top of page

نظرات في المذاهب

03

ما مدى حجية المرويات؟

مشكلة المرويات التي نسبوها إلى الرسول تتعلق بما يلي:

1. عدم تحقيق المرويات للشروط اللازمة للأخذ بها وفرضها على العالمين، وهي أن تكون مكتوبة بحضور شهود عدول في وثائق رسمية أو أن تكون قد انتقلت بالتواتر الحقيقي بنصوصها، وأن يكون القرءان قد أحال إليها في نصوص قطعية الدلالة.

2. مدى صحة نسبتها إلى الرسول خاصة وأن الجامعين كانوا أفرادا من العجم المجهولين الذين لم تكلفهم سلطة دينية رسمية بجمعها جمعا رسميا ولم تراجع عملهم أية جهة رسمية، فالأمر كله كان محصورا بين أفراد نصبوا أنفسهم للقيام بما لم يطلبه أحد منهم، وهم لم يكونوا رسلا ولا أنبياء ولا حتى (صحابة أجلاء)! بل إنه يمكن التشكيك في وجودهم وفي مدى صحة انتساب الكتب التي تحمل أسماءهم إليهم.

3. هؤلاء عملوا وفق شروط ومعايير وضعوها بأنفسهم وطبقوها بأنفسهم.

4. هؤلاء جمعوا المرويات في إطار مذهبهم وفي ظل خوف شديد من السلطات الإجرامية الوحشية القائمة.

5. هؤلاء كانوا يعتمدون على آراء حفنة من الأشخاص في أناس على مدى ستة أجيال، ولا يدري أحد مدى مصداقية هؤلاء.

6. كتب المرويات ذاتها لا يوجد ما يثبت صحة نسبتها إلى مؤلفيها ولا ما يضمن أنها لم تتعرض للتحريف على أيدي النساخ، وكانت برطلة النساخ ليغيروا ما هو موجود في الكتب أمرًا شائعا في العصور الوسطى.

7.  حجم تأثير تأخر تدوين المرويات على مضمونها.

8. ثبوت أن الوضع والتحريف كان القاعدة، وقد أقر أكثر من جامع للمرويات بأن نسبة ما صححه إلى ما يحفظه من ىالمرويات كانت حوالي 1%.

9. مدى صحة تمثيلها لدين الحق بفرض صحتها وهل تعرضت لنسخ أم لا خاصة وأن الدين لم يكتمل إلا قبيل انتهاء العصر النبوي.

كل تلك العوامل تجعل احتمال صحة نسبة أية مروية إلى الرسول تكاد تهبط إلى الصفر، ولا ينقذ مروية من المرويات إلا اتساقها المطلق مع عناصر دين الحق الماثل في القرءان، لذلك إذا كان أتباع الدين الأعرابي الأموي يقولون إن حاجة القرءان للـ(سنة) أشد من حاجة (السنة) للمرويات فنحن نقول إن (السنة) هي الأحوج إلى القرءان ليكون لها أي مكانٍ في الدين.

*****

قالوا: ((أجمع المسلمون على أن ما صدر عن رسول الله، من قول أو فعل أو تقرير، وكان مقصودا به التشريع والاقتداء، ونقل إلينا بسند صحيح يفيد القطع أو الظن الراجح بصدقه يكون حجّة على المسلمين، ومصدرا تشريعيا يستنبط منه المجتهدون الأحكام الشرعية لأفعال المكلفين، وعلى أن الأحكام الواردة في هذه السنن تكون مع الأحكام الواردة في القرءان قانونا واجب الإتباع)).

وبداية فإن قولهم "أجمع المسلمون" هو أكذوبة كبرى، بل لقد قال إمامهم بأن من زعم الإجماع فهو أكذب الكاذبين.

ولم يستطع هؤلاء أبدًا إدراك أنه ثمة فرق هائل بين ما صدر عن رسول الله بالفعل وبين ما نسبوه إليه، ولا مجال للظن في أمور الدين، لذلك فلا معنى لقولهم "الظن الراجح بصدقه يكون حجّة على المسلمين".

فالمسلم لا يتعبد بالظن، وإنما الأمور في الإسلام بمقاصدها، ولا تكليف إلا بالوسع، فالمسلم يعمل وفق نصوص القرءان المحكمة، وهو مثلا مأمور بأن يولي وجهه شطر المسجد الحرام عند إقامة الصلاة، فهو يصلي في الاتجاه الذي أداه إليه اجتهاده، وهو يؤمن في الوقت ذاته أنه أينما ولَّى وجهه فثم وجه الله.

1

bottom of page