دائرة المعارف
حرف الحاء
الحزبان
إن حزب الله يتضمن كل من جعل ولاءه المطلق لله، وهو الذي جعل له صلاته ونسكه ومحياه ومماته ووجه إليه كل كيانه، فهو يشمل كل من آمن بالله تعالى وترسَّخ هذا الإيمان في قلبه، وهذا يعني أن الله سبحانه قد كتب في قلبه الإيمان فلن يضيع أبدا، ويولد ذلك لديه استعدادات لقبول كل أثر حسن وتلقي كل فيض من الخير، حتى إذا بلغ من التزكي والرقي قدرًا معلومًا فإنه يُؤيَّد بروحٍ من أمر الله تعالى هو مزيد من الملكات والقدرات والعلوم والوجدانيات فيكسبه ذلك مزيدًا من الاستعدادات لكل خير وبذلك يفلح في الدنيا والآخرة.
ولما كانت الصفات والملكات المتشابهة تتجاذب فإن من هو من حزب الله يوالي المؤمنين، ولا يوادّ من حاد الله ورسوله، فهذا الحزب يشمل كل من كانت صلاته ونسكه ومحياه ومماته لله رب العالمين بلا شريك، ومن كان كذلك فهو يعتصم بالله تعالى وبحبله الذي هو كتابه العزيز.
وحزب الله يضم كل من كان من مظاهر وتجليات منظومة القيم الإسلامية، وهي تتضمن مقتضيات الأسماء الإلهية في الكيان الإنساني، فعناصرها هي الصفات التي يجب أن يتحقق بها الإنسان المفلح الصالح أو الإنسان الرباني الفائق، وهي تتضمن الصفات التي أعلن الله تعالى أنه يحبها أو أثنى على المتصف بها أو من كان فعله وفق مقتضياتها أو وعده وعدًا حسنا، وكذلك الصفات التي وعد الله المتصف بها والعامل وفق مقتضياتها بمعيته الخاصة، فالمنظومة تتضمن الأخلاق والصفات والمعاني والقيم والسنن الإسلامية وكذلك الأوزان النسبية لكل عنصر ودرجات الارتباط فيما بينها.
والقيام بأركان الدين يكون بمقتضى الاتصاف بعناصر منظومة القيم الإسلامية، وهذا القيام هو أيضًا الوسيلة لاكتساب تلك العناصر ودعمها وترسيخها في الكيان الإنساني، وبالقيام بالأركان تتحقق مقاصد الدين وذلك بمعنى أن يكتسب الكيان الإنساني الصفات الإسلامية ويتطهر مما يناقضها، وبذلك يصبح كيانًا ربانيا فائقا.
فمن عناصر تلك المنظومة الصفات والأفعال الحسنة ومكارم الأخلاق ومنها:
الإيمان بالله وبأسمائه وسماته وأفعاله وشؤونه وسننه، تقوى الله، حب الله، ذكر الله، التوكل على الله، الاعتصام بالله، الثقة بالله، الولاء لله، الإخلاص لله، إسلام الوجه لله، حسن الظن بالله، الثقة بما عند الله، إجلال وتوقير وتعظيم أوامر وشعائر الله، الإيمان باليوم الآخر، الإيمان بكتاب الله، إجلال وتوقير وتعظيم كتاب الله، الاعتصام بكتاب الله-الحرص على معرفة وإجلال سنن الله، الرغبة في التزكي، الإيمان بخاتم النبيين وحبه وتوقيره وتعظيم قدره، الصبر ومنه الجلد والثبات والصمود والصبر لحكم الله والصبر في البأساء والضراء وحين البأس، التطهر، الحياء، اليقين بلقاء الله، خشية الله، احترام حقوق كافة الكيانات، إجلال القوانين والسنن، العلم، الحق، العدل، القسط، الأمانة، الاستقامة، الجدية، الجود، الكرم، الصدق، الإعراض عن اللغو، الفعالية، الإيجابية، الإحسان، الإخبات إلى الله، السماحة، الحلم، الخشوع، الحياء، الإحسان، العفو، الصفح، تعلم الكتاب، تعلم الحكمة، الصلاح، الإصلاح، الإحسان إلى الوالدين، صلة الرحم، الإصلاح بين الناس، البر، كظم الغيظ، العفة، المصابرة، المرابطة، العزة على الكافرين، خفض الجناح للمؤمنين، الولاء للمؤمنين، الإعراض عن الجاهلين، أن يحفظ حدود الله، أن يدرأ بالحسنة السيئة، صدق الوعد، صدق الحديث، ألا يتطلع إلى ما لدى الآخرين، أن يذعن للحق إذا تبين له، ألا يقبل قولاً إلا ببرهان مبين، اتباع أحسن القول، التواضع (أي ما يضاد الكبر والاستكبار)، التواصي بالحق، التواصي بالصبر، التواصي بالمرحمة، لين الجانب، رقة القلب...الخ.
