top of page

أمور دين الحق

الإيمان باليوم الآخر

ومن أكبر الأمور الغيبية اليوم الآخر، والإيمان به هو الفيصل الحاسم بين من يُرجى له النجاة والسعادة ومن حكَم على نفسه بالشقاء على المستوى الجوهري، والآيات الآتية تبين ذلك:

{والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ }البقرة4  *  {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }البقرة62  *  {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ }البقرة126  *  {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ}البقرة177  *  {يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَـئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ }آل عمران114  *  {وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَـاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً فَسَاء قِرِيناً }النساء38  *  {وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُواْ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقَهُمُ اللّهُ وَكَانَ اللّهُ بِهِم عَلِيما}النساء39  *  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا}النساء59  *  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدا}النساء136  *  {لَّـكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَـئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً}النساء162  *  {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }المائدة69  *  {وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ }الأنعام92  *  {وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ}الأنعام113  *  {وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَهُم بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ }الأنعام150  *  {وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَاء الآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }الأعراف147  *  {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَـئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ }التوبة18  *  {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللّهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }التوبة19  *  {قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ }التوبة29  *  {لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ{44} إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ{45}} (التوبة)  *  {إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ }النحل22  *  {لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }النحل60  *  {وأَنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيما}الإسراء10  *  {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقرءان جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُورا}الإسراء45  *  {وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاء الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ }المؤمنون33  *  {وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ}المؤمنون74  *  {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ }النمل3  *  {إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ }النمل4  *  {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ }العنكبوت36  *  {يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ }الروم7  *  {وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاء الْآخِرَةِ فَأُوْلَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ }الروم16  *  {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ}لقمان4  *  {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرا}الأحزاب21  *  {أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَم بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ }سبأ8  *  {وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ }سبأ21  *  {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }الزمر9  *  {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ }الزمر45  *  {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} الممتحنة6.

*****

ويجب الإيمان بأن الآخرة خير من الدنيا، وأن نعيمها هو النعيم الحقيقي، وأن عذابها أشد إيلاما وأولى أن يخشاه الناس:

{وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى }الأعلى17  *  {قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً}النساء77  *  {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}الأنعام32  *  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ }التوبة38  *  {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ }هود103  *  {وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَواْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }يوسف109  *  {اللّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقَدِرُ وَفَرِحُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ }الرعد26  *  {لَّهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُم مِّنَ اللّهِ مِن وَاقٍ }الرعد34  *  {وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْاْ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْراً لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ }النحل30  *  {وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي اللّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ }النحل41  *  {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّواْ الْحَيَاةَ الْدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ }النحل107  *  {وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً }الإسراء19  *  {وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً }الإسراء72  *  {وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى }طه127  *  {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ }القصص77  *  {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}العنكبوت64  *  {فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}الزمر26  *  {يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ }غافر39  *  {مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ }الشورى20  *  {كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ }القلم33

*****

إن الإيمان باليوم الآخر هو من مقتضيات الإيمان بأسماء الله الحسنى ومقتضياتها من الأفعال الأسمى، فهو إيمان بالأسماء الإلهية ومنها: الحي القيوم-الفتاح العليم-الواحد القهار-الملك الحق-الحق المبين-الملك-مالك يوم الدين-الجامع-أحكم الحاكمين-خير الفاصلين.... وهو الإيمان بما هو له سبحانه من افعال مثل الفصل والحكم والقضاء وإعطاء كل إنسان جزاءه الأوفى.

والإيمان باليوم الآخر يتضمن إقرارا بحقيقة الإنسان، وأنه أعلى من أن يكون مجرد جسمٍ طيني، كما يتضمن إيمانا بضرورة اكتمال كل الحلقات الكونية.

*****

إن الإيمان باليوم الآخر هو أعلى مراتب الإيمان بالحق الذي من مظاهره القضاء بالحق والقيام بالقسط وبالعدالة المطلقة وحتمية تحققها، فهو أعلى مراتب الإيمان بالجزاء، وفي الأديان غير المذكورة في القرءان لابد لمثل هذا الإيمان من تمثلات ومظاهر أخرى، فلا يمكن أن توجد ديانة عامة جادة إلا وهي تتضمن شيئا من التمثلات الممكنة لهذا الإيمان.

*****

إن الإنسان ملزم بالإيمان بالأمور الغيبية الواردة في القرءان، فلابد من الإيمان باليوم الآخر وما فيه من حساب وميزان وما يتلوه من جنة ونار وما يسبقه من نفخ في الصور وبعث مع التسليم بأنه لن يعلم أحد كنه هذه الأشياء إلا عندما يأتي تأويلها، فإدراكها خارج نطاق الإمكانات البشرية، وهو إن أيقظ حواسه الباطنة لن يدرك إلا صورا خيالية لها.

