ثورة يناير (مجموعة قصصية)
يحيى الوطني 2
أخذ يتساءل ما جدوى الدين إذا لم يقوِّم به نفسه؟ ما هو السبيل ليعصم نفسه نهائيًّا من الوقوع في أية معصية بل من التفكير في اقتراف أية معصية؟ هذا هو السؤال الذي أصبح يُلِح ّ عليه بشدة، أسلمه ذلك إلى إعادة التفكير في كل شيء، ثم إلى الشك في أكثر ما كان يسلِّم به.
ولكنه لم يشك أبدا في حقانية الإسلام ولا في مصداقية القرءان، كان إيمانه بالقرءان راسخا، كان يسلم بأنه كتاب الله تسليما مطلقا، من أين أتاه مثل هذا الإيمان؟ هو نفسه لا يدري، وحتى عندما قرأ شيئا عن الشك المنهجي لم يستطع أن يطبقه على أي شيء يتعلق بالقرءان، كان للقرءان في قلبه مكانة لا يمكن أن يرقي إليها أي شيء آخر، إن هذا القرءان عنده هو كلام إله، إن من يتحدث به هو إله بلا ريب، إن هذه السطوة في الحديث وتلك العزة المنيعة الغالبة المتجلية في الكلام وفي الأسلوب كل ذلك لا يصدر إلا عن إله قوي عزيز غالب محيط بكل شيء.
كان بالفعل كلما قرأ بضع آيات من القرءان ازداد إيمانه ويقينه وخشع قلبه وجوارحه، وكم من مرة فاجأته تلاوة آتية من بعيد ارتجف منها جسده واهتزَّت لها أركانه أو خرَّ بسببها ساجدا أو ذُهل بها عن كل ما هو حوله.
كان في طريقه إلى منزله ذات مرة، سمع القارئ يتلو خواتيم سورة الصافات، أخذته الرهبة وتسمر في مكانه، أخذ يسمع:
{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (174) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (175) أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (176) فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ (177) وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (178) وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (179) سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182)}
ثمة بلا ريب إله يتكلم، عندما سمع القول:
{أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ؟ فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاء صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ}
روَّعه التهديد فلم تعد ساقاه تقويان على حمله، كاد يغيب عن وعيه لولا أن ركبتيه ارتطمتا بالأرض فتنبه وتماسك وهرع أحد المارة وساعده على القيام، أخذت آيات التسبيح تجلجل في أذنيه ويهتـز لها كيانه، تعاظم جلال الله في قلبه.
مرة أخري سمع آيات الحاقة:
{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (13) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (14) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (15) وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16) وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17) يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (18)}،
ارتسمت المشاهد الرهيبة أمامه، تزلزلت أركانه.
لقد حيرته تلك الأحوال التي كانت تعتوره، هل كل الناس مثله؟ قرر أن يتلو آيات الصافات على هاني الإخواني صديق عمره، تلاها بكل خشوع، لم ير لتلاوته أثرًا ما عليه!
قال له ما رأيك؟
قال له: تلاوتك جيدة بلا ريب، لا توجد أخطاء نحوية، مخارج الألفاظ سليمة، من الواضح أنك قد انتفعت كثيرا بالاستماع إلى قراء مصر العظام، محمد رفعت، محمود صديق المنشاوي، محمود علي البنا، الحصري ... الخ، ولكن بالمناسبة، لماذا لا تتعلم التجويد على أسس علمية منظمة وطيدة؟ أحد أقاربنا متخصص وبارع في هذا الفنّ، أنا على استعداد لترتيب هذا الأمر.
أدرك الفارق الهائل بينهما، كان يمكنه أن يكتفي بذلك، ولكنه فضَّل استمرار الحوار لعله يفقه سبب هذا الفارق!
قال له: إنما أسألك عن معاني الآيات، قال هاني: المعاني واضحة، ولو اتقى الناس عذاب الله لصلحت أحوالهم وأحوال البلد، وعلى فكرة، هي تتضمن تبشيرًا لنا بالغلبة.
قال وهو يعلم: ومن أنتم؟
قال: الإخوان، نحن جند الله بلا ريب!
قال يحيى: ولماذا لا تكونون جند الشيطان مثلا؟ وبلا ريبٍ أيضا؟ ألم يخرج أسلافكم على إمام الأمة، ثم قتلوه؟!
ألم تقرأ قول الله تعالى:
{فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} النجم32؟
وقوله:
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلا} النساء49؟
ألا تعلم شيئا عن مدى خوف الأنبياء من ربهم حتى إنهم كانوا يخشون العودة إلى ملة أقوامهم؟ ألم تقرأ ما حكاه الله تعالى على لسان النبي شعيب عليه السلام:
{قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى اللّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} الأعراف89؟
قال هاني: حسبك، لا أريد أن أجادلك، ربما لا تعلم أنني لا أتفق معهم في الكثير من الأمور، ولكن ما العمل؟ ثق أنني لا أستطيع التخلي عن صداقتك، ولكنها الأسرة وتأثيرها.