والصفات التي يحبها الله عزَّ وجلَّ ويحب المتصفين بها والأعمال المترتبة عليها هي من عناصر منظومة القيم الإسلامية، وهي أيضًا ما يجب أن يكتسبها من يسعى إلى تزكية كيانه، فهي أيضا من تفاصيل ولوازم ركن التزكية، وذلك يتضمن بالضرورة التطهر مما يضادها من الصفات.
وعناصر منظومة القيم الإسلامية هي باختصار المقتضيات المعنوية للأسماء الإلهية الحسنى في الكيان الإنساني.
أما حزب الشيطان فإنهم تجسيد وتمثلات ومظاهر لمنظومة الصفات الشيطانية، وهم يكتسبون بسبب فسق وفساد نفوسهم وسوء أفعالهم كل استعداد سيئ وهذا ما يجتذب إليهم كل خلق رديء وكل سلوك سيئ، وكل آثار أفعالهم تمكِّن الشياطين منهم فيستخدمونهم ضد أنفسهم، وتتراكم على قلوبهم الآثار السيئة لأعمالهم حتى ينسوا ذكر ربهم فيزداد تمكن الشيطان منهم حتى يستحوذ تمامًا عليهم فيكونون بذلك من حزبه؛ يسيرهم كيف يشاء ويستخدمهم لتحقيق مقاصده، فهم في غفلة تامة عن الله وكتابه، وهم لا يعرفون عن الدين إلا ما يلقيه شياطين الإنس والجن عليهم، وأمثال هؤلاء سينجذبون إلى كل من حادَّ الله ورسوله وإلى كل من غضب الله عليهم.
أما من تمادى منهم في الضلال واقتراف الآثام إلى أن تتجاوز آثار أعماله حدا معلوما فسيكون شيطانا من شياطين الإنس يزين لغيره معصية ربه ويتفنن في استحداث ما يصد الناس عن دينهم.
ومن الثابت أن الشعوب المحسوبة ظلما على الإسلام تحتكر الدرك الأسفل من نار الانحطاط والجهل والتخلف والظلم والاستبداد والتسفل وانتهاك حقوق الإنسان والحيوان والنبات والجماد والاستعصاء على النهضة والمناعة ضد التقدم ...، وما ذلك إلا لسيادة وتسلط منظومة صفات شيطانية عليهم، وممن يسهر على ضمان استمرار ذلك وتكريسه منظمات شيطانية مسماة بالمؤسسات الدينية، هي كيانات طفيلية لم يتقدم أي شعب إلا بالتخلص منها أو تحويلها إلى متاحف التاريخ الطبيعي للكائنات المنقرضة.
ومن أخطر عناصر منظومة الصفات الشيطانية:
الظلم-النفاق-الشرك-الكفر-الجهل-المبالغة في تقديس السلف-اتخاذ ما هو من دون الله أربابا مع الزعم نفاقا بأنهم عباد الله-اتخاذ القرءان ظهريا مع الزعم نفاقا بأنه الأصل الأول-الإيمان بالجبرية-إهمال الأوامر القرءانية وخاصة الكبرى منها-ازدراء القوانين والسنن-الإيمان المطلق بالحياة الدنيا والكفر باليوم الآخر-الولع بالفواحش-الخضوع المطلق للمتسلطين على الأمر والذي يقابله بالضرورة الاستبداد والفساد المطلق من هؤلاء-ازدراء الملكات القلبية الذهنية والوجدانية، ومن ذلك أنهم جعلوا الإسلام الدين الوحيد الذي ليس فيه من مجال للأحاسيس الرفيعة أو المشاعر الراقية أو الأمور الوجدانية، وعندما ظهر التصوف لسد هذه الثغرة كادوا يكونون عليه لبدا.
*******
1