المثاني والحلقات الإلهية
الاسم الْحَكِيـمُ الْخَبِيـرُ
الاسم الْحَكِيـمُ الْخَبِيـرُ
{الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} هود1 * {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} الأنعام 18 * {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّوَرِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} الأنعام73 * {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} سبأ1
الاسمية
يحقق درجة العمومية المطلوبة (أي التحرر من التقييد في طبيعة الخطاب)
يحقق درجة الاسمية الأولى، يحقق شرط البنية
يحقق أعلى درجة طلاقة (التحرر من الإضافة)
درجة الورود: يحقق الورود المؤكد؛ عَلَم، تابع لاسمٍ رئيس، خبر مؤكد لجملة اسمية.
أنساق الاسم: النسق الأول، النسق المطلق، النسق المؤكد بالتكرار، النسق التفصيلي
الاسم "الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ" يشير إلى سمة واحدة تفصيلها الحكمةُ المقترنة بالخبرة أو الحكمةُ المفضية إلى خبرة، لذلك اقتضى هذا الاسم أن يُحمد الله بكل ما في السماوات حيث محلُّ الإحكام وبكل ما في الأرض حيث محل التفصيل الذي هو مجال الخبرة، وكذلك بكل ما في الآخرة والتي هي عالم تحقق ما تراكم في باطن الإنسان من آثار أعمال تعلقت بها الخبرة، فالسمة التي يشير إليها هذا الاسم هي التي أحاطت بالأمر من حيث كافة جوانبه، لذلك كان هذا الاسم من الأسماء السائدة والمهيمنة والحاكمة على الأمر يوم ينفخ في الصور، وكان له القهر فوق العباد.
فهذا الاسم يتولى الأمر المحكم أثناء تفصيله في الأرض وكذلك ما يترتب عليه من نتائج، فهو يتولى أمور العباد المكلفين الذين عُلِّق مصيرهم بأعمالهم الاختيارية وهو القاهر عليهم.
والاسم "الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ" يشير أيضا إلى سمة واحدة تفصيلها الحكم المقترن بالخبرة، وذلك مقترن بأن لله سبحانه الملك، فلهذا الاسم بذلك القهر فوق العباد، فهو الحاكم عليهم الخبير بأمورهم؛ يقضي عليهم، ويقضي بينهم، ويعطي لكل فعل حكمه الشرعي، ويصدر الأحكام الشرعية، ويحكم على أفعال العباد، ويحكم (يقضي) بين العباد، ويُحكم ويُفصِّل الآيات.
والاقتران بالخبرة يعني النفاذ إلى كل ما يلزم لإصدار الحكم، فالحكم مقترن بالظهور والتحقق، وليس بالتقدير والتوقع.
ومن حيث هذا الاسم فإنه يُنزل عليهم الأمر المحكم ابتلاءً لهم ويقيم عليهم الحجج بالأعمال التي ظهرت على أيديهم ويُرتب الجزاء على أعمالهم.
والاسم "الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ" هو الذي تولى إحكامَ الآيات ثم تفصيلَها في الكتابين المقروء والمشهود فهو يصوغ الآيات في صورة محكمة هي تلك الموجودة في العالم العلوي اللطيف ثم يفصلها عندما يحين الوقت المناسب لإنزالها، وهذا يقتضي خبرة بأحوال العباد من حيث العباد، ونفاذ إلى أعماق نفوسهم، أي لابد لهذا الاسم من ملائكة وجنود ومصطفين من الناس ليكونوا آلات معتمدة ومجالات لهذا التفصيل والإنزال.
وأعظم تجليات هذا الاسم هي يوم يُنفخ في الصور ويَظهرُ علم الله تعالى بكل ما كان في عالمي الغيب والشهادة، وبذلك كان له أن يحمد نفسه بنفسه وبقلوب وألسنة كل خلقه الذين أوجدهم بقوله "كن".
وهذا الاسم هو مقترن بكون الله سبحانه قاهرا فوق العباد، وهو من الأسماء التي مجالها كل ما يؤدي إلى تحقيق المقاصد الوجودية.
*******
إن السمة التي يشير إليها الاسم الحكيم تتضمن معاني عديدة، وكلها مترابطة متلازمة؛ فهي من لوازمه وتفاصيله، فهذه السمة تتضمن: الحكمة، الحكم، القضاء، التقويم، التقييم، الإحكام، التحكم (Wisdom, to rule, to govern, to judge, to evaluate, to assess, to control)
والسمة التي تُفصل بالسمة التي يشير إليها هذا الاسم مع الخبرة إنما تتبين بالآيات المصاحبة للاسم، لذلك عندما يقول الله تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} الأنعام18 فالسمة هنا هي الحكم والتحكم المقترن بالخبرة والتي تعني الإدراك العميق والنافذ لما هو في أعماق المخلوقات والهيمنة عليها، وهذا يتضمن معاني القضاء عليهم والقضاء فيما بينهم.
وقد قال الله تعالى:
{الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} هود1.
فالسمة هنا تعبر عن اقتران سمةِ وفعلِ إحكام الآيات –أي بكونها محكمة مجملة قابلة للتفصيل- مع السمة التي تقتضي فعل التفصيل، كما تبين أن الإحكام هو الحالة السابقة على التفصيل، فكل تفصيل مسبوق بالضرورة بإحكام، والإحكام هنا هو ما يعبر عنه الناس بالإجمال.