كان يحيى أزهد منه في التمادي في الجدال، لقد عرف ما كان يريده، أدرك الفارق الهائل بينه وبين صديقه في كل ما يتعلق بأمور الدين، أصبح يدرك تماما أنه يختلف عن الآخرين، لم يملأه ذلك فخرًا وإنما خوفا، أيقن أن عليه أن يحتفظ بتجاربه لنفسه وألا ينتظر من الآخرين أي تقدير لها، عقد العزم على ذلك.
كان يعلم بوجود المذاهب الدينية المتعددة المخالفة لمذهبه الذي نشأ عليه ويتعبد به، بمطالعة سريعة أدرك أن الخلافات فيما بينها من ناحية وفيما بينها وبين مذهبه هو من ناحية أخرى أعمق مما يبدو للوهلة الأولى، إنها مذاهب متمانعة متنافية يلغي بعضها بعضا ولا يمكن أن تتعايش مع بعضها البعض لو طُبِّقت بحذافيرها!
ما المحصلة؟ إنها بالتأكيد صفر كبيـر، يبدو أن القصور إنما هو في هذه المذاهب، يبدو أنها لا تتضمن ما كان يظنه هو من القوانين والسبل والآليات اللازمة لإصلاح النفوس وتزكيتها، ولا يوجد مكان حقيقي فيها للأمور الوجدانية ولا لمكارم الأخلاق.
أخذ يتساءل ويفكر: ولكن ما هو المبرر المنطقي الذي كنت أستند إليه في إيماني بمذهبي؟ هل لمجرد أني ألفيت عليه والديَّ فإنه يصبح بالضرورة الحق المطلق؟ وما يدريني؟ لعله الباطل المحض، هو في النهاية مذهب من المذاهب، بل هو المذهب السائد والذي يتحمل بالتالي المسئولية الكبرى عن إنتاج تلك النوعيات الرديئة من البشر، ولكن دين الحق عندي لابد أن ينتج كيانات زكية راقية سامية.
شغله البحث في هذه الأمور عن كل شيء، لم يلجأ إلى الكتب الدينية التقليدية، كان ينفر بشدة منها، صدمه من قبلُ جفافها وبرودها وحسيتها، لم يجد فيها ما يثير أحاسيسه ولا ما يحرك وجدانه ولا ما يزكِّي نفسه ولا ما يتسق مع المنطق القويم، ولا ما يمكن أن يثير ذهنا أو يحرك قلبا، كان ينفر بصفة خاصة من المجلدات المذهَّبة، لقد تلقى في فجر طفولته صدمة فيما يختص بالكتب الدينية جعلته ينصرف من بعد عنها، أيقن أن كاتبي هذه الكتب كانوا أناسًا حسيين ماديين قانونيين لا علاقة لهم بالأمور الوجدانية، ولا بمفهوم الدين.
منعه حياؤه المَرَضي الشديد من أن يسأل أحدا، إن عليه أن يخلو بنفسه وأن يغوص في أعماقه كما تعود دائما، شغله التفكير في هذا الأمر طوال ليله ونهاره حتى أصبح لا يعي ما هو حوله، أخذ يدرك شيئاً فشيئا أن الموقف أخطر مما يبدو للوهلة الأولى، أخذ الإحساس بالخطر يتضخم أمامه ويجسم على صدره، أخذ بكل قوى وجوده ينشد الخلاص.
تراءى له ذات ليلة أنه على شفى جرف هار، نظر إلى أسفل فأخذ الرعب منه كل مأخذ من هول ما رأى، أوشك أن يسقط في هاوية سحيقة كئيبة مظلمة بلا قرار، أتي ظلام رهيب وأطبق على المكان الموحش، لم يعد يرى شيئا، تملكه اليأس من النجاة، أيقن بالهلاك!
وفجأة وجد حبلا مضيئا مدلَّى من حيث لا يدري، وقع في نفسه أن نجاته هي في التشبث به، سمع نداءً لا يدري له مصدرا:
{وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ}
فلما أفاق أدرك لتوه المراد بالحبل، إنه صديقه القديم؛ إنه بلا ريب القرءان الكريم، أما المراد بـ"جميعا" فهو كل مكونات كيانه، إن عليه أن يسير إلى ربه بكله لا ببعضه، امتلأ قلبه عندها بفرح لم ينل منه تقادم الزمن، كان فرحا دائما متجددا، ينبعث من نقطةٍ ما في القلب، ثم يغمر كيانه كله، فيرتعد وينتشي.
ها قد عرف سبيله، ألقى بالمذاهب وراءه ظهريا، لم تشغل باله من بعد أبدًا، لقد أدرك أن الاعتصام بالقرءان يجب أن يكون بكل قوى وجوده وأنه يتضمن أنه يجب أن يكون للقرءان الهيمنة التامة والسيادة المطلقة.
هُرع إلى كتاب الله، أخذ يقرأه كما لم يفعل من قبل، لم يعد الأمر مجرد تأثر وجداني ولا مجرد ولع بالبيان اللغوي الفائق المعجز، أدرك معنى أن القرءان هو كتاب الإسلام، علم أن الإسلام هو شريعة من الأمر، آمن بأن كل ما في القرءان إما أوامر مباشرة أو أوامر غير مباشرة، قرر أن يستخلص تلك الأوامر أمرًا أمرا وأن يعمل بها ما استطاع إلى ذلك سبيلا.
