هم من دونه إلا من حيث أنهم آلات بيده يسيرهم كيف يشاء ويصرفهم كيف يشاء، وهو الآخذ بنواصيهم والمستوي على عروشهم، ومن لوازم ذلك أن يعتصم به وأن يتوكل عليه وأن يتوجه إليه بالدعاء بإخلاص في كل الأمور والأحوال، ومن ذلك الفرح بفضل الله تعالى ورحمته، ومن ذلك اتخاذ الشيطان عدوا والاستعاذة بالله تعالى من الشيطان الرجيم، وتلك الاستعاذة ليست بمجرد التلفظ بعبارة وإنما هي حالة وجدانية يعمل الإنسان علي اكتسابها والتحقق بها وما التلفظ بعبارات الاستعاذة إلا وسيلة للتحقق بتلك الحالة، ومن مقتضيات الإيمان بأن لله الأسماء الحسنى: ذكر الله، تقوى الله، خشية الله، حب الله، تفويض الأمر إلي الله، التوبة، الاستغفار، التسبيح بحمد الله، التسبيح لله، الثقة في الله،القنوت لله، طاعة الله والاستجابة له، الشكر لله والإقرار بنعمته، التطلع إلى ما عند الله، إسلام الوجه لله، إخلاص الدين لله، الخشوع لله، ألا يخشى أحدا إلا الله، أن يعلم أن الله هو الأصدق حديثا، أن يعلم أن كل كمال وفضل ونعمة ورزق حسن إنما هو من الله، الاكتفاء بالله تعالى واستمداد الأمن منه واتخاذه وليا، الإيمان بأنه سبحانه ليس كمثله شيء، ألا يوالي أعداء الله، خشوع القلب لذكر الله وما نزل من الحق، تكبير الله، الدعاء بالأسماء الحسنى، الصبر ابتغاء وجه الله، احترام وإجلال الجناب الإلهي، ذكر نعمة الله والتحديث بها، الحمد لله، الثناء على الله، الشهادة لله، الدعوة إلى الله، تعظيم حرمات الله، النظر في آيات الله، إجلال وتوقير سنن الله ومن ذلك إتيان البيوت من أبوابها.
3- الإيمان بكل ما ورد في الكتاب العزيز مما يتعلق بعالم الغيب فيؤمن باليوم الآخر وبملائكة الله وكتبه ورسله إجمالا ويؤمن بالكتاب العزيز وبخاتم النبيين إيمانا تفصيليا خاصا؛ فيؤمن بكل ما أورده الكتاب من معلومات عن خاتم النبيين وعن اليوم الآخر، فهذا الكتاب وحده هو علم للساعة، وللإيمان بالبعث واليوم الآخر الأهمية الفائقة وهو العلامة الكبرى الفارقة بين المؤمن الحقيقي من ناحية وبين الفاسق والمنافق من ناحية أخري.
4- ذكر الله تعالى بمعنى الالتزام بكل ما يذكر الإنسان بالحضور الإلهي معه في كل أحواله حتى يتحقق له هذا الذكر فلا يغفل عن ربه أبدا ويتولد لديه إحساس صادق دائم بهذا الحضور، ومن لوازم هذا الركن ذكر الآيات التي وردت فيها الأسماء الحسنى والتسبيح لله والتسبيح بأسماء الله والتسبيح بحمد الله تعالى والتكبير والاستغفار وخاصة بالأسحار والتبتل إلي الله، وكل هذا يستلزم الإعراض عن الغافلين عن ذكر الله لأن مجرد مخالطتهم وربما رؤيتهم تبدد آثار ما يبذله الإنسان من جهد للتحقق بهذا الركن.
5- الإيمان التفصيلي بالكتاب العزيز وهذا يستلزم تلاوة آياته وتعلمه وتعلم ما يتضمنه من الحكمة بمعناها الحقيقي، والتلاوة باللسان مع استحضار المعاني هي الحد الأدنى اللازم لكل مؤمن ويعلو ذلك القراءة مع إعمال الملكات القلبية الذهنية والوجدانية في الآيات والقيام بحقوقه فلا يقدم شيئا عليه، ومن ذلك ترتيل القرءان وخاصة أثناء قيام الليل والاستماع والإنصات لقراءة القرءان وأن يكون الكتاب هو المرجع الرئيس لكل أمور حياته، وعلي المؤمن أن يعرف أسس التعامل مع الكتاب العزيز وأن يلتزم بها.
