top of page

قرية متميزة (مجموعة قصصية)

لحوم مسمومة 6

وهكذا سافر حشاد إلى هناك جمع إلى علومه علوم أساطين الآثار وعلوم بول البعير ورضاع الكبير هناك، بهرهم بإمكاناته وقدراته الفذة، أدركوا أنهم أيضًا يمكن أن يعولوا عليه، أصبح له مكانة متميزة في جيش الدعاة الذي يعدونه لإنقاذ الديار المصرية من الشركيات والقبوريات المتجذرة فيها! برَّ بوعده لتابعه المقرب دعبس، حصل له على عقد عمل، وأرسل في استدعائه.

بعد أن أمضى هناك بضع سنين كوَّن فيها ثروة تكفي لشراء قريته كلها عاد إلى مصر، كان ذلك بطلب منهم مع وعد باستمرار تدفق الأموال عليه، استقبله أتباعه القدامى استقبالا حافلا وهتفوا جميعا باسم جوهرة الديار المصرية وأسد السنة وأعلم أهل الأرض، وأصبحت الفضائيات والمساجد الكبرى تتهافت عليه وتتمنى أن يخصص لها شيئًا من وقته الثمين. 

*****

أما مبروك فلم يسافر بالطبع إلى الخليج، هو لم يجد في نفسه رغبة لذلك أبدا، ولكنه كان يعلم أيضًا أنه لا فرصة له هناك، إن آراءه التي كان لا يتردد في الجهر بها أثارت من حوله الشكوك وجعلته عرضة لشتى الاتهامات.

ولكن كان عليه أن يواجه من أول يوم بدأت فيه حياته الزوجية في الحجرة المتواضعة كل مصاعب الحياة، مرتبه الضئيل يجعله في حالة من الإملاق المستعصي، كان عليه أن يستمر في مساعدة أسرته وفي تسديد ديونه، ومع كل ذلك رفض بإباء شديد وإصرار عنيد أن تعمل زوجته، لم تكن تخفى عليه نظرات الإعجاب التي تلاحقها أينما كانت، لم يكن يتخيل أن يتركها لتركب الباص المزدحم ولا أن تجلس بين مجموعة من الرجال في أحد المكاتب الحكومية، قرر أن يواجه كل مصاعب الحياة بصبر وأناة، كان إيمانه خير معين له للتصدي لما يواجهه من صعوبات وما يضربه من محن.

مضت به الحياة، تسلل شيء من اليسر إلى حياته، شيئا فشيئا بدأت أحواله في التحسن المطرد، تلقى عروضًا أفضل للعمل في مدارس أكبر، قبِل أحسن ما عُرِض عليه، تمكن من تدبير وسائل عديدة وشريفة لزيادة دخله، وفي كل مكان عمل فيه ترك ذكرى عطرة.

تمكن من أن يجد شقة متواضعة في حي قريب من منطقته العشوائية، كان يعطي لوالديه أكثر ما يحصل عليه من مرتب ومن عائد أعماله المتناثرة هنا وهناك رغم أن ذلك سبب له الكثير من المتاعب مع زوجته، اضطر إلى حسم الأمر معها، خيرها بين أن تقبله على علاته وبين الطلاق، آثرت البقاء معه، شيئًا فشيئا بدأ يتكشف لها ما يتصف به من نبل السجايا ومكارم الأخلاق، جذبها معه إلى عالمه، جلب له ذلك المزيد من السعادة.

*****

بعد عودة حشاد من الخليج لم تعد شقته الفاخرة في الحي الراقي ترضي طموحاته، معه ثروة خليجية هائلة، والأموال تنهال عليه من كل حدب وصوب انتقل إلى ڤيلا فاخرة، أي بالأحرى قصرا أفخم في إحدى المدن الجديدة التي نشأت حول العاصمة تاركا الشقة لأسرته.