*****

إن الإيمان باليوم الآخر هو من لوازم ومقتضيات الإيمان بالأسماء الحسنى، فوجود وضرورة هذا اليوم من لوازم ومقتضيات السمات والمعاني التي تشير إليها تلك الأسماء، فالأسماء تستلزم إحقاق الحق والحكم بالعدل والقيام بالقسط وإتمام الفصل بين الناس والقصاص من الظلمة الفاجرين وإثابة المؤمنين المخلصين، ولما كانت الدنيا دار ابتلاء وأضيق نطاقا من أن تتسع لكي يجزى كل إنسان الجزاء الأوفى كما أن الأولوية فيها للمقاصد الوجودية كان لابد من اليوم الآخر.

*****

إنه لابد لكل إنسان من العبور على الصراط يوم القيامة، ولابد لمن يريد نجاح العبور من نور ذاتي وقوة تعينه على هذا العبور وليس ثمة إلا أنوار الإيمان وآثار ما تحقق به وصدر عنه من الأعمال الصالحة، فأنوار الكائنات في هذا اليوم ذاتية لا ينتفع بها إلا هم، يراهم الآخرون كما يرون القمر مثلا، ولكن أنوارهم شديدة التميز والتحدد والتعين، ولا تنتشر كما ينتشر بعض الضوء من القمر، تخيل قمرا في ظلام دامس، ولا ينتشر منه أي ضوء، ولذلك تذهب محاولات الخاسرين الاستنجاد بهم سدى، قال تعالى:

{يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آَمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14) فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (15)} الحديد.

وهذا الصراط هو صراط حقيقي وحقاني، وهو غير الصراط المستقيم الذي يتضمن كل عناصر دين الحق والتصرف الأمثل في كل ابتلاء، وإن كان ثمة علاقة بينهما، فمن اهتدى إلى الصراط المستقيم في حياته وكان حريصًا على اتباعه هو الذي سيعبر الصراط في اليوم الآخر.

وبذلك يتضح أيضًا معنى من معاني الشفاعة وتجلياتها في يوم الدين.

أما من كان في هذه الدنيا أعمي لا يري طريق الحق فسيكون في الآخرة أشد عمي وأضل سبيلا، أما من لم يكتسب من الإمكانات ما يؤهله لعبور الصراط بل كان حريصا على اقتراف المعاصي والضلالات فإنه سيهوي إلى النار قبل أن يصل إلى أرض الحساب وسيظل يقاوم ويغالب لإعادة التشبث بالصراط ومتابعة السير عليه، وقد يستقر بعضهم في النار فلا يسأل عن ذنبه بل يظل هناك يكابد الشقاء الأبدي.

والزمن اللازم لعبور الصراط يختلف من إنسان لآخر؛ فثمة أناس يعبرونه أسرع من لمح البصر ويدخلون الجنة بغير حساب وثمة أناس يعالجون شدة في عبوره ويستغرق ذلك منهم زمنا ثم يحاسبون ويدخلون الجنة.

أما من هوى إلى النار من المؤمنين أثناء عبور الصراط فسيشفع فيه إيمانه ومن اهتدي بهديه فيخرج بعد وقت معلوم، فكما جعل الله تعالى الشفعاء سببا باطنا للنجاة في الدنيا فسيجعلهم سببا ظاهرا للنجاة في الآخرة، وذلك من باب تكريم الله تعالى لهم والتنويه بعلو قدرهم وإظهار فضلهم.

وعمل الشفعاء ليس أشبه بعمل لجان الرأفة كما يظن البعض، ولكن الشفاعة هي أمر محكوم بقوانين وسنن وهي تعبر عن حقيقة أن وصول الهدى إلى الناس إنما يكون بواسطة العباد المصطفين، وأن حب هؤلاء والتعلق بهم والسلام عليهم من الوسائل المعتمدة للنجاة ما لم يتخذهم الإنسان أربابا من دون الله، فالشفاعة ليست بمحسوبية ومحاباة ولا ينتفع بها يوم القيامة على المستوي الظاهر إلا من انتفع بها في الدنيا على المستوي الجوهري الباطن.

*****

من الأمور الغيبية أن السماء ستُطوي ليعود الخلق كما بدأ، والسماء هاهنا هي تلك السماء الطبيعية المرئية للإنسان التي لبناتها المجرات بما تحويه كل منها من عشرات المليارات من النجوم، فهي ذلك العالم المادي المشهود وهي التي تتسع منذ بدأ الكون، ولابد للإنسان في كل موطن من مواطنه من أرض تقله ومن سماء تعلوه وتظله.

