نظرات في المذاهب
38
المقيد
المقيد هو الشيء الذي ذكر باسمه مقرونًا بشيء من صفاته أو متعلقاته، إما بإثباتها له أو نفيها عنه.
حكم المقيد
إذا ورد اللفظ مقيدا، وجب اعتبار هذا القيد وعدم إغفاله ما لم يرد ما يفيد إلغاءه.
مثال 1:
قوله تعالى في كفار القتل الخطأ
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا}[النساء:92]،
فهذه الآية قيدت وجوب الكفارة في القتل إذا كان هذا القتل خطأ، وعملا بهذا القيد لا تجب الكفارة في القتل العمد، كما قيدت الرقبة بكونها مؤمنة مما يفيد أن عتق الرقبة الكافرة لا يجزىء.
قولهم "عملا بهذا القيد لا تجب الكفارة في القتل العمد" هو قول عجيب، وهو يوحي بأن القتل العمد أخف حكمًا من القتل الخطأ، وكان يمكنهم القول: لا تجزئ ولا تجدي الكفارة في القتل العمد.
فالآية تتحدث عن حالات خاصة في حالة القتل الخطأ الذي يمكن للجماعات أن تتسامح فيه بعض الشيء حقنًا للدماء، ولكنها لا تتحدث عن قتل المؤمن عمدا، والذي قالت فيه الآية:
{وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء:93]
فالآية تستبشع هذا الفعل وتبين هول ما حاق به وما سيلاقيه، أما موضوع الكفارة فهم الذين أثاروه لينفوه!
مثال 2
قوله تعالى في كفارة الظهار
(فَمَن لّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَآسّا)المجادلة4،
فالآية تقيد التكفير بالصيام بقيدين: أن يكون متتابعا، وعملا بهذا القيد لا يجزىء الصيام المفرق في كفارة الظهار، وأن يكون قبل الاستمتاع.
*****
الحكم إذا ورد اللفظ مطلقًا في نص ومقيدا في آخر
إذا ورد اللفظ مطلقا في نص وورد مقيدا في نص آخر، واتفق اللفظان في الموضوع والحكم وجب حمل المطلق على المقيد، وقد سبق تقديم مثال تحريم الدم المسفوح.
1