المسيح الحقيقي
حياة المسيح عليه السلام في مصر
حياة المسيح عليه السلام في مصر
أما ما بين مرحلتي المهد والكهولة للمسيح الحقيقي فهي سنوات غامضة، لم يستطع أحد ممن أرَّخ له أن يعرف أسرارها إلى الآن معرفة وثيقة، وقد صمتت الأناجيل عنها ولم تقدم شيئا يُعتد به، وذلك لخلطهم بين القصتين المختلفتين؛ قصة المسيح الحقيقي وقصة المسيح المزيف، وقد قدم الكثيرون بشأنها تفسيرات كثيرة، وهم يسمونها بالسنوات الضائعة (The Lost Years of Jesus)، حتى زعم بعضهم أنه هاجر إلى الهند وتعلم هناك أسرار دياناتهم، ولذلك أخذت تعاليمه سمات أديانهم من الرحمة والعطف والحب على عكس الديانة الإسرائيلية التي كانت تأخذ صورة وحشية قاسية دموية غاضبة، وكان الرب فيها هو رب الجنود الذي لا يرحم أعداء قبيلته الأرضية ولا قبيلته نفسها، ويصب عليهم حينًا بعد حين جام غضبه، وهناك من قال إنه ذهب إلى بريطانيا!! أو حتى اليابان!!!
فمعجزة القرءان هي في إشارته إلى صمت السيد المسيح طوال المرحلة بين المهد وبين الكهولة، فهي إلى الآن سرّ غامض! وليس لدى القوم أية إشارة ولو بسيطة لسبب الصمت طوال هذه الفترة!
والذي حدث في هذه السنوات هو ما أشار إليه أحد الأناجيل وهو أن السيدة مريم فعلت مثل أسلافها ومثل أهل الشام قديما وبنو إسرائيل في مثل هذه الظروف ومثلما سيتكرر من بعد على مدى التاريخ، وهو الهجرة إلى مصر عند الخطر، وهذا ما فعله النبي إرميا عليه السلام عندما فرَّ إلى مصر ومعه بقايا الأسرة المالكة بعد الاجتياح البابلي لأورشليم بقيادة نبوختنصر سنة 586 ق.م.
فخوفًا على ابنها من بني إسرائيل من بعد كلامه في المهد هاجرت به إلى مصر بصحبة أحد أقاربها المتقدمين في السن، ولم يكن خطيبا ولا زوجا لها بل كان حاميا وراعيا لها، وهذا هو الأمر الطبيعي، فلم تكن الأسرة الهارونية لتترك امرأة في مقتبل عمرها لتهاجر هي وابنها بدون راعٍ متقدم في السن يقوم على شؤونهم.
أما من ظنُّوا أنهم هاجروا إلى الهند أو بريطانيا فقد ذهب بهم الشطط بعيدا، فكل الأنبياء لم يخرجوا عن هذه المنطقة من العالم والمعروفة بالشرق الأدنى فلقد بقيت النبوة في هذه المنطقة ولم تتأثر بأي تراث خارجي.
وقد كان اليهود قوما مجرمين شرسين في ذلك العصر، وكانوا يتباهون بقتل الأنبياء والمصلحين، فكان لابد من الاختفاء عنهم في منطقة كثيفة السكان.
وقد عاشت أسرة المسيح عليه السلام في مصر لمدة طويلة، إلى أن بلغ أواخر العشرينات من عمره، ثم عادت الأسرة إلى فلسطين قبيل الشروع في أداء رسالته، وإلى ذلك الإشارة بالنبوءة القديمة في الإصحاح الْحَادِي عَشَر لهوشع يقول:
1".... وَمِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْنِي .... "، والإشارة تعني أصلا بني إسرائيل.
فالمسيح الحقيقي كان لابد أن ينشأ بعيدا عن تأثيرات بني إسرائيل المتعصبين المتجمدين، مثلما حدث مع موسى من قبل، الذي تربى بعيدا عنهم في بلاط فرعون ملك مصر من أسرة الرعامسة؛ وهي الأسرة العشرون (العشرون في تقدير المؤرخين، أما عندنا فالأسر أكثر من ذلك بكثير)، ولذلك امتنّ الله تعالى عليه بقوله: {... وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه:39]، ولذلك يُلاحظ أن روح خطاب المسيح لهم كان غير مألوف بالنسبة إليهم.