بحكم تفوقه في اللسان العربي لم يكن بحاجة إلى من يفصِّل له ما هو مفصَّل ولا لمن يبيِّـن له ما هو بيِّن، لقد رأى كل شيء واضحا بيِّـنا، إذا كان ثمة أمر بغضِّ البصر مثلاً فهو أمر مباشر له عليه أن يلتزم هو به؛ فهو لن يغض بصر غيره، إذا خانه بصره فعليه المبادرة بالتوبة والاستغفار،.
إذا كان ثمة أمر بقطع يد السارق فهو لكل المجتمع المسلم أو لأولي أمره، عليهم أن يحددوا كل ما يتعلق به وآليات تنفيذه، أما ما يعنيه هو فأن يعلم أن كل صور السرقة المعلومة والتي يمكن أن تستجد هي من كبائر الإثم، وهو مأمور باجتناب كل كبائر الإثم، وهكذا مضى مع كل الأوامر.
قرأ بخشوع الآيات الآتية وأخذ يتدبرها:
{ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ}البقرة2، {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقرءان وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيرا}النساء82، {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }ص29، {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابا مُّتَشَابِها مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ }الزمر23.
عَلِم ما هو مطلوب منه وما يجب أن يؤمن به، إن القرءان كتاب لا ريب فيه ولا اختلاف فيه، إنه كتاب متشابه تام الاتساق، يجب التعامل مع القرءان على هذا الأساس، إذا وجد اختلافا فليعلم أنه بسبب قصور علمه، وليس لوجوده حقيقة، لا يجوز تقبُّل أي قول يلقي بأي ظلال من الشك عليه، علِم أن القرءان هو الهدى، وهو الذكر، وهو الحديث، وهو أحسن الحديث، وأنه ملزم بأن يتدبره كما هو ملزم مثلاً بأن يقيم الصلاة.
آمن بأن القرءان هو كلام الله وهو الفرقان وهو الكتاب المبين وهو الحكيم وهو الكريم وهو العظيم وهو العلي الحكيم وهو تبيان لكل شيء وهو الذي أحكمت آياته ثم فُصِّلت، إنه الكتاب القاضي والحاكم والمهيمن، إنه الكتاب الذي يبيِّن نفسه بنفسه، لا يجوز تحكيم أي كتاب آخر فيه؛ فلا يجوز الإلحاد في آياته ولا القول بأن بعضها منسوخ أي بطل حكمها، فهو كتاب عزيز؛ لا يمكن أن يأتيه الباطل ولا أن يحيط به باطل.
نعم! آمن إيمانًا راسخا بأن القرءان كتاب مبين ومبيِّن وتبيان لكل شيء، إنه ليس كتاب ألغاز وأحاجي، إنه على الإنسان أن يعمل وفق ما هو موجود في القرءان، أما الآيات المتشابهات فعليه أن يعلم منها ما يعنيه، وأن يعمل بمقتضاه، أما ما يعنيه فهو بالضرورة في الآيات المصاحبة لتلك الآيات المتشابهات، علِم أن سبب تشابهها أنها تعبر عن أمور غيبية باللغة المألوفة البشرية، فليس عليه أن يفسرها بل عليه أن ينتظر تأويلها.
وماذا عن الأمور الدينية التي لم ترد تفاصيلها في القرءان ككيفية الصلاة مثلا؟ نظر إلى نفسه فوجد أنه تعلمها هي والصيام من والده، علم أن أهم ما يعنيه فيما يتعلق بها هو ما ذكره القرءان عنها، علم أن القرءان قد ذكر صراحة ثمارها ومقاصدها، لم يحتج إلى أية مطالعة في الكتب ولا إلى أية دروس، ولمعرفته القوية بقيمة الوقت فإنه لم يشأ أبدًا أن يهدره في تحصيل الحاصل، يكفي أن يعلم علمًا حقيقيا بأن الله حاضر معه، يعلم السرّ وأخفى.
كان يكتب لنفسه ما يجب عليه هو أن يلتزم به، لم يطالب أحدا بشيء ولم يسع إلى فرض منهجه على أحد، كان أشد حياءً من أن يفعل ذلك، اكتسب منطقا قويا غلابا وحجة بالغة، أصبح يستطيع تفنيد كل ما يرفضه قلبه من آراء بأيسر مجهود أو حتى بدون بذل أي مجهود، كان قلبه يقرر أولا ثم يكون عليه هو أن يصوغ ما قرره قلبه في عبارات محكمة، كان يتغلب على كل من يضطر إلى جداله في أي شأن ديني، ومع ذلك فهو لم يسْعَ أبدا إلى الدخول في أي مراء، كان لا يحب أن يرى نظرة الانكسار في وجه أحد ولا أن يسبب ألمًا لأي إنسان ولا أن يصدم أحدًا فيما يسلِّم به.
1