كان على أميمة أن تدفع غاليًا ثمن تخليها عن حبيبها القديم، عانت كثيرا من انحطاط حشاد وشخصيته البهيمية ونظرته المتدنية للمرأة، أدركت أنه لا يعرف شيئا اسمه الإنسانية أو المشاعر الرقيقة، ولا يكاد يفقه شيئا عن مكارم الأخلاق أو يتذوقها أصلا، لا يعرف عن الزواج إلا إنه عقد استمتاع ببضع كما يردد دائما وكما يلقن الناس بالضبط.

كان من الممكن أن تتحمل كل ذلك، فهي لم تكن تنشد ولا تتوقع أية مثاليات ولا التمتع بمشاعر رقيقة عندما قبلت الاقتران به، لم يكن الأمر بالنسبة لها إلا صفقة تجارية.

ولكن المشكلة الأخطر أنها أدركت أنها لا تستطيع أن تلبي كل احتياجات حشاد الجنسية، أدركت أن طموحاته أكبر منها بكثير، وهي تعلم جيدا أن الشيخ حشاد بفحولته الهائلة لن يتوانى عن الانتفاع إلى المدى الأقصى بما يوفره الشرع له.

أما هو فكان بالفعل عند سوء ظنها، لماذا لا يجرب ألوانا أخرى من النساء؟ لديه الآن من الأموال المكدسة ما يسمح له بشراء مئات الجواري مثلما كان يفعل الخلفاء المقدسون، أليس من الواجب عليه إحياء سنة السلف الصالح؟ هل هو أكثر ورعًا منهم؟ لماذا لا يتأسَّى بهم وقد اتسعت أمامه السبل وتدفقت عليه الأموال من كل حدب وصوب؟ ولكن للأسف الشديد قد ولى عصر الرق من قديم!

كان أساه هذا هو الدافع وراء بعض خطبه المجلجلة التي أعلن فيها بكل قوة أن الإسلام لم يحرم الرق وأن سنة السلف الصالح والخلفاء المنصورين كانت الاستكثار منهم، كان يتحدث عن الأوضاع الراهنة وكأنها ردة خطيرة عن الدين الذي يعرفه، والذي ازداد تضلعه منه من العمل في معقل الوهابية البهيمية، أخذ يحدث الناس عن عصر الغزوات وسبي النساء وكأنه الفردوس المفقود.

أحدثت خطبه هذه ضجة هائلة سببت له المزيد من الشهرة والمزيد من الأموال الوهابية الخليجية، كان هؤلاء يعرفون مدى قوة الكلمة ومدى اتساع تأثيرها إذا صدرت عن شيخ مصري، لذلك لم يبخلوا عليه بالأموال الطائلة كلما استخرج من بطون الكتب التراثية إحدى الكوارث وقذف بها في وجوه الناس.

ولكن حشاد كان رجلا عمليا، رأى أنه ليس من الجدوى الاكتفاء بالبكاء على أطلال عصر الرق والجواري، لا يجوز تضييع الممكن طلبًا للمستحيل، يجب الاستمتاع بما هو متاح، لذلك قرر أن يتزوج للمرة الثانية، لم تكن زوجته أول من صارحها بذلك بل كان تابعه المقرب دعبس.

رغم أنه لم يتبق لديه إلا قدر واهن من الإنسانية إلا أنه كان يستشعر قدرًا من الحرج بالنسبة لأميمة، إنه يعلم جيدا أنها فضلته على صديقه الأجمل والأفضل وحققت له بذلك انتصارا يعتبره في قرارة نفسه أمجد انتصاراته، إنه الانتصار الذي يعطي لأفعاله مشروعيتها ومصداقيتها ويسترد به كرامته أمام شبح صديقه القديم الماثل في أعماقه والذي يكدر عليه صفو حياته، كما أنها كانت ابنة حارته القديمة ورفيقة كفاحه وصعوده، وكانت رغبته فيها من قواه الدافعة نحو تحقيق ما حققه، وهي التي شهدت سنوات فقره وإملاقه، ولم تقصر في حقه يومًا ما، بل تحملت بصبر جميل كل تبعات بهيميته وخبث طويته وانحطاطه، ولكن هذا الأمر أيضًا هو ما كان يقضّ مضجعه، فهي تعامله لكل ذلك معاملة الندّ للندّ، لماذا لا يأتي بأنثى أخرى لم تره إلا مشهورا ثريا ونجمًا لامعا؟

صارح دعبس بذلك، قال له:

ليس لها أن تعترض!