*****

إن يوم القيامة مفصَّل إلى أيام عديدة أو مراحل عديدة ولا بد من يوم سينظر فيه المؤمن إلى ربه، ولكن الإنسان في هذا اليوم سيكون حيا وظاهرًا بوجهه، أي سيكون لكيانه الجوهري الحقيقي الغلبة والظهور على كافة كياناته الأخرى، وهذا يعني أن الاتصاف بالجمال هناك ويومئذ مثلا سيكون من حيث الكيان الجوهري، وليس من حيث الجسم المادي كما هو الحال في الحياة الدنيا، لذلك فمن اكتسبوا كيانات جوهرية فائقة سيكونون أعلم بالحقائق الإلهية، وسيكونون أقدر على إدراك التجليات الرحمانية، فالكل منهم إلى ربهم ناظرون، ولكن ليس الكل يرون أو يدركون، ولا يستوي اثنان من الناظرين فيما يريان أو يدركان، ونظر الإنسان إلى ربه لا يعني أنه يرى الله تعالى نفسه، فذلك أمر فوق إمكانات حملة العرش أنفسهم، فضلًا عمَّن هم من دونهم.

فكل مؤمن فائق هو ناظر إلى ربه ولا يرى ولا يدرك من تجلياته إلا بقدر وسعه، فلا يدرك أحدهم أبدا كنه الذات ولا حقيقة الأسماء والسمات، بل يبقي لذاته سبحانه الإحاطة التامة بهم وبمداركهم والعلو على كل ملكاتهم وحواسهم، ويجب أن يكف الناس عن تصور الإله الأقدس كشخص ضخم هائل مهيب يجلس على كرسي في ركن قصيّ من الكون.

ولكن هناك من هم عن ربهم محجوبون، ذلك لأنهم في حياتهم الدنيا كانوا عنه معرضين، ولكتابه هاجرين، ولحضوره معهم متجاهلين.

ويوم القيامة مفصَّل بأيام عديدة، وهو يوم الفصل من كافة الحيثيات وبكافة الكيفيات؛ ومن ذلك أنه يوم صدور وإعلان الأحكام النهائية بين البشر، ويوم توفية كل نفس ما كسبت، ويوم ذهاب كل إنسان إلى العالم اللائق به وفق الصورة التي اكتسبها كيانه الجوهري.

والفصل بين تلك العوالم ليس فصلا مكانيا بالمعنى الدارج المألوف، وإنما هو من حيث طبيعة كل عالم وتعدد ونوعية أبعاده، ولذلك فإنه يمكن أن يكون للإنسان الصالح في الدار الآخرة أكثر من جسم ينعم بكل جسم دون أن ينشغل بنعيم عن الآخر ويكون مع كل طائفة من طوائف الذين أنعم عليهم بجسم يتوافق معهم، والفصل لا يمنع إمكانية الاتصال بين قاطني العوالم المختلفة.

*****

إنه في بعض الأحوال الخاصة وبالنسبة لبعض الحقائق الإنسانية يكون وجود ونمو الكيان المادي الأولى للإنسان مصحوبا بالاقتران التدريجي بكيان لطيف كان موجودًا مسبقا، وهذا هو ما سيحدث أيضا عند البعث، وذلك يعني أن أحوال الأرض ستكون مهيَّأة لإحياء وتنمية ما كان في يومٍ من الأيام خليه حية كما تنمو النباتات وتنتشر بسرعة في الأرض شديدة الخصوبة عند توفر الماء، وبالمثل لا بد من توفر مناخ عام وهطول أمطار تحتوي المواد اللازمة لذلك.

فقبيل البعث ستكون كل الظروف مهيأة تمامًا له وفقًا للقوانين والسنن، والنفخ في الصور هو تعبير عن الأمر العام للجنود من الملائكة وغيرهم بإنجاز كل ما هو منوط بهم من المهام اللازمة لذلك، وعندها سيكون كل شيء مهيأ لتوفير ما يلزم لإحياء ما تبقي من كل إنسان ولو كان ما تبقي هو خلية واحدة، وتنمو تلك الخلية بنفسها كما حدث أول مرة أو قد يصاحب ذلك اقترانها بغيرها من الخلايا المنتمية إلى نفس الجسم، ويتم ذلك النمو بسرعة إلى أن يكون الكيان المادي مهيئًا للاقتران بالنفس، وبتمام ذلك يعود وعي الإنسان وشعوره بنفسه ليكون من خلال جسمه كما كان الأمر أثناء حياته، وعندها تولي كافة ذكريات النفس في عالم البرزخ كحلم عابر.

*******

نعيم الجنـة 

المسلم ملزم بالإيمان بكل ما ذكره القرءان عن نعيم الجنة وعذاب جهنم، وكل أمور اليوم الآخر هي فوق المفاهيم والتصورات البشرية المستخلصة من هذا العالم المادي الطبيعي، فيجب ألا يستمع الإنسان إلى من ينزلها إلى المستوى العامي الدارج، كما يجب ألا ينشغل بما ورد في المرويات مما تسرب من أساطير الفرس وأهل الكتاب وغيرهم.

قال تعالى:

{وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُون} [البقرة:25]، {لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} ق35، {يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }الزخرف71، {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ }آل عمران15، {وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}التوبة72 {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ }الحديد20، {مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ }الرعد35 {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاء حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ }محمد15

إن نعيم الجنة هو نعيم حقيقي، وإطلاق لفظ من الألفاظ المألوفة على شيء من نعيم الآخرة لا يعني التماثل بين نعيم الدنيا وبين نعيم الآخرة، وإنما يعني أنه لو تمثلت صورة منه في عالم الخيال فستبدو هكذا، أما نعيم الآخرة فسيفوق نعيم الدنيا في كل المراتب وعلى كل المستويات.