ولقد فرت به أمه إلى مصر، كان ذلك في عصر الإمبراطورية الفارسية، والتي كانت مصر وأرض كنعان واليهودية تابعة لها، وعاش فيهاأكثر سنوات عمره، وتلقى تعليما على يد معلمين عبرانيين مستنيرين ممن كانوا في مصر، ثم استُدعي ليقوم برسالته كما في الإنجيل!
فالذي جاء في الإصحاح الْحَادِي عَشَر لهوشع تذكير بنعمته التي أنعمها على بني إسرائيل، وكيف أنهم كفروا بأنعمه وعبدوا غيره!:
1«لَمَّا كَانَ إِسْرَائِيلُ غُلاَمًا أَحْبَبْتُهُ، وَمِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْنِي. 2كُلَّ مَا دَعَوْهُمْ ذَهَبُوا مِنْ أَمَامِهِمْ يَذْبَحُونَ لِلْبَعْلِيمِ، وَيُبَخِّرُونَ لِلتَّمَاثِيلِ الْمَنْحُوتَةِ. 3وَأَنَا دَرَّجْتُ أَفْرَايِمَ مُمْسِكًا إِيَّاهُمْ بِأَذْرُعِهِمْ، فَلَمْ يَعْرِفُوا أَنِّي شَفَيْتُهُمْ. 4كُنْتُ أَجْذِبُهُمْ بِحِبَالِ الْبَشَرِ، بِرُبُطِ الْمَحَبَّةِ، وَكُنْتُ لَهُمْ كَمَنْ يَرْفَعُ النِّيرَ عَنْ أَعْنَاقِهِمْ، وَمَدَدْتُ إِلَيْهِ مُطْعِمًا إِيَّاهُ.
فمن الواضح من النص أن الذي دُعِي من مصر هو قبيلة إسرائيل وليس المسيح، والقول بأن المقصود هاهنا هو المسيح هو تأويل للنص، أي هو من باب الإشارة، وهي إشارة صحيحة، وكما بدأت مسيرة بني إسرائيل بالخروج من مصر فقد انتهت سلسلة أنبيائهم بالنبي الذي دُعي من مصر.
ولم تذكر الأناجيل شيئا عن حديث المسيح في المهد الذي ذكره القرءان، ومن بعد أن أعطت شيئا من المعلومات عن مولده لم تذكر شيئا يُعتد به إلى أن بدا عمله.
وإنجيل متى في الإصحاح الثاني يذكر مولد المسيح والأمر بالذهاب إلى مصر:
13وَبَعْدَمَا انْصَرَفُوا، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لِيُوسُفَ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: «قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاهْرُبْ إِلَى مِصْرَ، وَكُنْ هُنَاكَ حَتَّى أَقُولَ لَكَ. لأَنَّ هِيرُودُسَ مُزْمِعٌ أَنْ يَطْلُبَ الصَّبِيَّ لِيُهْلِكَهُ». 14فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ لَيْلاً وَانْصَرَفَ إِلَى مِصْرَ. 15وَكَانَ هُنَاكَ إِلَى وَفَاةِ هِيرُودُسَ. لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ الْقَائِل: «مِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْني».
ويتحدث الإنجيل عن مذبحة أوقعها هيرودس بالمواليد من بني إسرائيل:
16حِينَئِذٍ لَمَّا رَأَى هِيرُودُسُ أَنَّ الْمَجُوسَ سَخِرُوا بِهِ غَضِبَ جِدًّا. فَأَرْسَلَ وَقَتَلَ جَمِيعَ الصِّبْيَانِ الَّذِينَ فِي بَيْتِ لَحْمٍ وَفِي كُلِّ تُخُومِهَا، مِنِ ابْنِ سَنَتَيْنِ فَمَا دُونُ، بِحَسَب الزَّمَانِ الَّذِي تَحَقَّقَهُ مِنَ الْمَجُوسِ. 17حِينَئِذٍ تَمَّ مَا قِيلَ بِإِرْمِيَا النَّبِيِّ الْقَائِلِ: 18«صَوْتٌ سُمِعَ فِي الرَّامَةِ، نَوْحٌ وَبُكَاءٌ وَعَوِيلٌ كَثِيرٌ. رَاحِيلُ تَبْكِي عَلَى أَوْلاَدِهَا وَلاَ تُرِيدُ أَنْ تَتَعَزَّى، لأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمَوْجُودِينَ».