كيف؟

الشرع يعطيك حق الجمع بين أربع زوجات.

نعم، ولكن ألا يسبب ذلك حرجا لها؟

الشرع فوق كل الأهواء البشرية، وهي المدينة لك بكل ما تحيا فيه من ترف وأبهة وما ترفل فيه من نعيم

...........

ليس لها عندك إلا العدل في المعاملة، لا تتردد

..........

يمكنك الاعتماد على تابعك المخلص!

وهكذا تولى دعبس أمر البحث عن امرأة جيدة تليق بمقام شيخه المبجل وفق المواصفات التي تليق بالمشايخ، إلى أن وجدها، كانت ذات بنيان هائل وأنوثة طاغية، كانت في الوقت ذاته منقبة، إن بنيانها هذا سيحميها أيضًا من محاولات أميمة جرّ شكَلها.

تمت كل الإجراءات الأولية بسهولة ويسر، بقي الأمر الأصعب، إنه بالطبع لن يفتح لزوجته الجديدة بيتًا آخر، قصره الكبير يتسع لحشد كبير من النساء، وهو لا يريد أن يتعب نفسه في التنقل بين بيتين، وربما أكثر فيما بعد، كان في الوقت ذاته يكابد شوق وصال الجسد الهائل الذي اشتراه، قرر حسم الأمر، لابد من المواجهة.

قال لأميمة بحسم: لقد قررت أن أتزوج!

رغم أنها كانت تنتظر سماع هذا الكلام منذ مدة، إلا أن الصدمة التي تلقتها كانت هائلة موجعة، انتابتها كافة المشاعر والذكريات منذ فجر الطفولة مرورا بمرحلة المراهقة والشباب.

لاح لها وجه حبيبها النبيل المسكين الذي حطمت قلبه عندما نبذته بقسوة، لو قبلت طلبه لما خطر بباله أن يجرح مشاعرها يومًا ما، مرَّ عليها شريط ذكريات رأت فيه نفسها تمشي في الحارة في فجر شبابها ونظرات الإعجاب تحدق بها والشباب يطمعون في التفاتة أو ابتسامة منها، حدث كل ذلك في لحظات معدودة قبل أن تتهاوى.

أسعد ما وقع بها قلب حشاد، لم يتلق ما يلزم من تأنيب وتقريع وشتائم بعد أن كان قد أعدّ نفسه لذلك، رأى أن ينتهز فرصة انشغالها بمرضها ليحسم الأمر وهي في حالة ضعفها.

أما هي فقد أفاقت لتجد نفسها طريحة الفراش وخادمتها تتطلع إليها بحنوّ وإشفاق، كانت تعاني آلامًا حادة لا تعرف مصدرها، أرادت القيام، لم تستطع، تذكرت ما حدث، تمنت لو أنه كان كابوسا لتستيقظ منه.

أخذت في الحديث مع الخادمة، علمت منها ما زادها هما وغما، سيعقد حشاد قرانه غدا، ثم يطير إلى تركيا لقضاء شهر العسل مع زوجته الجديدة هناك، والاستعدادات جارية على قدم وساق لاستقبال الزوجة الجديدة في ليلة مقدمها.

كانت أميمة بحكم نشأتها متينة البنيان النفسي، رغم كل الآلام التي كانت تكابدها أخذت تفكر في الأمر، اكتشفت أنها للأسف كانت تحيا معه عالمه هو، لم تفكر في نفسها كثيرا، لم تحاول أن تحصل لنفسها على أملاك خاصة، أما أسرتها فهي بحاجة ماسة إلى المعونات التي ترسلها إليهم بانتظام، أما ابنها منه فهو بحاجة ماسة إليها وإلى الأموال أيضا، بعد تقليب الأمر من كافة أوجهه قررت أن تستمر معه وأنت تنتقم منه.