لذلك إذا قيل: إن نعيم الجنة لا يشبه نعيم الدنيا إلا من حيث الألفاظ فقط، فالقول صحيح، وإلا فما هو السبيل للتعبير عما هو غير مألوف للإنسان ولا يدخل في نطاق خبراته؟ وحتى على مستوى العالم الطبيعي فالإنسان قد اضطر لتسمية الجسيمات (الكيانات  The entities) التي اكتشفها، وكذلك خواص تلك الجسيمات التي لا يدري لها كنهًا، بأسماء يعرفها ولكن لا علاقة لها بالضرورة بهذه الخواص، ولقد اضطر إلى تسمية نوع من الجسيمات الأولية أو بالأحرى الكيانات الدقيقة بالكواركات مثلًا، وكان من الممكن أن تُسمى بالآسات، ووصفها بأن لها شحنة لونية دون أن يقصد بذلك لونًا حقيقيا، وسمى خاصية من خواصها "فوق" والمقابلة لها "تحت"، وهو يقول إن للإلكترون لفًّا ذاتيا وهو يعلم أنه لا يدور حقيقة حول نفسه.

فكل هذه الأسماء ليست إلا علامات أو ملصقات Labels ليميز بها خواصّ غير مألوفة له، يدرك آثارها، ولا يدري لها كنهًا. 

*****

إن نعيم الآخرة هو فوق متناول الإدراك البشري، الألفاظ تتشابه، أما الحقائق فهي أسمى بما لا يتناهى من كل ما يمكن أن يخطر ببال إنسان في حياته الدنيا، وليس من الحكمة مخاطبة الإنسان بلسانٍ لا يفقهه، بل لابد من استعمال ما ألفه من الألفاظ، ومن هنا كانت الآيات المتشابهات، والإنسان مقيد بخبراته المستخلصة من العالم المادي الطبيعي؛ أي عالم الشهادة، والقرءان يستعمل الألفاظ المألوفة للتعبير عن حقائق غير مألوفة، وهي من عالم الغيب النسبي، وهذا يعني أن تأويلها هو تحققها.

ولا يجوز إلزام القرءان بالمعاني الدارجة للألفاظ عند الحديث عن عالم الغيب ولا تأويل ما تشابه منه ابتغاء الفتنة.

ولا معنى بعد ذلك لكي يقول بعضهم إن القرءان يتحدث عن متع حسية ويعتبر ذلك من المآخذ عليه!! والحق هو أن لكل إنسان وفق تركيبه وطبيعته في الآخرة والتي تحددها درجته ما يشاء والمزيد على ما يشاء، فهو العالم الذي تتجسَّد فيه الرغبات، والناس في الدنيا يبحثون عن المتعة واللذة في طعامهم وشرابهم، والإنسان السويّ لن يفضِّل الشراب الخبيث الضار على الشراب الطيب اللذيذ، وشراب الآخرة هو شراب طيب محض ليست له أية آثار ضارة.

وعلى أعداء المتع الحسية ألا يلوموا إلا أنفسهم ومن يريد هذه المتع الحسية! أما الله سبحانه فهو يحقق للإنسان ما هو مناسب لطبعه المعلوم له.

ويجب العلم بأن المفاهيم الرهبانية وأساطير أهل الكتاب قد تسببت في نظرٍ غير سوي إلى العلاقة الحميمة بين الرجل وبين المرأة وإلى ازدراء للجسم البشري، ولكن ليس لهذا المسلك أية علاقة بدين الحق، والكيفية التي خلقها الله تعالى لحفظ النوع البشري وبقائه وتكاثره هي كيفية فطرية طبيعية، لا دنس فيها، وإنما يأتي الدنس من مخالفة أوامر الدين وسوء استعمال ما أودع فيه من إمكانات وغرائز، والإنسان السوي يستمتع بلا شك بممارسة هذه العلاقة الحميمة، ومتاع الجنة سيكون أكبر وأرقى من ذلك بكثير، ولا يجوز الحكم على الأمور الغيبية بمقاييس هذا العالم المحدودة.

ويجب الإيمان بما أورده كتاب الله عن وقائع اليوم الآخر وأوصاف الجنة والنار، وها هي بعض الآيات التي تصف وقائع اليوم الآخر:

{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (105) فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (106) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا (107) يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا (108) يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا (109) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (110) وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا (111) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا (112)} (طه).

فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ{13} وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً{14} فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ{15} وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ{16} وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ{17} (الحاقة).