وينتهي الإصحاح الثاني بعودة الأسرة إلى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ لتسكن في مدينة "ناصرة" التي لم يكن لها وجود في ذلك الوقت!:
19فَلَمَّا مَاتَ هِيرُودُسُ، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ فِي حُلْمٍ لِيُوسُفَ فِي مِصْرَ 20قَائِلاً: «قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّهُ قَدْ مَاتَ الَّذِينَ كَانُوا يَطْلُبُونَ نَفْسَ الصَّبِيِّ». 21فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَجَاءَ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ. 22وَلكِنْ لَمَّا سَمِعَ أَنَّ أَرْخِيلاَوُسَ يَمْلِكُ عَلَى الْيَهُودِيَّةِ عِوَضًا عَنْ هِيرُودُسَ أَبِيهِ، خَافَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى هُنَاكَ. وَإِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِ فِي حُلْمٍ، انْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي الْجَلِيلِ. 23وَأَتَى وَسَكَنَ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا نَاصِرَةُ، لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالأَنْبِيَاءِ: «إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيًّا»
وينتهي الإصحاح الثالث مباشرة بتعميد يسوع على يد يوحنَّا في أول ظوهر له للقيام بمهامه:
13حِينَئِذٍ جَاءَ يَسُوعُ مِنَ الْجَلِيلِ إِلَى الأُرْدُنِّ إِلَى يُوحَنَّا لِيَعْتَمِدَ مِنْهُ. 14وَلكِنْ يُوحَنَّا مَنَعَهُ قَائِلاً: «أَنَا مُحْتَاجٌ أَنْ أَعْتَمِدَ مِنْكَ، وَأَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ!» 15فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ:«اسْمَحِ الآنَ، لأَنَّهُ هكَذَا يَلِيقُ بِنَا أَنْ نُكَمِّلَ كُلَّ بِرّ». حِينَئِذٍ سَمَحَ لَهُ. 16فَلَمَّا اعْتَمَدَ يَسُوعُ صَعِدَ لِلْوَقْتِ مِنَ الْمَاءِ، وَإِذَا السَّمَاوَاتُ قَدِ انْفَتَحَتْ لَهُ، فَرَأَى رُوحَ اللهِ نَازِلاً مِثْلَ حَمَامَةٍ وَآتِيًا عَلَيْهِ، 17وَصَوْتٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ قَائِلاً:« هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ».
وتوجد بذلك فجوة هائلة في قصة المسيح سكت عنها هذا الإنجيل، هذه الفجوة تمتد تقريبا منذ ميلاده إلى بدء القيام بمهمته التي سيذكر إنجيل آخر إنها عند بلوغه ثلاثين عاما.
أما إنجيل مرقس فيبدأ بتعميد يسوع من قِبل من يسمونه يُوحَنَّا مباشرة، فلا ذكر فيه لمرحلة طفولة المسيح، ولا للسنوات التالية لها قبل أن يبدأ رسالته؛ The unknown (lost, silent) years of Jesus جاء في الإصحاح الأول:
2كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الأَنْبِيَاءِ:«هَا أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاَكِي، الَّذِي يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ. 3صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ، اصْنَعُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً». 4كَانَ يُوحَنَّا يُعَمِّدُ فِي الْبَرِّيَّةِ وَيَكْرِزُ بِمَعْمُودِيَّةِ التَّوْبَةِ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا. 5وَخَرَجَ إِلَيْهِ جَمِيعُ كُورَةِ الْيَهُودِيَّةِ وَأَهْلُ أُورُشَلِيمَ وَاعْتَمَدُوا جَمِيعُهُمْ مِنْهُ فِي نَهْرِ الأُرْدُنِّ، مُعْتَرِفِينَ بِخَطَايَاهُمْ. 6وَكَانَ يُوحَنَّا يَلْبَسُ وَبَرَ الإِبِلِ، وَمِنْطَقَةً مِنْ جِلْدٍ عَلَى حَقْوَيْهِ، وَيَأْكُلُ جَرَادًا وَعَسَلاً بَرِّيًّا. 7وَكَانَ يَكْرِزُ قَائِلاً: «يَأْتِي بَعْدِي مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنِّي، الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَنْحَنِيَ وَأَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ. 8أَنَا عَمَّدْتُكُمْ بِالْمَاءِ، وَأَمَّا هُوَ فَسَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ».
9وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يَسُوعُ مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ وَاعْتَمَدَ مِنْ يُوحَنَّا فِي الأُرْدُنِّ. 10وَلِلْوَقْتِ وَهُوَ صَاعِدٌ مِنَ الْمَاءِ رَأَى السَّمَاوَاتِ قَدِ انْشَقَّتْ، وَالرُّوحَ مِثْلَ حَمَامَةٍ نَازِلاً عَلَيْهِ. 11وَكَانَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ:«أَنْتَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ».
12وَلِلْوَقْتِ أَخْرَجَهُ الرُّوحُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، 13وَكَانَ هُنَاكَ فِي الْبَرِّيَّةِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا يُجَرَّبُ مِنَ الشَّيْطَانِ. وَكَانَ مَعَ الْوُحُوشِ. وَصَارَتِ الْمَلاَئِكَةُ تَخْدِمُهُ.
أما إنجيل لوقا فيبدأ الكلام في الإصحاح الثاني عن الميلاد، ويقدم رواية غريبة تختلف عما يقدمه القرءان، ويقول:
1وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ صَدَرَ أَمْرٌ مِنْ أُوغُسْطُسَ قَيْصَرَ بِأَنْ يُكْتَتَبَ كُلُّ الْمَسْكُونَةِ. 2وَهذَا الاكْتِتَابُ الأَوَّلُ جَرَى إِذْ كَانَ كِيرِينِيُوسُ وَالِيَ سُورِيَّةَ. 3فَذَهَبَ الْجَمِيعُ لِيُكْتَتَبُوا، كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَدِينَتِهِ. 4فَصَعِدَ يُوسُفُ أَيْضًا مِنَ الْجَلِيلِ مِنْ مَدِينَةِ النَّاصِرَةِ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ، إِلَى مَدِينَةِ دَاوُدَ الَّتِي تُدْعَى بَيْتَ لَحْمٍ، لِكَوْنِهِ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ وَعَشِيرَتِهِ، 5لِيُكْتَتَبَ مَعَ مَرْيَمَ امْرَأَتِهِ الْمَخْطُوبَةِ وَهِيَ حُبْلَى. 6وَبَيْنَمَا هُمَا هُنَاكَ تَمَّتْ أَيَّامُهَا لِتَلِدَ. 7فَوَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ وَقَمَّطَتْهُ وَأَضْجَعَتْهُ فِي الْمِذْوَدِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَوْضِعٌ فِي الْمَنْزِلِ.
ينتهي كلامه عن يسوع وهو ابن اثني عشرة سنة. في الإصحاح الثاني.
