دائرة المعارف
حرف العين
النبي عزير (عزرا)
عزرا اسم عبري معناه "عون"، وعزرا اسم كاتب الشريعة الموسوية، وهو كاهن من أسرة صادوق من سلالة هَارُونَ الْكَاهِنِ الرَّأْسِ، وهو رئيس الجماعة اليهودية العائدة من بابل وقد جاء في سفر عزرا، الإصحاح السابع:
1وَبَعْدَ هذِهِ الأُمُورِ فِي مُلْكِ أَرْتَحْشَسْتَا مَلِكِ فَارِسَ، عَزْرَا بْنُ سَرَايَا بْنِ عَزَرْيَا بْنِ حِلْقِيَّا 2بْنِ شَلُّومَ بْنِ صَادُوقَ بْنِ أَخِيطُوبَ 3بْنِ أَمَرْيَا بْنِ عَزَرْيَا بْنِ مَرَايُوثَ 4بْنِ زَرَحْيَا بْنِ عُزِّي بْنِ بُقِّي 5بَنِ أَبِيشُوعَ بْنِ فِينَحَاسَ بْنِ أَلِعَازَارَ بْنِ هَارُونَ الْكَاهِنِ الرَّأْسِ. 6عَزْرَا هذَا صَعِدَ مِنْ بَابِلَ، وَهُوَ كَاتِبٌ مَاهِرٌ فِي شَرِيعَةِ مُوسَى الَّتِي أَعْطَاهَا الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ. وَأَعْطَاهُ الْمَلِكُ حَسَبَ يَدِ الرَّبِّ إِلهِهِ عَلَيْهِ، كُلَّ سُؤْلهِ. 7وَصَعِدَ مَعَهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالْكَهَنَةِ وَاللاَّوِيِّينَ وَالْمُغَنِّينَ وَالْبَوَّابِينَ وَالنَّثِينِيمِ إِلَى أُورُشَلِيمَ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ لأَرْتَحْشَسْتَا الْمَلِكِ. 8وَجَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ فِي الشَّهْرِ الْخَامِسِ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ لِلْمَلِكِ. 9لأَنَّهُ فِي الشَّهْرِ الأَوَّلِ ابْتَدَأَ يَصْعَدُ مِنْ بَابِلَ، وَفِي أَوَّلِ الشَّهْرِ الْخَامِسِ جَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ حَسَبَ يَدِ اللهِ الصَّالِحَةِ عَلَيْهِ. 10لأَنَّ عَزْرَا هَيَّأَ قَلْبَهُ لِطَلَبِ شَرِيعَةِ الرَّبِّ وَالْعَمَلِ بِهَا، وَلِيُعَلِّمَ إِسْرَائِيلَ فَرِيضَةً وَقَضَاءً.
ومن الواضح أنه ليس الرب هو الذي يتكلم ولا عزير، وإنما أحد الرواة، وهذا مما يقلل من مصداقية الأحداث المروية.
كان عزرا حريصًا على إحياء الدين بصورته النقية والتصدي بقوة لكافة المحدثات فيه، كان نبيا مجددا تلقى الكتب الأصلية بدلا من تلك التي اندثرت، قام عزرا بإعادة شعائر السبت، وفرض على اليهود دفع الضرائب للهيكل، وهو الذي استرجع كثيرا من القوانين القديمة، جمع أسفار الكتاب المقدَّس ونظمها.
ولكن الطائفة اليهودية غلت في أمره من بعد كما غلت في أمر التعاليم المنسوبة إليه وزادوا من شدتها وحدتها وإعطائها طابعا انعزالي وطابعاً كهنوتيا.
وقد اضطربوا في أمر عزير وطبيعة علاقته بنحميا، وذلك للغموض المصاحب لشخصيته ومحاولة التعتيم على أكثر أخباره، فقد كان فيهم مثلما سيكون المسيح، ولكنهم لم يستطيعوا محو آثاره بالكلية لكون كل كتبهم تستمد شرعيتها منه، فهو الذي أملاها عليهم.
وقد احتاروا في دلالة أنه أتى في السنة السابعة للملك، فلم يحدد النص من الملك المشار إليه في الفقرة هل هو أرتحشتا الأول Artaxeres 1 465-424 ق.م. أم أنه أرتحشتا الثاني، وهو قد ظهر في أورشليم بالفعل في عهد أرتحشتا الأول وعاش فيها ما تبقى من حياته الثانية، أي إلى أن أكمل أربعين سنة في هذه الحياة انتهت في 440 ق.م.
وفي تقديراتنا أنه بُعث سنة 480 قبل الميلاد، وعاش حتى 440 قبل الميلاد، وجدد الدين لسابق علمه بالنصوص الحقيقية، وافتتن به اليهود.
أثناء وبعد حياة عزير -وفي ظلّ سيطرة الفرس- تم إرساء قواعد الديانة اليهودية، لم تكن الديانة العبرانية معروفة باليهودية من قبل، أُطلق اسم اليهود أول ما أُطلق رسميا على من افتتنوا بعزير واعتبروه ابنا لربهم، هذه هي الطائفة التي ستدخل من بعد في صراع مع من غلو في شأن المسيح وقالوا مثل قولهم.
قام عزير بدور هائل لإحياء الدين العبراني وإتمامه وإعطائه صورته المميزة، كان هو مؤسس الجمعية العظمى للعلماء والرائد وراء إنشاء مجمع السنهدرين الذي يملك سلطة البتّ في الأمور الدينية.
فالديانة اليهودية الموجودة الآن مدينة لعزير (عزرا) أكثر من أي شخصٍ آخر.