فَإِذَا جَاءتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى{34} يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ مَا سَعَى{35} وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَن يَرَى{36} فَأَمَّا مَن طَغَى{37} وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا{38} فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى{39} وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى{40} فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى{41} يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا{42} فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا{43} إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا{44} إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا{45} (النازعات)

إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ{1} وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ{2} وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ{3} وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ{4} وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ{5} وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ{6} وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ{7} وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ{8} بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ{9} وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ{10} وَإِذَا السَّمَاء كُشِطَتْ{11} وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ{12} وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ{13} عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ{14} (التكوير)

إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ{1} وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ{2} وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ{3} وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ{4} عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ{5} (الانفطار)

{إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (17) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (18) وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (19) وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا (20) إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (21) لِلطَّاغِينَ مَآَبًا (22) لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (23) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (24) إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (25) جَزَاءً وِفَاقًا (26) إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا (27) وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كِذَّابًا (28) وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا (29) فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا (30) إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33) وَكَأْسًا دِهَاقًا (34) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (35) جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا (36) رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا (37) يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (38) ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآَبًا (39) إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا (40)} (النبأ)

{إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} (الزلزلة)

*****

ولليوم الآخر ولأجزائه وتفاصيله أسماء وصفات عديدة وتورد الآيات الآتية بعضها:

{يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللّهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ}الأعراف187  *  {أَفَأَمِنُواْ أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ اللّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ}يوسف107  *  {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ}الحجر85  *  {وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }النحل77  *  {إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى}طه15  *  {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ}الحج1  *  {وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ }الحج55  *  {إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }لقمان34  *  {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً }الأحزاب63  *  {إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ }غافر59  *  {اللَّهُ الَّذِي أَنزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ} الشورى17  *  {هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} الزخرف66  *  {وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} الزخرف85  *  {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ}الدخان40  *  {هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ }المرسلات38  *  {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً}النبأ17  *  {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَـئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }آل عمران77  *  {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ }آل عمران185  *  {اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً }النساء87  *  {قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُل لِلّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }الأنعام12  *  {وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ}يونس60  *  {وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً}الإسراء13  *  {وَمَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاء مِن دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً }الإسراء97  *  {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدا}مريم95  *  {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} طه124  *  {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}الأنبياء47  *  {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }الحج17  *  {اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }الحج69  *  {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ}المؤمنون16  *  {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} السجدة25  *  {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ }الزمر67  *  {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }فصلت40  *  {لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }الممتحنة3

*****

النساء والجنة

كل من دخل الجنة من رجال أو نساء لهم ما يشاءون فيها:

{وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35)} ق.

فهي المكان الذي تتحقق فيه الأماني بمجرد أن تخطر بالبال!

ويتساءلون دائما لماذا الحديث عن متع الجنة للرجال فقط، وهذا غير صحيح!

والرد هو: ولماذا الحديث عن عذاب الآخرة للرجال فقط؟

لماذا لا يثق الإنسان في أَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ، وفي أنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ، وفي أنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا، وفي أنه يحكم بالعدل وأنه ذو الفضل العظيم؟ إن كل أمور العالم الآخر هي فوق كل إدراك وتخيل!

هل يستطيع الإنسان أن يتخيل عالما له خمسة أو ستة أبعاد مثلا؟ هل يستطيع أن يتخيل أجساما غير مصنوعة من تراب؟! هل يتخيل أن نار الآخرة التي يتكلم فيها الناس ولا يموتون مثل نار الدنيا وأن أجسام أهل النار فيها مثل أجسامهم في الدنيا؟

ألا ينظر الإنسان إلى نفسه؟ ألا تتلاشى شهواته ولذاته واحدة بعد الأخرى وقد كان يعتبرها في مراحل من حياته اللذة القصوى التي لا حياة بدونها؟

إن اليوم الآخر هو مراحل متعددة، له في كل مرحلة منها حالته الخاصة، وأولها هي البعث بهذا الجسم الذي سينبت من طين هذه الأرض كما حدث أول مرة، ولكن على غير مثال سبق.

إن القرءان هو كلٌّ واحد، وليس ثمة ما يلزم الله تعالى بأن يقدم بيانا تفصيليا عن نعيم الآخرة الذي لا حصر له!! يكفي أن يعلم الناس أسماء الله الحسنى وسماته العليا!! لن يظلم الله تعالى أحدا وسيعطي من يدخل الجنة ما لا يخطر على قلب بشر.

ومن المعلوم أن جمع المذكر في اللسان العربي يشير إلى الرجال والنساء، ومع ذلك فالقرءان يعطي أحيانا نصوصًا صريحة حتى لا يرتاب أحد، وحتى تطمئن قلوب الجميع، قال تعالى:

{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَاب}[آل عمران:195]، {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب:35]، {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِين} [التحريم:11]

ويجب العلم بأن النفس الإنسانية الحقيقية؛ أي الكيان الإنساني الجوهري لا يتصف بذكورة أو أنوثة، وأن لهذه النفس في جسمها الأخروي كل ما أرادت، وهذا الجسم نفسه قابل للتشكل وفق إرادة الكيان الإنساني الجوهري، وإلى ذلك ألمحت بعض أقوال الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ، ففي الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

ويقولون إن المسيحيين واليهود يجادلون المسلمين في ذلك الأمر، والحق هو أنه على المسيحيين واليهود أن يخجلوا مما هو مدون في كتبهم، وهم أقل شأنا من أن يكون لهم أية حجة في هذا المجال!! إن مكانة المرأة عندهم هي في الدرك الأسفل!!!