ولكن كان عليها أن تتحمل الكارثة القادمة؛ وجود امرأة أخرى تقاسمها مملكتها، كان عليها أن تتماسك إلى المدى الأقصى.

جاء الطبيب، لم يجد لديها أي مرض عضوي، أوصى بالراحة وببعض المقويات وانصرف.

كان الخدم طوال غياب حشاد يواصلون العمل لإعادة تجهيز الغرف المخصصة للزوجة الجديدة، مضى الشهر، وأصبح القصر جاهزا لاستقبال العروسين.

كان يوم استقبال ضرتها في القصر أسوأ أيام حياتها، لم تستطع التماسك كثيرا، أغلقت على نفسها الباب وأخذت تبكي إلى أن جفت دموعها.

ولكنها وجدت نفسها مهملة، ولم تجد أحدًا ليسأل عنها، أخذت تتخيل نفسها وهي تقتحم على حشاد غرفة نومه وتوجه إليه لطمة أو اثنتين، قالت لنفسها بأسى إن ذقنه الكثة ستخفف من تأثير اللطمة! من الأفضل أن أوجه إليه طعنة نافذة في صدره، أدركت أنها في حالة تهورها قد تخسر كل شيء، وأنه عليها من جديد أن تتماسك، اكتفت بأن تقتله في أحلام يقظتها بكل الطرق الممكنة، أخذت غريزة حب البقاء تعمل عملها، صممت من جديد على الصمود والمقاومة.

عندما رأته في اليوم التالي أحست تجاهه بكمية هائلة من الكراهية والغلّ لم تكن تتخيل يومًا ما أنها من الممكن أن تجتمع في قلب إنسان.

لم تطالبه بالعدل في العلاقة فيما بينها وبين غريمتها، أصبح مجرد رؤيته أكثر شيء تكرهه، ولكن كيف ستؤمن لنفسها ولأسرتها ما هم بحاجة إليه من مال؟ لم يعد يربطها بحشاد إلا ابنها منه، أتيحت لها الفرصة الآن لتنفرد به ولتصنعه على عينها.

ولكنها كانت تعلم أن هذا البهيمي مجرد من المشاعر الإنسانية، وأنه قد يلقي بها في الطريق بلا أدنى رحمة، كان عليها أن تنافقه وأن تداهنه وأن تتقبل إهماله لها وهي صاغرة، وكان عليها أن تأخذ لنفسها من ماله كل ما تستطيع وأن تدفعه إلى إيداع مبالغ من المال باسم ابنها، أما هو فلم يتردد في ذلك فابنها منه قاصر، وأمواله ستظل تحت تصرفه، وكان يجود عليها من حين لآخر ببعض المال ليرى ذلها وانكسارها وهي تأخذه.

كان يعلم أنها بلا حيلة وأن أهلها ليسوا إلا عالة عليها، وهم لا يمكنهم الاستغناء عن المال الذي ترسله إليهم، كان يأمن تمامًا جانبها، أغرته قلة حيلتها في التمادي في الاستهانة بمشاعرها بل وإذلالها.

لم يتردد في أن يتزوج بالثالثة، لم يجد أي حرج في هذه المرة، أما هي فقد أحست أن الموضوع لم يعد يعنيها، إنه على الزوجة الثانية أن تتجرع الآن ما تجرعته هي من قبل!

وحَّدت المحنة بينها وبين الزوجة الثانية، أخذت مشاعر التنافر القديمة تتبخر شيئا فشيئا، ولكنها لم تجرؤ على مصارحتها برغبتها في الانتقام من البهيمي العتيد.

أما الشيخ البهيمي فقد ذاع صيته أكثر فأكثر، وأصبح معبود الجهلة والبهائم والمتخلفين يطل عليهم من منابر المساجد ومن شاشات الفضائيات فتعنو له الجباه وتتبارك برؤية محيَّاه، وكان هو يتفنن في إدهاشهم بفتاواه التي يستخرجها مما بال عليه الدهر وتغوط من الكتب وبقدرته على تعسير أمور الدين بحيث يظل الناس بحاجة إليه ليجد لهم منها مخرجا.