*****
إن عزير هو الرجل الذي أَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ، وهو الذي أحيا الديانة بين بني إسرائيل العائدين من الأسر في بابل، وكانت له إنجازات فذة، ومثل كل كبار الأنبياء انقسم الناس بشأنه، تعصب بعض بني إسرائيل الذين كان أكثرهم من سلالة يهوذا له، وكانوا هم الذين بقوا مع سلالة بنيامين وبعض اللاويين بعد اختفاء الأسباط العشرة نتيجة للأسر الأشوري، ولكن أكثرهم رفضوه ورفضوا رسالته وتآمروا عليه، ولكن من بعد أن توفاه الله تعالى غلا بعضهم في أمره وزعموا أنه ابن الله، وهؤلاء هم أول من تسمى رسميا باسم اليهود.
وعندما ظهر المسيح الحقيقي عيسى بن مريم الهارونية من بعد عزير كان هؤلاء الغلاة هم أكثر من تصدوا له، أما الذين اتبعوا المسيح فظهروا عليهم ظهورا تاما وأبطلوا حججهم، وهم لم ينقرضوا إلا من بعد أن ظهر المسيح المزيف وقال النصارى أن المسيح هو ابن الله، فالذين غلوا في أمر عزير هم أول من أُطلق عليهم اليهود، وقد انقرض من قال بذلك، ولكن بقي اسم اليهود لاصقًا بمن رفض رسالة المسيح.
وقد عمد هؤلاء إلى محو أي أثر يتعلق بالمسيح الحقيقي وطاردوا من بينهم كل من آمن به فلجئوا إلى الأماكن النائية وشكلوا تجمعات صغيرة من المؤمنين الزاهدين، ولما كان المسيح نفسه لم يتزوج فقد تأسوا به في ذلك الأمر، وقد كان ذلك لا يعني إلا حتمية انقراضهم خاصة وأنهم تمسكوا بصفة عامة بالتقليد الأصلي وهو ألا يدعو الناس إلى دينهم.
والقرية التي أحياها الله تعالى بعد موتها هي أورشليم، وكل ذلك حدث بعد العودة من الأسر البابلي، وبعد هذه العودة تمَّ إعادة كتابة الأسفار التي كانت قد فقدت.
وقالت اليهود عزير ابن الله، ذلك لأنه هو الذي ينتسبون إليه أصلا كما ينتسب المسيحيون إلى المسيح، فمن ادعوا أنهم أتباع عزير هم الذين أصبحوا اليهود، وهكذا أصبح هناك ديانة تُسمى باليهودية، وهذا ما لم يحدث إلا بعد العودة من السبي البابلي؛ أي في العصر الفارسي، وقد اندثر هذا القول من بعد لرسوخ التوحيد عندهم، وإن بقي الاسم لاصقًا بمن بقي على دينهم القديم ورفضوا رسالة خاتم أنبيائهم؛ أي المسيح الأصلي عيسى بن مريم الهارونية، وسينشب صراع بين هؤلاء الغلاة في أمر عزير وبين الغلاة في أمر المسيح، فالتنافس والصراع كان بين طائفتين ضلتا عن الإسلام الذي أتى به كل الرسل والأنبياء.
والذي دفع اليهود إلى النبذ السريع للشرك والعودة إلى التوحيد هو ترديدهم المستمر للشماع الذي هو لبّ عقيدتهم، والشمَّـاع Shemaهو من كلمة "شمَع" العبرية وتعني "اسمع"، ويُقرَأ في صلاتي الصباح والمساء، ونصه:
والشمَّـاع Shemaهو من كلمة "شمَع" العبرية وتعني "اسمع"، ويُقرَأ في صلاتي الصباح والمساء، وهو لب العقيدة اليهودية، ونصه "اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ".
وهو جزء من الوصية العظمى الواردة في سفر التثنية الإصحاح السادس:
4«اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ. 5فَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُوَّتِكَ. 6وَلْتَكُنْ هذِهِ الْكَلِمَاتُ الَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا الْيَوْمَ عَلَى قَلْبِكَ، 7وَقُصَّهَا عَلَى أَوْلاَدِكَ، وَتَكَلَّمْ بِهَا حِينَ تَجْلِسُ فِي بَيْتِكَ، وَحِينَ تَمْشِي فِي الطَّرِيقِ، وَحِينَ تَنَامُ وَحِينَ تَقُومُ، 8وَارْبُطْهَا عَلاَمَةً عَلَى يَدِكَ، وَلْتَكُنْ عَصَائِبَ بَيْنَ عَيْنَيْكَ، 9وَاكْتُبْهَا عَلَى قَوَائِمِ أَبْوَابِ بَيْتِكَ وَعَلَى أَبْوَابِكَ.
ومن البديهي أن من برمجوا على مقتضى ذلك الكلام بترتيله في الصباح وفي المساء لن يقبلوا بما يقوضه.
*****
كان اليهود قد غلوا في أمر عزير واعتبروه ابنا لله، تلقى هؤلاء الهزيمة على أيدي أتباع المسيح الحقيقي، محا اليهود هذه الصفحة من تاريخهم، وهي أصلا لا مكان لها في أسفارهم، ولكن العدوى كانت قد انتقلت إلى الآخرين، فزعموا أن المسيح هو ابن لله، كان هذا من باب مقابلة الغلو بغلو مثله.
وقد ظهر أتباع المسيح على من قالوا عزير ابن الله في حياتهم، كما ظهروا عليهم بانقراضهم، فلا يوجد الآن من يقول إن عزير هو ابن الله.
قام عزير بدور هائل لإحياء الدين وإتمامه وإعطائه صورته المميزة، ومن قالوا إن عزير بن الله هم اليهود في إطار غلوهم في أمره وصراعهم مع النصارى الذين قالوا إن المسيح ابن الله، وكان الانتصار النهائي للنصارى بانقراض من قالوا بذلك من اليهود.
*******
1