أما بخصوص اليوم الآخر: ألا يكفي أن أسفار العهد القديم الضخمة لا تكاد تذكر شيئا عن البعث ولا عن يوم القيامة ولا عن الدار الآخرة حتى إن أعلى طبقة كهنوتية منهم وهم الصدوقيون لم تكن تؤمن بشيء من ذلك؟!! لقد أنكر هؤلاء سائر الأسفار ما عدا أول خمسة منها؛ كذلك أنكروا قيامة الأموات والإيمان بالحياة الأبدية بعد الموت، ورفضوا الاعتراف بالملائكة والشياطين لعدم ذكرهم في الأسفار الخمسة التي آمنوا بها، ولم يعطوا الإيمان بالغيبيات سوى القليل من الأهمية.

إن مفهوم البعث غامض عند اليهود، ولم يتحدث عنه بالكاد إلا سفر أشعيا وسفر دانيال المكتوب بعد العودة من بابل؛ أي بعد موسى بمئات السنين!! وهم يكادون يستبدلون به ظهور مسيحهم وتأسيس مملكتهم وبدأ ألفيتهم السعيدة بعد القضاء على كل أعدائهم أو استعبادهم لهم، أما في الألفية السعيدة فسيكون الأمر كما جاء في سفر أشعيا، الإصحاح الْحَادِي عَشَر:

 6فَيَسْكُنُ الذِّئْبُ مَعَ الْخَرُوفِ، وَيَرْبُضُ النَّمِرُ مَعَ الْجَدْيِ، وَالْعِجْلُ وَالشِّبْلُ وَالْمُسَمَّنُ مَعًا، وَصَبِيٌّ صَغِيرٌ يَسُوقُهَا. 7وَالْبَقَرَةُ وَالدُّبَّةُ تَرْعَيَانِ. تَرْبُضُ أَوْلاَدُهُمَا مَعًا، وَالأَسَدُ كَالْبَقَرِ يَأْكُلُ تِبْنًا. 8وَيَلْعَبُ الرَّضِيعُ عَلَى سَرَبِ الصِّلِّ، وَيَمُدُّ الْفَطِيمُ يَدَهُ عَلَى جُحْرِ الأُفْعُوَانِ.

وهذا ما نقله السلف المقدس بعد بعض التحويرات إلى التراث الإسلامي وفرضوا على الناس الإيمان به!!! ملتزمين بالأمر البخاري الصارم: حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج!!!!

أما عن اليوم الآخر فهذا ما جاء في أسفارهم:

جاء في أشعيا الإصحاح الرابع والثلاثين:

4وَيَفْنَى كُلُّ جُنْدِ السَّمَاوَاتِ، وَتَلْتَفُّ السَّمَاوَاتُ كَدَرْجٍ، وَكُلُّ جُنْدِهَا يَنْتَثِرُ كَانْتِثَارِ الْوَرَقِ مِنَ الْكَرْمَةِ وَالسُّقَاطِ مِنَ التِّينَةِ.

وجاء في دانيال الإصحاح الثاني عشر:

1«وَفِي ذلِكَ الْوَقْتِ يَقُومُ مِيخَائِيلُ الرَّئِيسُ الْعَظِيمُ الْقَائِمُ لِبَنِي شَعْبِكَ، وَيَكُونُ زَمَانُ ضِيق لَمْ يَكُنْ مُنْذُ كَانَتْ أُمَّةٌ إِلَى ذلِكَ الْوَقْتِ. وَفِي ذلِكَ الْوَقْتِ يُنَجَّى شَعْبُكَ، كُلُّ مَنْ يُوجَدُ مَكْتُوبًا فِي السِّفْرِ. 2وَكَثِيرُونَ مِنَ الرَّاقِدِينَ فِي تُرَابِ الأَرْضِ يَسْتَيْقِظُونَ، هؤُلاَءِ إِلَى الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ، وَهؤُلاَءِ إِلَى الْعَارِ لِلازْدِرَاءِ الأَبَدِيِّ. 3وَالْفَاهِمُونَ يَضِيئُونَ كَضِيَاءِ الْجَلَدِ، وَالَّذِينَ رَدُّوا كَثِيرِينَ إِلَى الْبِرِّ كَالْكَوَاكِبِ إِلَى أَبَدِ الدُّهُورِ.

أما القرءان فلقد أفاض في ذكر اليوم الآخر، وقدم الكثير من التفاصيل.

