من هدي القرءان الكريم
سورة الحديـد
سورة الحديد 18-19
سورة الحديــد 18-19
إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (18) وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (19)
قراءة الجمهور هي {إِنَّ ٱلْمُصَّدِّقِينَ وَٱلْمُصَّدِّقَاتِ}، من التصدق، فأدغمت التاء في الصاد بعد قلبها صادا لقرب مخرجيهما، وذلك تطلبا لخفة الإِدغام وأصل الكلام: المتصدقين والمتصدقات.
وفي قراءة ابن كثير وأبي بكر عن عاصم {إِنَّ ٱلْمُصَدِّقِينَ وَٱلْمُصَدِّقَاتِ} من التصديق، فهم من صدَّقوا الرسول في كل ما جاءهم به من ربه.
والقراءتان صحيحتان.
والصدّيق بتشديد الدال مبالغة في المُصَدِّق، وإنما وصفوا بأنهم صدّيقون لأنهم صدّقوا جميع الرسل الحقِّ ولم تمنعهم عن ذلك عصبية ولا عناد.
فمن يتطلع إلى التحقق بهذه المرتبة يجب أن يؤمن بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ، وألا يفرق بين أحدٍ منهم في أمر الإيمان.
واسم الإِشارة للتنويه بشأنهم وللتنبيه على أن المشار إليهم استحقوا ما يرد بعد اسم الإِشارة من أجل الصفات التي قبل اسم الإِشارة.
***
الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ هم الذين آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ الإيمان الحقيقي، فمن آمن بالله كما تحدث عن نفسه في القرءان، ومن آمن برسله، بمعنى أنه صدق بوجودهم، وبما أُرسلوا به من الهدى والبينات، والتي ورد لها أصل في القرءان، فهم صديقون، ذلك لأنهم آمنو وصدَّقوا تصديقًا حقيقيا، وهم شهداء على أن الرسل بلغوا، كما ذكر القرءان عنهم، وهم شهداء على الأمم كما ذكر القرءان مدى ونوعية استجاباتهم لرسلهم، وهم شهداء على الأمم التي مازال لها وجود، مثل المحسوبين على الإسلام أو النصرانية أو اليهودية.
فالصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء هم العلماء من أتباع دين الحقّ الظاهر على الدين كله، وهم قلة، وهم متفاوتون فيما بينهم في المراتب.
وهناك من المحسوبين على الإسلام من لا يؤمن ببعض الرسل، ومنهم من لا يهتم أصلًا بمعرفة أحدٍ منهم، وأهل الكتاب لا يؤمنون بخاتم النبيين ولا برسالته، فلا يمكن أن يكون منهم صديقون أو شهداء، وهم إذا جاءهم البلاغ المبين ثم أصروا على التكذيب سيكونون من الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِ الله، وأُوْلَئِكَ هم أَصْحَابُ الْجَحِيم، والتعبير بأصحاب دلالة على شدة الملازمة.
*******
1