6- الإيمان بأن سيدنا محمدا r هو خاتم النبيين وأنه المرسل رحمة إلى العالمين وأنه الشهيد علي تلك الأمة وعلى شهداء الأمم، وهذا يستلزم توقيره وتعظيم قدره والصلاة والسلام عليه والتمسك بسنته الحقيقية والتأسي به، ومن لوازم ذلك التمسك بآل بيته الحقيقيين وهم أهل الله أي أهل القرءان.
7- التحقق بتقوى الله وهي أن يتحلى الإنسان بمقتضيات تحققه بذكر الله فيحبه ويجله ويخشاه ولا يتعدى حدوده، فالتقوى هي جماع مقتضيات الإحساس القلبي الصادق بالحضور الإلهي، والتقوى هي ثمرة الركن الثاني وكذلك هي ما ينتج عن التحقق بذكر الله.
8- تزكية النفس بالعمل علي التطهر من كل ما يناقض منظومة القيم الرحمانية من الصفات والأخلاق الذميمة مع اكتساب كل ما تتضمنه من القيم ومكارم الأخلاق، ومن ذلك العمل علي تزكية وتنمية الملكات الوجدانية والذهنية، وهذا يستلزم أيضا أن يكون الإنسان حريصا علي طلب العلم والانتفاع به والإفادة الأمثل من الوقت، ومن مكارم الأخلاق التي يجب التحلي بها: تقوي الله والشكر لله والصبر (بمعنى الجلد والقدرة على التحمل على كافة المستويات والصمود في مواجهة الشدائد) والعفو عن الناس (عند المقدرة عليهم ) والصفح الجميل وكظم الغيظ والإعراض عن الجاهلين والشجاعة والقوة والعزة والأمانة والصدق ومودة المؤمنين ورحمتهم والحلم والتواضع وخفض الجناح للمؤمنين والتفكر وحب العلم والاستقامة والرأفة والرحمة والحياء والإحسان والأمانة والتوكل على الله والعدل واللين والرفق والمصابرة والشدة على الكافرين والفقر إلى الله، ومما يعين علي تزكية النفس مصاحبة عباد الله الصالحين المخلصين له الذين يريدون وجهه.
9- اجتناب كبائر الإثم والفواحش.
10- إقامة الصلاة، وهي مراده للمقصد منها وهو التحقق بذكر الله تعالى والانتهاء عن الفحشاء والمنكر وكلا المقصدين من الأركان ومن لوازم أركان، ويجب العلم بأن تحقيق المقصد أهم بما لا يقاس من الانشغال المبالغ فيه بالأمور الشكلية، وبالإضافة إلي الصلوات المعلومة علي الإنسان أن يحرص علي التهجد نافلة له.
11- الإنفاق في سبيل الله تعالى، والإنفاق عبادة مستقلة فهو غير إيتاء الزكاة، ويقابله إقراض الناس بالربا وإمساك المال وكنزه، فيجب على الإنسان ألا يعرقل دورة رأس المال وعندما ينفق فليجعل مقصده ابتغاء وجه الله تعالى، أما المصطلح (في سبيل الله) فهو يعنى كل ما يمكن أن يؤدى إلى تحقيق مقاصد الدين العظمى مثل زيادة معرفة الناس بربهم والدعوة إلى الإسلام وإعداد الإنسان الرباني الفائق وإعداد الأمة الخيرة القوية الفائقــة.
12- إيتاء الزكاة وهو ركن يجب أن تقوم به الأمة المؤمنة أو من ينوب عنها أو يمثلها من أولى الأمر، وفى حالة عدم وجود الأمة فإن للمجتمع الإسلامي أن يبحث عن الآليات الممكنة للقيام بها، وهي تختلف عن الإنفاق في أنها أشبه بالنظام الضريبي، وعلى أولى الأمر إلزام الناس بها كما أن عليهم تحديد وتعريف كل ما يتعلق بها مثل مقاديرها وأنصبتها ومصارفها، وعليهم ألا يتركوها للأمور العشوائية، فإن قصَّر المجتمع في واجبه هذا فعلي كل فرد أن يجتهد بخصوصها، أما الإنفاق فهو ركن كذكر الله تعالى منوط بكل فرد على حدة.