أما الكافرون (الذين يسمونهم خطأً بالملحدين) الذين يجادلون في أمر اليوم الآخر وفي حظ النساء من نعيم الجنة فطالما أنهم لا يؤمنون بالله تعالى أصلا فلا يجوز الخوض معهم في التفاصيل والفرعيات ولا جدوى من ذلك!!

*****

أعلم جيدا أن قولنا في هذه المسألة هو صادم للمجتهدين الجدد وغيرهم ممن جعلوا من مقدساتهم إنكار الشفاعة والقول بعدم الخروج من النار لمن دخلها، ولكن الحق أحق أن يُتَّبع، ولذلك نكرر:

هناك خروج من النار بعد انتهاء مدة العقوبة.

هناك من يمكن أن ينتفعوا بالشفاعة، وهناك من لا يمكن أن ينتفعوا بها.

هناك خروج من النار بالشفاعة وفقا لمفهومها الصحيح.

المؤمن لن يُخلَّد أبدًا في النار.

هناك من سيخلدون في النار أبدا، وهناك من سيُخلد فيها فقط، والفرق كبير.

يوجد سماوات وأرض وزمان ومكان في العالم الآخر، ولذلك قال تعالى:

{إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (21) لِلطَّاغِينَ مَآَبًا (22) لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (23)} النبأ، وقال: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ }هود107

من سينجو من النار بالشفاعة إما لأن الشفاعة قد أدركته وانتفع بها، وإما لأنها أدركته بعد أن أصبح مهيأ لها بعد أن تلقى قدرا من عذاب النار.

*****

قوة القول تُستمد من حقانيته وليس من قائله!

لابد لكل عالَم مخلوق من إطار زماني مكاني، والزمن مرتبط بالتغير، والمكان مرتبط بالوجود المتعدد، وبذلك يتحقق افتقار الكائنات المطلق للإله المطلق!

الخلود في الجنة هو عطاء غير مجذوذ، هناك فرق هائل

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ{6} إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ{7} جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ{8}البينة

وما هي المشكلة؟ كل من سيدخل النار سيُؤتى كتابه بشماله أو من وراء ظهره، ثم يخرج منها من يريد الله له أن يخرج بمقتضى المشيئة!

*****

أهل الكتاب الذين تمسكوا بما لديهم ولم تبلغهم الرسالة المحمدية البلاغ المبين الكافي هم محاسبون عما لديهم، فمن آمن منهم بالله تعالى واليوم الآخر وعمل صالحا فله ما وعده الله تعالى به، قال تعالى:

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } البقرة62.

وأما الذين بلغتهم الرسالة المحمدية البلاغ المبين الكافي فكفروا بها وأتبعوا كفرهم النظري بأفعال كفرية مصدقة له؛ أي حاوا إطفاء نور الرسالة الخاتمة فهم كما قال الله تعالى:

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} البينة6

وأكثر المحسوبين على الإسلام هم في النار أيضًا، ذلك لأنهم مشركون، خاصة إذا عملوا بمقتضى شركهم واقترفوا الآثام والجرائم وأفسدوا في الأرض كما يحدث الآن، وهم لا يعبدون الله تعالى الذي أنزل القرءان وإنما يعبدون ما قدمه لهم أسلافهم من تصورٍ عنه، وهم بالأحرى يعبدون أسلافهم الذين شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن له الله تعالى، وهم لا يتبعون الإسلام وإنما مذهبا من المذاهب التي حلَّت محلَّه، فأولئك حقَّت عليهم الآيات:

{إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُون} [الأنعام:159]، {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلاَ كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم} [الشورى:21].

وذلك حذَّر الله تعالى عباده منهم، قال تعالى:

{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32)} الروم.

والتفرق شيعًا يذوق بعضهم بَأْسَ بَعْضٍ هو عقوبة معجلة في هذه الدنيا:

{قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُون} [الأنعام:65]

كل المذاهب فيها حق وباطل بنسب متفاوتة، ولكن كلهم مشركون، والموحدون الحقيقيون قليلون.

وأكثر العلماء الإنسانيين الذين أسدوا خدمات هائلة للبشرية كانوا يعبدون الله تعالى من حيث الكثير من أسمائه الحسنى، ولهم ثواب كل من انتفع بجهودهم وتضحياتهم، وهم ما كفروا إلا بما يقدمه لهم دينهم المحرف من تصورات عن الإله لا ترقى إلى ما لديهم من تصورات عنه، وهم لم يجدوا من يبلغهم دين الحق البلاغ المبين، أي لم يتحقق بالنسبة لهم شرط البلاغ المبين.

والعبادة لا تكون فقط بترديد بعض العبارات أو أداء طقوس معروفة، وإنما تكون أيضًا بالعمل وفق مقتضيات الأسماء الحسنى وتنفيذ الأوامر الإلهية الحقيقية، فمن أعمال العبادة النظر في عواقب من خلوا، والنظر في آيات الله في الأنفس وفي الآفاق، وإعمال ملكات الإنسان فيها.

