top of page

منهج جديد لإحصاء الأسماء الحسنى

معنى الإحصاء

إحصاء الأسماء يتضمن درجات عديدة، أولها وأساسها استخلاصها من مصدرها الأوحد، وذلك وفق منهج قرءاني منطقي دقيق صارم، حقاني وموضوعي، لا شائبة فيه لذاتية أو لأهواء شخصية، يمكن نقله للآخرين، وتلك درجة خاصة لا ينالها إلا أفراد سبقت من الله تعالى لهم الحسنى.

ومنها معرفة هذه الأسماء التي تمَّ إحصاؤها، والسعي إلى فقْهِ آياتها ومعانيها وتجلياتها ومقتضياتها، وآياتها هي الآيات القرءانية التي أوردتها، وآياتها في الآفاق وفي الأنفس.

ومنها معرفة كل الأسماء الحسنى المذكورة في القرءان، والإحاطة بقدر الوسع بمعانيها ولوازمها ومقتضياتها، ومن أحصاها فقد أحصى من بينها أسماء النسق الأول المطلوب إحصاؤه.

وفي كل الأحوال فإن ذلك يقتضي:

أن تكون الأسماء الحسنى هي أساس ما لدى من يسعى إلى القيام بمقتضيات الإحصاء من مفهوم عن ربّ العالمين.

وأن تكون هي مصدر القيم التي يحيا بها.

وأن يحسن الاستجابة لها.

*****

الإحصاء لا يعني السرد فقط، ولا العدّ فقط، قال تعالى: 

{لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّا} مريم94

، وبذلك ميَّز بين الاثـنين، فالإحصاء يتضمن مع العدّ إدراك ما يلزم عن مفردات موضوع الإحصاء من بيانات ومعلومات ووظائف وآثار وأفعال ومقتضيات وعلاقات بين الأشياء التي يتم إحصاؤها مع حفظها وتقديرها التقدير اللائق، قال تعالى: 

{يَوْمَ يَبْعَثُهُمْ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} (المجادلة:6)،

 فالإحصاء هو الإحاطة الممكنة بالأمر من كافة جوانبه، أما إذا نُسِب الإحصاء إلى الله تعالى فإنه يعني الإحاطة الحقانية المطلقة بالأمر من كافة جوانبه.

فالإحصاء يتعلق بالأمر المحصي من حيث كل ما يمكن من جوانبه النوعية والكمية في حين أن العد لا يتعلق إلا بالجانب الكمي فقط.

ومن البديهي أن من يأمر أحدًا بإجراء إحصاءٍ ما لا يفـترض فيه أنه يعرف نتائج الإحصاء مُسبَّقـا، وليس عليه هو أن يخبره بها كلها وإلا لما أمره بإجراء الإحصاء ولما وعده عليه بمكافأة قيمة وثواب عظيم، لذلك فإن إحصاء الأسماء هو استخراجها هي وكل ما يتعلق بها من دلالات ومعانٍ وسنن من القرءان، والأمر بالإحصاء يعني الأمر بالإدراك مع التحقق بقدر الوسع بالمقتضيات.

وبالطبع فإن إحصاء الأسماء الحسنى يتضمَّن العلم الحقيقي بها والإيمان بها والعمل بقدر الإمكان وفق ذلك، فالعلم الحقيقي يوجب العمل، وإلا لو كان الأمر مجرد العلم بألفاظها لكان من الممكن للكافر الذي تعلمها من مؤمن أو من أحد الكتب أن يدخل الجنة.

والإحصاء يتضمن العلم بالاستجابة المناسبة للاسم، فبعضها يقتضي صفات يجب أن يتحلى الإنسان بها، وبعضها يشير إلى سمات إلهية تقتضي من الإنسان الخضوع والاستسلام والخوف والهيبة والإنابة والإخبات، وبعضها يستلزم من الأسماء أعمالا معينة يجب أن يقوم بها، وبعضها يقتضي قوانين وسنن يجب أن يعلمها الإنسان بقدر وسعه لكي يتوافق معها.

*******

1

bottom of page