41وَكَانَ أَبَوَاهُ يَذْهَبَانِ كُلَّ سَنَةٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ فِي عِيدِ الْفِصْحِ. 42وَلَمَّا كَانَتْ لَهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً صَعِدُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ كَعَادَةِ الْعِيدِ. 43وَبَعْدَمَا أَكْمَلُوا الأَيَّامَ بَقِيَ عِنْدَ رُجُوعِهِمَا الصَّبِيُّ يَسُوعُ فِي أُورُشَلِيمَ، وَيُوسُفُ وَأُمُّهُ لَمْ يَعْلَمَا. 44وَإِذْ ظَنَّاهُ بَيْنَ الرُّفْقَةِ، ذَهَبَا مَسِيرَةَ يَوْمٍ، وَكَانَا يَطْلُبَانِهِ بَيْنَ الأَقْرِبَاءِ وَالْمَعَارِفِ. 45وَلَمَّا لَمْ يَجِدَاهُ رَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ يَطْلُبَانِهِ. 46وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَجَدَاهُ فِي الْهَيْكَلِ، جَالِسًا فِي وَسْطِ الْمُعَلِّمِينَ، يَسْمَعُهُمْ وَيَسْأَلُهُمْ. 47وَكُلُّ الَّذِينَ سَمِعُوهُ بُهِتُوا مِنْ فَهْمِهِ وَأَجْوِبَتِهِ. 48فَلَمَّا أَبْصَرَاهُ انْدَهَشَا. وَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ:«يَا بُنَيَّ، لِمَاذَا فَعَلْتَ بِنَا هكَذَا؟ هُوَذَا أَبُوكَ وَأَنَا كُنَّا نَطْلُبُكَ مُعَذَّبَيْنِ!» 49فَقَالَ لَهُمَا:«لِمَاذَا كُنْتُمَا تَطْلُبَانِنِي؟ أَلَمْ تَعْلَمَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَكُونَ فِي مَا لأَبِي؟». 50فَلَمْ يَفْهَمَا الْكَلاَمَ الَّذِي قَالَهُ لَهُمَا. 51ثُمَّ نَزَلَ مَعَهُمَا وَجَاءَ إِلَى النَّاصِرَةِ وَكَانَ خَاضِعًا لَهُمَا. وَكَانَتْ أُمُّهُ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذِهِ الأُمُورِ فِي قَلْبِهَا. 52وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ يَتَقَدَّمُ فِي الْحِكْمَةِ وَالْقَامَةِ وَالنِّعْمَةِ، عِنْدَ اللهِ وَالنَّاسِ.
ويُلاحظ القول "41وَكَانَ أَبَوَاهُ يَذْهَبَانِ كُلَّ سَنَةٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ فِي عِيدِ الْفِصْحِ"!
ثم يستأنف إنجيل لوقا الحديث عنه وهو ابن الثلاثين من عمره في الإصحاح الثالث:
21وَلَمَّا اعْتَمَدَ جَمِيعُ الشَّعْبِ اعْتَمَدَ يَسُوعُ أَيْضًا. وَإِذْ كَانَ يُصَلِّي انْفَتَحَتِ السَّمَاءُ، 22وَنَزَلَ عَلَيْهِ الرُّوحُ الْقُدُسُ بِهَيْئَةٍ جِسْمِيَّةٍ مِثْلِ حَمَامَةٍ. وَكَانَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ قَائِلاً: «أَنْتَ ابْنِي الْحَبِيبُ، بِكَ سُرِرْتُ».
23وَلَمَّا ابْتَدَأَ يَسُوعُ كَانَ لَهُ نَحْوُ ثَلاَثِينَ سَنَةً، وَهُوَ عَلَى مَا كَانَ يُظَنُّ ابْنَ يُوسُفَ، بْنِ هَالِي!!!!
ويقدم إنجيل برنابا تفسيرا لسبب قبول يوسف بن هالي بهذا الوضع، وهو يقول إن مريم هي التي اتخذت لها عشيرا من عشيرتها، جاء في الفصل الثاني:
"أما مريم فإذ كانت عالمة مشيئة الله وموجسة خيفة أن يغضب الشعب عليها لأنها حبلى ليرجمها كأنها ارتكبت الزنا اتخذت لها عشيرا من عشيرتها قويم السيرة يدعى يوسف، لأنه كان بارا متقيا لله يتقرب إليه بالصيام والصلوات ويرتزق بعمل يديه لأنه كان نجارا ، هذا هو الرجل الذي كانت تعرفه العذراء واتخذته عشيرا وكاشفته بالإلهام الإلهي، ولما كان يوسف بارا عزم إذ رأى مريم حبلى على إبعادها لأنه كان يتقي الله ، وبينا هو نائم إذا بملاك الله يوبخه قائلا: لماذا عزمت على إبعاد امرأتك ، فاعلم أن ما كون فيها إنما كوّن بمشيئة الله فستلد العذراء ابنا، وستدعونه يسوع ، وتمنع عنه الخمر والمسكر وكل لحم نجس، لأنه قدوس الله من رحم أمه فإنه نبي من الله أرسل إلى شعب إسرائيل ليحول يهوذا إلى قلبه، ويسلك إسرائيل في شريعة الرب كما هو مكتوب في ناموس موسى ، وسيجيء بقوة عظيمة يمنحها له الله، وسيأتي بآيات عظيمة تفضي إلى خلاص كثيرين. فلما استيقظ يوسف من النوم شكر الله وأقام مع مريم كل حياته خادما لله بكل إخلاص".
