أمور دين الحق
الاعتصام بالله
إن الاعتصام بالله هو السبيل الوحيد للنجاة والاهتداء والفوز بالسعادة الحقيقية؛ ذلك لأن الله هو العاصم الحقيقي ولا عاصم لأحد من أمره، وكل كيان إنساني بدءً من الفرد وانتهاءً بالأمة ملزم بهذا الاعتصام.
والاعتصام بالله تعالى يعني أن يتخذ المؤمن منه ملاذًا ومولى ونصيرا وأن يركن إليه وأن يتشبث به وأن يتمسك بكل ما أمره به، وهذا يقتضي الاعتصام بحبله وهو القرءان الكريم، وهذا أيضًا من لوازم القيام بأركان عديدة، ومن كبائر الإثم المضادة لهذا الركن الركون إلى غير الله تعالي والاعتماد عليه والاعتصام بما هو من دون كتابه من الكتب والمذاهب.
إن الاعتصام بالله هو أمر وجداني عرفاني يجب أن يتحلى به المرء ولابد من أن يستحضره دائما في نفسه وهو كنز للإنسان يستطيع أن يستمد منه ومعين لا ينضب من الممكن دائما أن يرتوي منه وركن شديد يمكن للإنسان أن يأوي دائما إليه، إن الاعتصام بالله هو عين الاهتداء إلى الصراط المستقيم، ومن اعتصم بالله فقد دخل في رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ.
والاعتصام بحبل الله هو التشبث بكل ما جعله الله وسيلة إليه وليحاولوا بذلك الارتفاع إليه، وحبل الله الأعظم هو كتابه الأكرم.
إن الاعتصام بالله، ومن لوازمه الاعتصام بحبل الله، هو أمر قرءاني ملزم لكل مسلم، وهو في دين الحقّ ركن فرعي لوازمي مطلق جوهري، والمعتصم حقًّا وصدقا بالله هو مبشَّر بالنصر وبكل خير، وسيدخله الله فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَسيَهْدِيهِ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا، وذلك بمقتضى قوله تعالى:
{وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم} [آل عمران:101]، {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلّهِ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء:146]، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (174) فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (175)} النساء، {.... فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِير} [الحج:78]
أما أتباع الأديان التي حلَّت محل الإسلام فلا يعنيهم كل ذلك في شيء، وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ، وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ، أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ؟
هم لا يريدون إلا تأليه أئمتهم والانتصار لمذاهبهم، وفي سبيل ذلك يحاولون ليّ عنق آيات القرءان أو تأويلها! ولكن هيهات! القرءان هو كتاب التوحيد الخالص الدامغ لكل صور الشرك.
ومن الذكر النافع للمؤمن: "اعتصمت بالله، هو مولاي، فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِير"، يجب أن يردده الإنسان بقلبٍ حاضر، وبإخلاص وصدق، وبذلك يقوي صلته بالله تعالى، ويحقق مقاصد دينه.
1