13- القيام بمقتضيات حمل الأمانة والاستخلاف في الأرض ومن لوازم ذلك أن ينمي قدراته وملكاته وأن يحسن الانتفاع بها وبوقته وألا يهدرها عبثا وهذا يقتضي الإعراض عن اللغو وأن يعمل على إتقان مهنة أو حرفة يتكسب منها وأن يؤدي واجباته تجاه من هو مسؤول عنهم فيعلمهم الصلاة ويأمرهم بها، ومن ذلك أيضاً الأكل من الطيبات من الرزق والانتشار في الأرض وابتغاء فضل الله وألا يفسد في الأرض بعد إصلاحها وأن يحترم حق الكائنات الأرضية الأخرى في البقاء.
14- احترام حقوق الآخرين وكرامتهم والإحسان إليهم، وأوجب الحقوق حقوق الوالدين، فيجب الإحسان إليهما وبرهما، صلة أولى الرحم والإحسان إليهم، الحكم بالعدل والقيام بالقسط والشهادة بالقسط، الوفاء بالكيل والميزان، أداء الأمانات إلى أهلها (الأمانة)، ألا يبخس الناس أشياءهم، ألا يطفف، الإحسان إلى اليتامى والإقساط فيهم، ومن ذلك أيضاً تخليص الرقاب من الرق والعبودية والإصر والأغلال، الوفاء بالعهد والالتزام بالمواثيق، واحترام حقوق الآخرين يعني بالضرورة أن العدوان علي تلك الحقوق من كبائر الإثم ومحرم تحريما باتاً، ومن العدوان القتل والسرقة والزنا والقذف والافتراء والضرب والتعذيب والغيبة....الخ.
15- القيام بالواجبات نحو الأمة وبكل ما يدعِّم وحدتها ومن ذلك الدعوة إلي الله تعالي والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإصلاح بين المؤمنين بالعدل والقسط وأن يتولى المؤمنين والأداء الجماعي للصلاة والإنفاق في سبيل الله وإيتاء الزكاة والتواصي بالحق والصبر والتعاون على البر والتقوى ورد التحية بأحسن منها، والإقساط إلى المؤمنين ومن سالمهم ولم يظاهر عليهم أحدا، والاستغفار لمن سبق بالإيمان والإقرار بفضلهم دون المغالاة في أمرهم، وألا يوالي أعداء الأمة وأن يأخذ حذره منهم.
16- الدعوة إلى الله تعالى والعمل لإعلاء كلمته باستخدام السبل المبينة في الكتاب وهي إنما تكون بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن.
17- الاعتصام بالله تعالى وهو يقتضي الاعتصام بحبله وهو القرءان الكريم، وهذا أيضًا من لوازم القيام بأركان عديدة.
18- التوكل على الله تعالى وتفويض الأمر إليه والفرار إليه والاعتماد على حوله وقوته، وهذه صفات تقتضي أفعالا وكلها من لوازم القيام بحقوق الأسماء الحسني.
19- الصبر، وهو صفة وفعل ذاتي، فالصفة تتمثل في متانة البنيان النفسي، والفعل يتمثل في الثبات والقدرة على مواجهة البأساء والضراء وكافة ألوان الصعاب والمحن بدون جزع أو هلع أو نكوص على الأعقاب.
20- استعمال الملكات الذهنية والحواس الإنسانية للنظر في الآيات الكونية والنفسية، ولاكتشاف واستيعاب السنن الإلهية والكونية والإفادة منها، وهذا يعني بلغة العصر العمل في مجالات العلوم الطبيعية الحديثة.
21- العمل الصالح وهو أن تكون كل أعماله من مقتضيات الإيمان أي أن تكون خالصة لوجه الله تعالي وبذلك يكون عمل الإنسان وحركاته وسكناته لله رب العالمين.
22- الصيام وهو أيضا مراد لمقاصده ومنها التحقق بالتقوى والشكر لله تعالى.
23- حج البيت.
24- التصدي للبغي وأهله، والتصدي للبغي يكون بقدر الاستطاعة، فعلى الفرد أو الجماعة مثلا التصدي للبغي الصادر من فرد أو جماعة، أما البغي الصادر من كيانات أكبر فهو مسؤولية الأمة.
25- طاعة أولى الأمر من المؤمنين.
26- الشورى في الأمر.
27- الجهاد بالمال والنفس في سبيل الله تعالي.
28- القتال في سبيل الله تعالى وذلك في ظل وجود الأمة الخيرة الفائقة.
29- النظر في عاقبة الأمم السابقة أي بالاهتمام بعلوم الاجتماع وفلسفة التاريخ والإفادة منها.
*******
1