وقد قال الله تعالى:
{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّوَرِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} الأنعام73.
فالسمة التي يشير إليها الاسم "الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ" هاهنا تعبر عن الحكمة من حيث إنها العلم المحكم القابل للانكشاف بالخبرة، والنفخ في الصور مقترن بابتلاء السرائر وكشفِ ما بها حتى يعلموا أنه بهم يومئذ لخبير، كما تعبر عن الحكم بمعنى الفصل والقضاء عليهم وفيما بينهم.
*******
قال الله تعالى:
{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّوَرِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} الأنعام73، {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} سبأ1.
فهذه الآيات تبين أن للاسم "الْحَكِيم الْخَبِير" الإحاطةَ بالعوالم والأمور المتقابلة؛ (الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ)، وهي تبين بذلك أن هذا الاسم من الأسماء التي تقتضي وتُعيِّنُ وتقدِّر المقاصدَ الوجودية، وأن أعظم تجلياته هو في الآخرة، وبمثل السمة التي يشير إليها هذا الاسم استحق الْحَمْد فِي الْآخِرَةِ.
وهذا الاسم يقتضي الأمور المجملة التي تتفتح وتتكشف وتتزكى بازدياد الخبرات، ومنها ملكات الإنسان نفسه.
والاسم على مستوى عالم المعاني وعلى المستوى الكوني يقتضي الارتباط الموجب بين صفتي الحكمة والخبرة.
وعلى الإنسان قيامًا بحق هذا الاسم أن يعمل على تزكية ملكاته وزيادة خبراته، وأن يعلم أن التفاعل موجب بين الصفتين في ذاته، فعليه أن يزكيهما معا، وعليه أن يعلم أنه كلما ازدادت عنده هذه الملكات ومقتضياتها كلما اكتسب علوا محمودا ووجاهة وطيب ذكر.
*******
الاسم الإلهي "الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ" من الأسماء العظمى، ذلك لأنه ورد في آيات تتعلق بمحض شؤون إلهية، وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ، ذلك لأن لديه أصول وجودهم وإحكام تفاصيلهم، وهو المستوي على عروشهم، وهو الحاكم عليهم الخبير بهم، وبكل أسرارهم، والقدير والمقتدر عليهم، وهو الذي اقتضى وقدَّر السنن الحاكمة عليهم، والسارية آثارها فيهم.
وهو أيضًا من تفاصيل أسماء عظمى عديدة، كل اسمٍ منها تشير إليه آية من الآيات التي ورد فيها مثل: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} الأنعام18، {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّوَرِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِير}[الأنعام:73]، فكل آية تشير إلى اسمٍ إلهي عظيم.
ولكل ذلك فأحكامه عليهم هي عين الحق، وأعظم ظهور لتجليات وسلطان هذا الاسم في الآخرة، فله الحمد هناك قال تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِير} [سبأ:1]، {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّوَرِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِير} [الأنعام:73].
والاسم "الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ" ينتمي إلى منظومة سمة الحكمة، ومن أسماء هذه المنظومة: الحكيم العليم، العليم الحكيم، الحكيم، العزيز الحكيم، الحكيم الخبير، الحكيم الحميد، العلي الحكيم، التواب الحكيم.
وهو من منظومة أسماء الخبرة:
الْخَبِيرُ، الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ، اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ، الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ
وهو من منظومة أسماء التنزيل والتفصيل:
الله، رب العالمين، الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ، الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ، الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ، الْحَكِيمُ الْخَبِير، الحَكِيم الحَمِيد، الغفور الرحيم
وهذا الاسم هو من أقطاب مجموعة من الحلقات الإلهية الحاكمة على كل الأكوان، ومنها حلقات من النوع الثالث:
الحكيم العليم-العليم-العليم الحكيم-الحكيم-الحكيم الخبير-الخبير-الخبير البصير-البصير
السميع العليم-العليم-العليم الحكيم-الحكيم-الحكيم الخبير-الخبير-الخبير البصير-البصير
العليم الحكيم-الحكيم-الحكيم الخبير-الخبير-الخبير البصير-البصير
العلي الحكيم-الحكيم-الحكيم الخبير-الخبير-الخبير البصير-البصير
الْمَلِك الْقُدُّوس الْعَزِيز الْحَكِيم-الحكيم-الحكيم الخبير-الخبير-الخبير البصير-البصير
الواسع العليم-العليم-العليم الحكيم-الحكيم-الحكيم الخبير-الخبير-الخبير البصير-البصير
الخلاق العليم-العليم-العليم الحكيم-الحكيم-الحكيم الخبير-الخبير-الخبير البصير-البصير
الفتاح العليم-العليم-العليم الحكيم-الحكيم-الحكيم الخبير-الخبير-الخبير البصير-البصير
عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ-الْحَكِيمُ-الْحَكِيمُ الخبير-الخبير البصير-البصير
العزيز الحكيم-الحكيم-الحكيم الخبير-الخبير-الخبير البصير-البصير
*******
1