*****

يتساءل البعض كيف يمكن أن يكون العذاب أبديا على من اقترف الآثام والمعاصي في زمن محدود ضئيل؟

إن الإنسان يُمنَح فرصة لإصلاح نفسه تمتد بطول عمره، وهذا الامتداد كافٍ تماما لمن عاش في تلك الدنيا، وهو يُعطَي فيها الفرصة تلو الأخرى لتزكية نفسه، وكل فعلٍ أو قولٍ يصدر عنه تسهم آثاره في تشكيل نفسه تشكيلا هائلا، وهو بذلك أيضًا يحقق لنفسه المكانة التي يستحقها في اليوم الآخر، فإذا ما انقضى أجله تكون نفسه الباطنة قد ثبتت على الصورة التي اكتسبتها كنتيجة نهائية لكل أعماله، لذلك لابد أن يحيا في العالم الآخر في نفس المكان الذي أسسه بنفسه وأن يتبوأ المكانة التي سعى إليها بفعله وأن يتحقق بآثار عمله فيستمتع أو يعذب بها.

والمكان الأخروي اللازم لكل المعذبين هو جهنم، فإذا ما أمكن لهذا العذاب أن يزيل قدرا ملائما من آثار أعماله السيئة مما يهيئه لقبول آثار الهداية فإنه سيخرج من النار، ومثل هذا لم تتمكن أعماله السيئة من التأثير على أعمق أعماق نفسه فأصبح من الممكن إزالة آثارها، وهذا هو المقصود بإخراج الموحد من النار بشفاعة أرحم الراحمين أو بشفاعة سيد المرسلين وإن عمل ما عمل وذلك إذا مات موحدا ولم تحل بينه وبين ذلك آثار خطاياه، أما من كان كذلك أو مات كافرا جاحدا فلن يفلح معه العذاب أبدا، ومثل هذا هو من أهل النار الذين حق عليهم قوله تعالى:

{وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِين}،

ذلك لأنهم لَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ.

*****

إن كل ما يتعلق باليوم الآخر هو من الغيب الذي لن يستطيع الإنسان إدراكه كما هو عليه إلا بعد اكتساب الآلات اللازمة لذلك وكذلك الألفاظ واللغة اللازمة، والآيات التي تصف أحوال هذا العالم هي من الآيات المتشابهات التي لا يجوز أن يتبعها أحد ابتغاء الفتنة أو التأويل.

*****

إن الدليل الدامغ على بطلان ما لدى الذين كفروا من أهل الكتاب موجود فيما لديهم من كتاب، ذلك لأنه لا يمكن لمن أراد من الناس أن يخضعوا له خضوعا مطلقا وأن يكونوا عبادا له أن يرسل إليهم رسائل تتضمن إهانات لنفسه ولا لمن اختارهم ليكونوا رسله وليكونوا أسوة حسنة للناس.

ألا يكفي أن أسفار العهد القديم الضخمة لا تكاد تذكر شيئا عن البعث ولا عن يوم القيامة ولا عن الدار الآخرة حتى أن أعلى طبقة كهنوتية منهم وهم الصدوقيون لم تكن تؤمن بشيء من ذلك؟!! إن مفهوم البعث غامض جدا عندهم، ولم يتحدث عنه بالكاد إلا سفر أشعيا وسفر دانيال المكتوب بعد العودة من بابل؛ أي بعد موسى بمئات السنين!! وهم يكادون يستبدلون به ظهور مسيحهم المنتظر وتأسيس مملكتهم وبدأ ألفيتهم السعيدة بعد القضاء على كل أعدائهم أو استعبادهم لهم، أما مكانة المرأة عندهم فهي في الدرك الأسفل!!! أما في الألفية السعيدة فسيكون الأمر كما جاء في سفر أشعيا، الإصحاح الْحَادِي عَشَر:

 6فَيَسْكُنُ الذِّئْبُ مَعَ الْخَرُوفِ، وَيَرْبُضُ النَّمِرُ مَعَ الْجَدْيِ، وَالْعِجْلُ وَالشِّبْلُ وَالْمُسَمَّنُ مَعًا، وَصَبِيٌّ صَغِيرٌ يَسُوقُهَا. 7وَالْبَقَرَةُ وَالدُّبَّةُ تَرْعَيَانِ. تَرْبُضُ أَوْلاَدُهُمَا مَعًا، وَالأَسَدُ كَالْبَقَرِ يَأْكُلُ تِبْنًا. 8وَيَلْعَبُ الرَّضِيعُ عَلَى سَرَبِ الصِّلِّ، وَيَمُدُّ الْفَطِيمُ يَدَهُ عَلَى جُحْرِ الأُفْعُوَانِ.

وهذا ما نقله السلف المقدس بعد بعض التحويرات إلى التراث الإسلامي وفرضوا على الناس الإيمان به!!! ملتزمين بالأمر البخاري الصارم: حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج!!!!

*******

1

bottom of page