وما قدمه القرءان يغني عن كل ذلك، وهو الحقيقة المتسقة مع كل الأمر، ومع مجمل سلوك المسيح من بعد مع بني إسرائيل، إن مولد المسيح كان آية، والآية يجب أن يعلمها كل المعنيين بها، وليس شخصًا واحدا.
وإنجيل برنابا يتحدث أيضا عن هجرة الأسرة إلى مصر، جاء في الفصل الثامن:
"فلما رأى هيرودس أن المجوس لم يعودوا إليه ظن أنهم سخروا منه، فعقد النية على قتل الطفل الذي ولد، ولكن بينما كان يوسف نائما ظهر له ملاك الرب قائلا: انهض عاجلا وخذ الطفل وأمه واذهب إلى مصر لأن هيرودس يريد أن يقتله. فنهض يوسف بخوف عظيم وأخذ مريم والطفل وذهبوا إلى مصر، ولبثوا هناك حتى موت هيرودس الذي حسب أن المجوس قد سخروا منه، فأرسل جنوده ليقتلوا كل الأطفال المولودين حديثا في بيت لحـم، فجاء الجنود وقتلوا كل الأطفال الذين كانوا هناك كما أمرهم هيرودس، حينئذ تمَّت كلمات النبي القائل (نواح وبكاء في الرامة، راحيل تندب أبناءها وليس لها تعزية لأنهم ليسوا بموجودين)".
والإنجيل الرابع: إنجيل يوحنا. يتحدث مباشرة من إصحاحه الأول عن حياة يسوع في سنواته الأخيرة، ويبدأ من قصة تعميده، ويتجاهل كل ما كان قبلها:
19وَهذِهِ هِيَ شَهَادَةُ يُوحَنَّا، حِينَ أَرْسَلَ الْيَهُودُ مِنْ أُورُشَلِيمَ كَهَنَةً وَلاَوِيِّينَ لِيَسْأَلُوهُ: «مَنْ أَنْتَ؟» 20فَاعْتَرَفَ وَلَمْ يُنْكِرْ، وَأَقَرَّ: «إِنِّي لَسْتُ أَنَا الْمَسِيحَ». 21فَسَأَلُوهُ: «إِذًا مَاذَا؟ إِيلِيَّا أَنْتَ؟» فَقَالَ:«لَسْتُ أَنَا». «أَلنَّبِيُّ أَنْتَ؟» فَأَجَابَ: «لاَ». 22فَقَالُوا لَهُ:«مَنْ أَنْتَ، لِنُعْطِيَ جَوَابًا لِلَّذِينَ أَرْسَلُونَا؟ مَاذَا تَقُولُ عَنْ نَفْسِكَ؟» 23قَالَ: «أَنَا صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: قَوِّمُوا طَرِيقَ الرَّبِّ، كَمَا قَالَ إِشَعْيَاءُ النَّبِيُّ». 24وَكَانَ الْمُرْسَلُونَ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ، 25فَسَأَلُوهُ وَقَالُوا لَهُ: «فَمَا بَالُكَ تُعَمِّدُ إِنْ كُنْتَ لَسْتَ الْمَسِيحَ، وَلاَ إِيلِيَّا، وَلاَ النَّبِيَّ؟» 26أَجَابَهُمْ يُوحَنَّا قِائِلاً: «أَنَا أُعَمِّدُ بِمَاءٍ، وَلكِنْ فِي وَسْطِكُمْ قَائِمٌ الَّذِي لَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ. 27هُوَ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي، الَّذِي صَارَ قُدَّامِي، الَّذِي لَسْتُ بِمُسْتَحِقّ أَنْ أَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ». 28هذَا كَانَ فِي بَيْتِ عَبْرَةَ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ حَيْثُ كَانَ يُوحَنَّا يُعَمِّدُ.
1