أما نظام مبارك الفاسد المفسد فوجد نفسه هو أيضًا بحاجة إليه، كان مذهبه يقدس المتسلطين ويجرِّم أي خروج عليهم أو انتقاد لتصرفاتهم، كان لا يملّ من أمر الناس بالخضوع لمن تسلط عليهم وبوجوب طاعة من قهرهم بسيفه، وكان أكثر ما يردده: "أطع الحاكم وإن نهب مالك وجلد ظهرك وانتهك عرضك، حاكم غشوم خير من فتنة تدوم، أطع من قهرك بسيفه، يحرم عليك أن تنام وأنت لا تعترف بأولياء أمرك"، وغير ذلك من العبارات التي تؤله المتسلط على الأمر، والتي كان الحشويون وعبيد الآثار يتنافسون في إجادة صياغتها.

أما أهم ما كان منوطًا به فهو التصدي لدعاة الإصلاح ورميهم بكل ما في جعبته من اتهامات بالردة وترك السنة والخروج على الملة والتشيع والرفض والإحداث في الدين واتباع غير سبيل المؤمنين والخروج على الهباب الأعظم ... الخ، وتفنن هو وأتباعه في اغتيالهم معنويا وفي تحريض الغوغاء عليهم.      

*****

أما الشيخ مبروك أو بالأحرى مبروك؛ فهو لم يعد شيخا، فقد استقرت أموره، وفَّرت له أعماله العديدة قدرًا لا بأس به من الدخل المنتظم.

لم ينعم بالثراء، ولكنه لم يعد يعاني من الإملاق، كانت تصله أنباء الصعود الصاعق لزميله القديم حشاد البهيمي فيستقبلها بلا مبالاة أو برثاء، فهو يعلم جيدا الثمن الباهظ الذي دفعه حشاد ليحقق كل ذلك؛ لقد خسر نفسه وآخرته!

ذات يوم تعمد أحد أصدقائهما القدامى في المعهد أن يتلو عليه في حقدٍ ظاهرٍ وغلّ شيئا من أنباء ثروة حشاد الأسطورية والتي نشرتها إحدى الصحف، غاظه أنه لم يبدُ عليه أدنى اكتراث، قال له وهو يكاد يتميز من الغيظ:

  • هل أنت غير مكترث حقًّا بما قرأته لك؟

  • ولم لا؟

  • اصدقني القول؛ ألا تتمنى أن تكون مثله؟

  • أأستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير؟

  • خير؟ من يسمع ذلك يتصور أنك ترفل في النعيم!

  • نعم، أنا والحمد لله في نعيم مقيم.

  • أين هو نعيمك هذا؟ أعرف كل أحوالك جيدا، هل تخفي شيئا عنا؟

  • وكيف لك أن ترى نعمة الأمن والسلام الداخلي والفرح العميق المتجدد؟

  • لعلك تتعاطى نوعا متميزا من الأفيون أو عقار الهلوسة! لا تبخل عليَّ باسمه!

  • من العجيب أن يصدر عنك كلام كهذا وأنت رجل دين وداعية.

  • ...........

  • ألا تؤمن بالقرءان وبعالم الغيب؟

  • وهل هذا سؤال؟

  • بل إن هذا هو السؤال!

  • وماذا بعد؟

  • هل قرأت قوله تعالى:

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58)} يونس، {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32)} فصِّلت، {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (13) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (14)} الأحقاف، {.... قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلا} [النساء:77]، {..... وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه:73]؟

كان مبروك يقرأ بخشوع وصدق وتأثر ويقين جعل صديقه يخجل من نفسه، صغرت الدنيا في عينيه، وأدرك لأول مرة في حياته أنه لا شيء يعادل ما حدَّثه مبروك عنه؛ الأمن والسلام والفرح الداخلي العميق المتجدد، لم يستطع أن ينظر في عيني مبروك، أطرق متواضعًا وانصرف في صمت. 

*****

1

bottom of page